بفعل التوتر المتكرر وتصاعد تهديدات إسرائيل

تحليل الوضع الميداني في غزة يبقى على المحك

الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لا تظهران رغبة بالدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة ،

يعتقد مراقبون فلسطينيون أن التوتر الميداني المتكرر وتصاعد تهديدات إسرائيل بعملية عسكرية واسعة يبقي الوضع في قطاع غزة على المحك من دون حلول شاملة في الأفق.

ويرى المراقبون في تصريحات منفصلة مع وكالة أنباء "شينخوا"، أن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل لا تظهران رغبة بالدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة جديدة، إلا أن تطورات الوضع الميداني المتصاعد يبقي الاحتمالات مفتوحة لمواجهة شاملة.

وارتفعت وتيرة تهديدات إسرائيل في اليومين الماضيين بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في غزة على خلفية إطلاق مسلحين فلسطينيين 10 قذائف صاروخية من القطاع على جنوب إسرائيل ليلة الجمعة الماضية.

وردت إسرائيل على ذلك بشن سلسلة غارات استهدفت مواقع تدريب عسكرية تتبع للأجنحة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي وأراضي زراعية في مناطق متعددة أدت إلى استشهاد فلسطيني وإصابة اثنين اخرين بجروح.

ويعتبر المحلل السياسي من غزة هاني حبيب، إن إسرائيل معنية بإبقاء سياسة "هدوء مقابل هدوء" في مقابل تجاهل وعودها السابقة حول جملة من التسهيلات التي جرى الاتفاق عليها عبر الوسطاء بشأن حصارها على غزة.

ويقول حبيب إن إسرائيل "تعتمد سياسة أمنية ترد من خلالها على إطلاق القذائف من قطاع غزة بضربات مدروسة، كي لا تتحول الأمور إلى مواجهة شاملة".

ويضيف أن إسرائيل "بينما تسعى إلى إدامة سياسة الهدوء، فهي تخشى من تصعيد يؤدي إلى حرب واسعة في الجنوب (الحدود مع قطاع غزة) في وقت لن يتمكن من الفوز والانتصار فيها".

وقال وزير الخارجية نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية يسرائيل كاتس بحسب الإذاعة الإسرائيلية، إن هذا التحول يقرب قرار حسم المعركة مع غزة، مضيفا "سياستنا ضد حماس واضحة، لن نسمح بعدم الهدوء في جنوب إسرائيل.

وعقد يوم أمس الأحد جلسة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية للحكومة الإسرائيلية (الكابنيت)، استمرت قرابة 4 ساعات ونصف لبحث التوتر الأخير مع قطاع غزة.

وصرح وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتانيتس بحسب الإذاعة عقب الجلسة، بأن إسرائيل ستضطر إلى خوض معركة عسكرية واسعة في قطاع غزة قبل التوصل إلى تسوية تجلب الأمن والهدوء.

في المقابل قللت حركتا "حماس"والجهاد الإسلامي القوتين الأبرز في القطاع من تهديدات إسرائيل، معتبرتين إياها "تعكس الأزمة الحقيقة التي تعيشها".

وصرح رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار بأن لدى الحركة "الآلاف من مضادات الدروع والقذائف الصاروخية المصنعة محليًا" في القطاع.

ويرى المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر أن واقع الهدوء المشوب بالحذر في غزة يخدم الفلسطينيّين والإسرائيليين معا.

وكتب أبو عامر على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن الفصائل في غزة "تريد التقاط أنفاسها، وأخذ استراحة محارب وترميم قدراتها العسكريّة، ولا تمنح الاحتلال ذريعة لتصدير أزماته إليها".

أما إسرائيل فتبدو منشغلة داخليا بأزمة سياسية ودستوريّة مستعصية على الحلّ في هذه المرحلة، وعيونها مفتوحة على الإقليم المشتعل حولها لاسيما الجبهة الشمالية سواءا لبنان أو سوريا بحسب أبو عامر.

ويعد التوتر الأخير الذي شهد القطاع الجمعة الماضية هو الأول منذ ستة أسابيع مرت بدون أحداث ميدانية كبيرة بين الجانبين، علما أنه منذ انطلاق مسيرات العودة الشعبية على الحدود الشرقية لغزة في مارس من العام الماضي أدت إلى استشهاد 313 فلسطينيا وإصابة الاف آخرين .

ويقول المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، إن "جولة التوتر التي جرت يوم الجمعة الماضية من غير المتوقع أن تكون الأخيرة هذا العام"، مشيرا إلى أن الأوضاع مرتبطة بالتطورات المرتقبة في لبنان وفي العراق وانتهاء المنحة المالية القطرية مع نهاية هذا العام.

ويشير عوكل إلى أن "إسرائيل هي من بادرت إلى التصعيد حين استخدمت قوة مفرطة تجاوزت الحدود التي اعتاد عليها الجيش الإسرائيلي في الفترة الأخيرة لمواجهة الحراك الشعبي السلمي لمسيرات العودة".

ويقول إن إسرائيل "تخوض في الضفة الغربية والقدس حربا ضروس وأشد خطورة وأكثر أهمية من الحروب أو جولات الاشتباك التي تقع بين الحين والآخر على جبهة قطاع غزة".

ويضيف أن الفصائل في غزة "لا يمكنها أن تقف صامتة إزاء الاعتداءات اليومية التي يشنها الجيش الإسرائيلي في القطاع وكذلك الضفة الغربية، بالإضافة إلى الاقتحامات اليومية على المسجد الأقصى شرق القدس".

وسبق أن شنت إسرائيل ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة، الأولى نهاية العام 2008 وبداية عام 2009، والثانية في نوفمبر 2012 وصولا إلى الهجوم الأخير صيف عام 2014.

وإلى جانب جولات التوتر المتكرر فإن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة تبقي جوهر التحرك الدولي لتهدئة الأوضاع في القطاع المحاصر إسرائيليا منذ منتصف عام 2007.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - غزة (شينخوا)