نظم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يوم الأربعاء ، بمقره الرئيس بمدينة غزة جلسة حوارية بعنوان: "فرص عقد الانتخابات العامة في فلسطين في ظل الاحتلال والانقسام".
عقدت هذه الجلسة في ضوء الجدل بشأن الانتخابات العامة والذي أخذ بعداً جديداً بعد تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال كلمته أمام الجمعة العامة للأمم المتحدة، مؤخراً، أنه سيدعو لانتخابات عامة في قطاع غزة، الضفة الغربية بما فيها القدس، وسيُحمل كل من يرفضها المسؤولية، ومن ثم تكليفه د. حنا ناصر، رئيس لجنة الانتخابات المركزية، استئناف الاتصالات مع الفصائل والقوى والجهات المعنية، للتحضير للانتخابات التشريعية، على أن يتبعها بعد بضعة أشهر انتخابات رئاسية، وفق ما نشرته لجنة الانتخابات المركزية.
وتناولت الجلسة محورين أساسيين، وهما: 1) هناك موافقة من كافة القوى السياسية على المشاركة في الانتخابات؟ و2) هل تتوفر إمكانية عقد الانتخابات في القدس المحتلة وقطاع غزة في ضوء الأوضاع الراهنة؟ شارك في الجلسة ممثلون عن القوى والأحزاب السياسية، وممثلون عن لجنة الانتخابات ومنظمات المجتمع المدني، وأكاديميون، وكتاب رأي، ونشطاء شباب.
افتتح الجلسة راجي الصوراني، مدير المركز، وأشار إلى أن الحديث عن الانتخابات لم يأخذ شكلاً قانونياً حتى الآن، حيث لم يصدر مرسوم رئاسي بعقدها بعد.
وأكد على أن الانتخابات لا يمكن أن تتم إلا بتوافق وطني اجتماعي وسياسي، حيث أن الإرادة السياسية عامل حاسم لعقد الانتخابات أمر كافٍ لتذليل كل العقبات العملية والقانونية.
وتساءل عن مدى وجود قناعة لدى القوى المختلفة بأن الانتخابات هي الحل والمخرج من الأزمة السياسية الحالية التي تعصف بالمجتمع وبالقضية الفلسطينية؟
وحذر الصوارني من عقد الانتخابات دون توافق على عقدها، حيث قد يؤدي ذلك إلى اعادة دورة العنف في المجتمع.
وأشار الصوراني إلى أن الانتخابات في العام 2006 مثلت صورة حضارية شهد لها العالم، ولذا يعتقد بأن اسرائيل تحاول منع تكرار هذه الصورة الرائعة والحضارية عن الشعب الفلسطيني بكل الوسائل، ويجب أن لا يُسمح لها بذلك، ولذا أكد على ضرورة إجراء انتخابات تعبر عن الشعب الفلسطيني وحضارته وقضيته.
وقدم راسم عبيدات، كاتب وصحفي، مداخلة عبر الهاتف من مدينة القدس، أكد خلالها على أن طرح الانتخابات في هذه المرحلة قد يعمق الأزمة، لعدم وجود توافق وطني حولها. وأكد على ضرورة البدء أولاً في التوافق على القضايا الاساسية بين الفصائل، مشدداً على ضرورة الغاء اتفاقية اوسلو، والتركيز على الصراع مع المحتل الاسرائيلي وقضايا التحرر.
وشكك في النوايا خلف طرح مسألة الانتخابات في هذه المرحلة، مشيراً إلى إنها قد تكون محاولة لتجديد الشرعية للسلطة في الضفة الغربية، ومشدداً على أن التفاعل مع مبادرة الفصائل الأخيرة للمصالحة كان أولى من الدعوى للانتخابات التي شكك في أنها يمكن أن تقبل من حركة حماس، إذا لم تشمل الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني.
ومن جانبه، أكد كايد الغول، عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية، على أن الانتخابات حق للشعب الفلسطيني، وأنها أمر لازم لتجديد بنية النظام السياسي، والخروج من الأزمة الحالية وحالة التفرد بالسلطة. ولكنه شكك في أن يكون هدف الرئيس الفلسطيني هو تلبية هذا الاستحقاق، ورجح أن تكون الدعوة للانتخابات ناتجة عن ضغوط دولية.
وشدد على ضرورة أن تكون الانتخابات منطلقة من حاجة وطنية، حتى لا يتكرر ما حدث في العام 2006، عندما فرض على السلطة الفلسطينية عقد الانتخابات، وفق قوله. وتساءل الغول عن سبب اصرار الرئيس الفلسطيني على عقد الانتخابات التشريعية فقط دون الرئاسية؟، وشدد على ضرورة أن تكون الانتخابات نتاج توافق وطني، معبراً عن خشيته من أن يؤدي تجاهل ذلك إلى حالة انفصال وطني.
وأكد ممثل حركة فتح، عماد الأغا، على أن قرار الانتخابات الصادر عن الرئيس الفلسطيني جاء لحشد الدعم الدولي لعقد الانتخابات في مدينة القدس، مشدداً على أن الانتخابات مطلب للجميع، والخلاف فقط حول التفاصيل والاجراءات.
ولم ير الاغا أي مشكلة في عقد الانتخابات التشريعية ومن ثم عقد الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق، كما لم ير أي تناقض بين الدعوة للانتخابات ومبادرة الفصائل، حيث اشار إلى أنها نفسها قد دعت إلى عقد الانتخابات العامة.
