رحب مركز الميزان لحقوق الإنسان بملاحظات لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأممية على التقرير الدوري الرابع لدولة الاحتلال.
وكان مركز الميزان قد أعد تقريراً موازياً أرسله للجنة المعنية، والتي بدورها أخذت بالغالبية الساحقة من الحقائق التي ضمنها الميزان تقريره للجنة.
وفيما عبرت لجنة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن أسفها لعدم إشراك دولة الاحتلال أصحاب المصلحة في معرض إعدادها لتقريرها الدوري الرابع ولاسيما منظمات المجتمع المدني، فقد شددت على أنها تعيد تذكير الدولة الطرف بواجبها في احترام التزاماتها والتطبيق المتزامن للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في حالة نزاع أو احتلال مسلح وهو ما أكده المجتمع الدولي، ولاسيما محكمة العدل الدولية في فتواها المؤرخة 9 تموز / يوليه 2004.
وعبرت اللجنة عن قلقها العميق إزاء جملة من الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وآثارها الخطيرة على تمتع الفلسطينيين ولاسيما من سكان قطاع غزة بحقوقهم، يستعرضها البيان على النحو الآتي:
· استمرار حصار غزة وأثره العميق الذي يمس بالحق في العمل والغذاء والمياه والصرف الصحي، والصحة والتعليم، والحقوق الثقافية. وكذلك استمرار سياسة الإغلاق ونظام منح التصاريح المتعلق بسكان قطاع غزة. وطالبت اللجنة برفع الحصار والإغلاق فوراُ عن قطاع غزة
· استمرار فصل أفراد الأسرة الواحدة ومنع الأقارب من التواصل المباشر، ولاسيما وأن العديد من الأسر في الضفة الغربية - بما فيها القدس الشرقية - لديها أقارب في قطاع غزة، لا تزال منفصلة لسنوات بسبب سياسة الإغلاق التي تتبعها الدولة الطرف.
· التقارير التي تفيد بأن واحداً من كل شخصين يعيش في فقر، وأن حوالي ثلثي الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي في غزة، ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى استمرار الحصار المفروض على غزة.
· الأثر الخطير طويل الأمد لرش مبيدات الأعشاب جويا، الذي تقوم به الشركات الخاصة التي تستأجرها قوات الاحتلال في المناطق المحاذية للسياج الفاصل، على إنتاجية المحاصيل والتربة في المناطق القريبة من السياج في قطاع غزة. القيود المفروضة على وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية ومصادر المياه ومرافق الري والمصادر البحرية. وعبرت اللجنة عن شعورها بالقلق إزاء مصادرة قوارب الصيد الخاصة بالصيادين في قطاع غزة والأضرار التي لحقت بهم، مما حرمهم من سبل عيشهم.
· استمرار حرمان الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة من الحصول على المياه، مما يؤدي إلى عيشهم في مستوى ندرة المياه الشديد مع عواقبه الصحية الخطيرة.
· نقص خدمات الرعاية الصحية وتدهور مستوى جودة خدمات الرعاية الصحية في قطاع غزة بسبب القيود المفروضة على المواد ذات الاستخدام المزدوج، بما في ذلك المعدات الطبية الأساسية، وتصاعد الأعمال القتالية، الأمر الذي أجبر السكان على طلب العلاج الطبي في الضفة الغربية أو داخل الخط الأخضر. وعن استمرار إجراءات الحصول على تصاريح الخروج الطويلة والمعقدة، والتي أعاقت قدرة سكان قطاع غزة على الوصول إلى العلاج الموصى به طبياً (وهو غير متوفر في غزة) في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أو داخل الخط الأخضر.
· الزيادات الكبيرة في رفض التصاريح والتأخير في إصدارها في السنوات الأخيرة وعواقبها المدمرة، بما في ذلك وفاة المرضى الذين ينتظرون التصاريح وخضوع عدد من الأطفال لتدخلات طبية حرجة دون السماح لأي من الوالدين بمرافقهم.
· تقييد وصول الطلاب إلى التعليم في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما، نقص المرافق المدرسية وضرورة تأمين مواد البناء المحظور معظمها بموجب نظام المواد ذات الاستخدام المزدوج، والحظر الشامل المفروض على الطلاب من قطاع غزة للحصول على التعليم في الضفة الغربية منذ عام 2014، والذي يحد من وصول طلاب غزة إلى التعليم العالي على وجه الخصوص.
· استمرار عرقلة دولة الاحتلال زيارات الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة للمواقع الدينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بسبب سياسة الإغلاق التي تتبعها.
