تصادف اليوم الثلاثاء، 29 من تشرين أول/ أكتوبر، الذكرى الـ71 لمجزرة الدوايمة (21 كم غرب الخليل)، والتي نفذتها العصابات الصهيونية وراح ضحيتها ما يقارب الـ 170 شهيدا.
كان الحدث الأبرز في هذا اليوم هو المجزرة التي حدثت في مغارة تسمى "عراق الزاغ"، حيث كانت عشر عائلات أغلبها من عشيرتي العوامرة والقيسية قد أخذت بعض الأمتعة والأطعمة واختبأت في هذه المغادرة التي تقع في الجهة الجنوبية الشرقية من القرية على بعد لا يزيد عن كيلومتر عن طريق الدوايمة الجنوبي.
ولدى التفاف قوات الاحتلال على الطرف الجنوبي من القرية، أطلق بعض الأشخاص القريبين من المغارة النار باتجاه مصفحات المهاجمين فتنبه جنود الاحتلال إلى مصادر النيران واتجهوا نحوها فشاهدوا بعض الأمتعة، نزل بعض الجنود واتجهوا نحو المغارة وإذا بها عدد من الرجال والنساء والأطفال فأخرج الجنود الجميع من المكان إلا امرأتين اختبأتا خلف الأمتعة أمر الجنود الجميع بالاصطفاف وحصدوهم بنيرانهم وكان عدد هؤلاء 55 شخصا.
كما استشهد العشرات من أبناء القرية في الشوارع أثناء هروبهم وأكثرهم من الشيوخ والنساء والأطفال، كما أن بعض الشيوخ استشهدوا في مسجد القرية "الزاوية" وآخرون ارتقوا شهداء في بيوتهم لدى تمشيط القرية من قبل القوات الإسرائيلية خلال الأسبوع الأول من الاحتلال.
يذكر وليد الخالدي في كتابه "كي لا ننسى" أن الدوايمة خلال النكبة كانت مسرحاً لمجزرة من كبرى المجازر غير المعروفة جيداً. ويذكر المؤرخ بِني موريس أن المجزرة التي وقعت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1948، خلال عملية يوآف التي نفذها الجيش الإسرائيلي، أدت إلى نزوح سكاني كثيف عن المنطقة. وهو ينقل، عن لسان أحد الذين شاركوا في الهجوم على القرية، أن نحو 80 -100 شخص، بينهم نساء وأولاد، قتلوا جرّاء ((موجة الغزاة الأولى)). وفيما يلي مقتطفات من وصف نشرته صحيفة ((عل همشمار)) اليومية الإسرائيلية: (قتلوا الأولاد ضرباً على رؤوسهم بالهراوات. ولم يخلُ منزل واحد من قتيل... وأمر أحد الضباط زارع ألغام بوضع امرأتين مسنتين في أحد المنازل ... وتدمير المنزل وهما فيه. رفض زارع الألغام .. فأمر الضابط عندئذٍ رجاله بوضع المرأتين داخل المنزل، ونفّذ العمل المشؤوم. وقد تباهى أحد الجنود بأنه اغتصب امرأة ثم أطلق النار عليها)).
ووصف مختار القرية سابقاً، المجزرة، في مقابلة صحفية معه عام 1984: أطلق الجنود الاسرائيليون النار على كل من شاهدوه في المنازل والشوارع أيضاً. وفي الساعة العاشرة والدقيقة الثلاثين تقريباً، مرت دبابتان أمام مسجد الدراويش، وكان فيه نحو 75 رجلا مسنا جاءوا باكراً لتأدية صلاة الجمعة. تجمعوا في المسجد للصلاة، فقُتلوا جميعاً)). وذكر المختار أيضاً أنه كان ثمة نحو خمس وثلاثين عائلة تختبئ في الكهوف خارج الدوايمة، وكان بعضها فرّ من قرية القبيبة التي احتلت سابقاً. فلما اكتشفت القوات الإسرائيلية وجود هذه العائلات أمرتها بالخروج والاصطفاف، ثم البدء بالسير. وما أن بدأت السير حتى أُطلقت نيران الرشاشات عليها وأرسلنا أشخاصا في تلك الليلة فجمعوا الجثث، ووضعوها في بئر ثم دفنوها)).
ويضيف: سنة 1984 رجع المختار إلى موقع قريته، أول مرة منذ وقوع المجازر وبيّن لصحفي إسرائيلي موضع منزله سابقاً، وموقع البئر التي دفنت الجثث فيها. وبعد أيام قليلة، عاد الصحفي مع أربعة عمال، وحفروا قليلاً فاكتشفوا عظاماً بشرية بينها ثلاث جماجم، إحداها جمجمة طفل. ولم يواصلوا الحفر، وإنما أعادوا دفن العظام. يشير موريس إلى إجراء بعض التحقيقات فيما يتعلق بالمجزرة، لكنه لا يذكر النتائج التي أسفرت عنها؛ ذلك بأنها كانت في جملتها بلا طائل، وانتهت بتأديب بعض الجنود وإصدار مجموعة من القواعد التي ينبغي لجيش الاحتلال اتباعها في تعامله مع المدنيين. أما الوحدة التي ارتكبت المجزرة فقد كانت الكتيبة التاسعة والثمانين من اللواء الثامن بقيادة يتسحاق ساديه، مؤسس البلماح.
أسس الاحتلال مستوطنة "أماتسيا" عام 1955، فوق أنقاض الدوايمة، التي بلغت مساحتها (60585) دونماً حسب الوثائق الفلسطينية ووثائق الانتداب البريطاني، ويحدها من الشمال بلدة بيت جبرين ومن الشمال الغربي قرية القبيبة ومن الغرب بئر السبع ومن الجنوب والجنوب الشرقي بلدة دورا وخربها ومن الشرق بلدة إذنا .
وبحسب الباحث عباس نمر، فإن عدد سكان الدوايمة عام 1948، بلغ 4304 نسمة، وفيها (39) موقعا أثريا، منه (18 خربة)، أبرزها "خربة المجدلة" وهي أول مكان سكنه أهالي الدوايمة.