قالت المرأة لرجلٍ هرمٍ بأن يتمعّن وجهها جيدا.. كانت مرآتها قديمة، فهي أرادتْ الاحتفاظ بالمرآة، لأنها هديةٌ من جدّها المتوفي منذ زمنٍ، نظرت صوبه، وقالت ماذا ترى في وجهي؟ صمتَ الرجل الهرم، لأنه لم يرد أن يقول لها بأن وجهها مليء بالتجاعيد، رغم أنها امرأة في مقتبل العمر كانت في الثلاثينيات من عمرها، هل نظره مخادع أم لم يتمعن وجهها جيدا، لأنها دنت منه بوقاحة دون خجلٍ؟ فقالت له لماذا لا تردّ على سؤالي؟ قال لها وجهك على ما يرام، فالمرآة نفسها تقول لكِ كل شيء عن وجهكِ، لكن لماذا تسأله عن وجهها، ولم تسأله عن جسدها النحيل، فعادتْ صوبه، وقالت: في عينيكَ كلام آخر، فأنت لا تقول الحقيقة، فردّ عليها بلى، لقد قلت لكِ بأنك امرأة ساحرة ووجهك نَضِرٌ، فابتسمت له، وقالت: قول لي الحقيقة عن ملامح وجهي، فالمرآة تكذب، ولا تعكس الحقيقة إنها مرآة قديمة بدأت طبقتها العاكسة تزول رويدا رويدا، فقال لها: اذهبي للمرآة الأخرى، فقالت أحبّذ النظر في هذه المرآة، لكنني سأذهب إلى المرآة الاخرى، التي أهداني إياها زوجي المتوفي منذ عقد من الزمن، وحين نظرتْ إلى وجهها في المرآة الأخرى سرّتْ كثيرا، فالمرآة عكست وجهها الحقيقي، ولم تكن أي تجاعيد في وجهها، وعادت إليه، وقالت: لا يوجد في وجهي أي شيء غير عادي، فقال في ذاته: يبدو أن نظري كان مخادعا، لقد رأيت التجاعيد على وجهها، فيبدو أنني بتّ لا أرى مع تقدّمي في العُمر، لكنها حين دنتْ منّي اعتقدتُ بأنها امرأة هرمةٌ مثلي، فنظري خدعني هذه المرة، وأراني مضطرب فعيناي باتتا مضربتين في السنوات الأخيرة، فقالت له: لماذا أنت صامت؟ فردّ عليها: لا شيء، لكنني سرحتُ قليلا، أفكّر في الذهاب إلى المرآة لأرى نفسي، فهل فعلا هرمتُ..
بقلم/ عطا الله شاهين