وشدد في نهاية مداخلته على أن للانتخابات ثمن يجب على الجميع دفعه، حتى يتم التخلص من الانقسام الذي دفع الجميع ثمنه أيضاً، وأضاف أن ما تم التوصل إليه في اتفاقات المصالحة السابقة في عامي 2011، و2017 يجب أن تكون المدخل لعقد الانتخابات.
وأكد عائد ياغي، من حركة المبادرة الوطنية، أن الوضع السياسي التي تشهده الأراضي الفلسطينية خطير يلزمه التوحد لإجراء الانتخابات لأنها استحقاق دستوري للمواطنين ولتجديد للشرعيات.
وتساءل ياغي في ذات الوقت، أي انتخابات نريد؟ وشكك في امكانية عقد الانتخابات دون توافق وطني كما شكك في امكانية حدوث التوافق الوطني ذاته.
ورأى أن الناس يجب ان يأخذوا موقفهم للضغط على الأطراف لعقد الانتخابات، وأكد أن الحل يتمثل في دعوة قادة الفصائل للاجتماع للتوافق على الانتخابات وتشكيل لجنة وطنية للإشراف عليها.
وشدد محسن أبو رمضان، مدير المركز العربي للتطوير الزراعي، على أن عقد الانتخابات يحتاج إلى اعادة النظر في كل ما سبق، وخاصة اتفاقية اوسلو، والتي انتجت سلطة بدون سلطة واحتلال بلا كلفة.
وأكد على أن هذا الأمر أولى بالاتفاق عليه قبل الاتفاق على تفاصيل إجراءات عقد الانتخابات. وحذر من أن تتم الانتخابات دون توافق، وعبر عن خشيته من أن تكون مجرد مناورة لتكريس الوضع الحالي.
ومن جانبه أوضح أحمد المدلل، من حركة الجهاد الإسلامي، حالة الخلاف القائمة حول عقد الانتخابات، مستنكراً إهمال مبادرة الفصائل الثمانية للمصالحة من قبل الرئيس الفلسطيني. وشكك المدلل في إمكانية عقد الانتخابات في القدس، نظراً للتعنت الاسرائيلي الأمريكي، وما قامت به الولايات المتحدة من الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، بل ورأي أن السلطة في الضفة الغربية لن تستطيع تنظيم الانتخابات في كثير من مناطق الضفة الغربية.
ورأي المدلل أن إرسال لجنة الانتخابات لكي تفاوض الفصائل على عقد الانتخابات، أمر غير سليم، لأن الأخيرة هي مجرد جهة إدارية وليست صاحبة قرار سياسي وميداني على الأرض، وبالتالي لن تستطيع الاجابة عن الاسئلة التي يمكن أن تطرحها الفصائل.
وأكد في نهاية مداخلته على أن حركته مع الانتخابات، ولكن شدد على ضرورة توفير الاجواء اللازمة لإنجاح انتخابات حرة ونزيهة، حتى لا نعيد انتاج الفشل، وفق تعبيره.
وشدد طلال أبو ظريفة، من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، على ضرورة توفر إرادة سياسية لعقد الانتخابات، وهذا يحتاج في وجهة نظره إلى توضيح الكثير من الاشياء، أبرزها القانون الذي ستجرى به الانتخابات بموجبه هل هو القانون الصادر في العام 2005؟، أم القانون الذي اصدره الرئيس بقرار بقانون في العام 2007؟، مشدداً على ضرورة توحيد النظم الانتخابية، وأن تتم الانتخابات بتوافق وطني.
وأكد ابو ظريفة على ضرورة توفير الاجواء والمتطلبات اللازمة لعقد انتخابات حرة ونزيهة وشاملة للمجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني.
وأكدت مريم أبو دقة، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، أن منظمة التحرير الفلسطينية أسبق من السلطة الفلسطينية، ونحن بحاجة إلى إعادة بناء المنظمة وتقويتها. وأيدت بدورها مبادرة الفصائل الثمانية لإنهاء الانقسام.
ومن جانبهم شكك كل من الباحثين محمد التلباني، ويحيى قاعود في وجود عقبات لعقد الانتخابات، مستشهدين بعقد الانتخابات في السابق في ظل الاحتلال وبدون أن تكون رئاسية وتشريعية متزامنة أو شاملة، وأكدا أن وضع العراقيل يعني أن يبقى الوضع القائم كما هو عليه للأبد. وأيدهم في ذلك الحاضرين من شريحة الشباب، والذين عبروا عن رغبتهم الملحة في عقد الانتخاب لاختيار من يمثلهم، ويلبي طموحاتهم.
يشار بهذا الصدد أن شريحة عريضة من الشباب لم تتمكن من الادلاء بصوتها في أية انتخابات سواء عامة أو محلية، حيث جرت الانتخابات الرئاسية في الأراضي المحتلة في العام 2005، وجرت الانتخابات التشريعية في العام 2006. ويتطلع هؤلاء الشبان للتعبير الحر عن آرائهم وانتخاب من يمثلهم ويمثل طموحاتهم في الانتخابات القادمة.
وأكد الجميع في نهاية الجلسة على أهمية الانتخابات والحاجة إلملحة إليها، ولكن مع ضرورة التوافق الوطني لإجرائها لما يمكن أن تمثله من مدخل لإنهاء الانقسام واعادة الوحدة الوطنية.