وفي ختام ملاحظاتها قدمت اللجنة مجموعة من التوصيات لدولة الاحتلال يستعرضها البيان على النحو الآتي:
1. تسهيل مرور المساعدات الإنسانية العاجلة، والحد من القيود المفروضة على البضائع والمواد المشمولة في قائمة الاستخدام المزدوج وحصرها في أضيق نطاق تتطلبه الضرورات الأمنية. كما طالبت باتخاذ خطوات فورية لتيسير حرية حركة الفلسطينيين داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، والتأكد من إزالة أي تدابير تقيد حرية حركة المدنيين والبضائع من قطاع غزة وإليه تماشيا مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وطالبت بالتوقف عن حظر وصول الفلسطينيين إلى مواردهم الطبيعية والسيطرة عليها وتطويرها.
2. إعادة النظر في قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل بهدف مواءمة القانون مع التزاماتها بموجب المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتيسير لم شمل الأسرة لجميع المواطنين والمقيمين الدائمين بصرف النظر عن أوضاعهم أو خلفياتهم.
3. مراجعة نظام تصاريح الخروج الطبي بهدف تيسير الوصول في الوقت المناسب إلى جميع خدمات الرعاية الصحية الموصى بها طبياً لسكان قطاع غزة؛ وضمان مرافقة أحد الوالدين على الأقل لجميع الأطفال المحولين للعلاج الطبي خارج القطاع. وتسهيل دخول المعدات واللوازم الطبية الأساسية وتسهيل حركة الأطباء وغيرهم من العاملين في القطاع الطبي من وإلى قطاع غزة.
4. إجراء تقييم علمي بشأن تأثيرات الرش الجوي لمبيدات الأعشاب على الفلسطينيين في المناطق المتضررة، لا سيما فيما يتعلق بتأثيره على سبل عيشهم وصحتهم وأمنهم الغذائي وبيئتهم، والاستجابة لنتائج التقييم بالشكل المناسب. كما توصي اللجنة، وإلى حين أجراء التقييم، بالكف عن الرش أخذا بالمبدأ الوقائي. وبأن تكفل الدولة الطرف تمكين المزارعين والصيادين من حرية الوصول إلى مرافق الأراضي والري، وإلى المصادر البحرية والامتناع عن مصادرة القوارب ومعدات الصيد والكف عن تقييد حركة الصيادين الفلسطينيين.
5. وقف تدمير البنية التحتية للمياه الفلسطينية واتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان حصول الفلسطينيين على مياه شرب كافية وآمنة ونظيفة.
6. ضمان أن يمارس الفلسطينيون الذين يعيشون في الأرض الفلسطينية المحتلة حقهم في المشاركة في الحياة الثقافية والدينية دون قيود غير تلك التي تتناسب بشكل تام مع الاعتبارات الأمنية على ألا تكون تلك القيود تمييزية في تطبيقها وفقاً مع المادة 15 (1) (أ) من العهد الدولي، على النحو المفسر في التعليق العام للجنة رقم 21 لعام 2009 بشأن حق كل فرد في المشاركة في الحياة الثقافية.
وفي ختام ملاحظاتها وتوصياتها أشارت اللجنة إلى أنه وفقاً للإجراء المتعلق بمتابعة الملاحظات الختامية الذي اعتمدته اللجنة، يُطلب من الدولة الطرف أن تقدم - في غضون 24 شهراً من اعتماد هذه الملاحظات الختامية - معلومات عن تنفيذ التوصيات المتعلقة بتسهيل حرية حركة الأفراد والبضائع في الأراضي الفلسطينية بما فيها من وإلى قطاع غزة.
مركز الميزان لحقوق الإنسان كرر ترحيبه بملاحظات وتوصيات اللجنة، مجددا التأكيد على أن الحصار يمثل انتهاكاً جسيما ومنظماً لقواعد القانون الدولي، بل إن تصريحات مسئول في دولة الاحتلال – نشرتها أكثر من صحيفة إسرائيلية[1]- أشارت إلى الخلفية الحقيقية لفرض الحصار على قطاع غزة، على أنه استهداف منظم للسكان على خلفية قومية لدفعهم إلى الهجرة من هذه المنطقة التي أحالتها مجموع السياسات والممارسات الإسرائيلية إلى مكان غير صالح للحياة الآدمية.
وطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والفاعل إنهاء حصار غزة وممارسة ضغط جدي على دولة الاحتلال لاحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والعمل على أخذ ما يرد في تقارير لجان الاتفاقيات ولجان التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان كأساس للقيام بواجبها في منع الانتهاكات وحماية المدنيين وملاحقة كل من يشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بعد تأكيدات هيئات الأمم المتحدة ولجانها وخبراءها المتواترة على أنها ملزمة لدولة الاحتلال.