مختارات من قبائح بني إسرائيل في توراتهم (المقالة الثانية)

بقلم: عبد الحليم أبوحجاج

عبدالحليم أبوحجاج

المقالة الثانية :
(2) إبرام وزوجه ساراي يكذبان ويَعرِضان شرفهما للبيع في مصر:
   فقد حدث أنْ انحدر إبرام (إبراهيم) إلى مصر باحثاً عن الطعام، حين أجدبت أرض الكنعانيين واشتد فيها الجوع. وبينما هما على وشك دخول بلاد مصر أن أوصى أبرام زوجه ساراي (فيما بعد يتغير اسمها إلى ساره، وأبرام إلى إبراهيم) فقال لها: " إني قد علمتُ أنك امرأة حسنة المنظر، فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون: هذه امرأته، فيقتلونني ويستبقونك. قولي إنكِ أختي، ليكون لي خير بسببك، وتحيا نفسي من أجلك ". تك صح 12 : 12-13. ولما دخلا مصر، رآها المصريون فانبهروا بجمالها، وأسرعوا يصفونها لفرعون، فأرسل من يأتي بها إلى بيته، ولما رآها بهذا الحُسن وهذا الجمال الذي يأخذ الألباب ويُميل القلوب، استبقاها واستأثر بها لنفسه. فأغضب الرب، " فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امرأة أبرام. فدعا فرعون أبرام وقال: ما هذا الذي صنعتَ بي؟. لماذا لم تخبرني إنها امرأتك؟ لماذا قلت: هي أختي، حتى اخذتُها لي لتكون زوجتي؟ والآن هوذا امرأتك! خذها واذهب ". تك صح 12 : 17– 19. هذا هو أبرام المخطئ في حق نفسه وحق زوجه. ولننظر كم لوماً أنزله فرعون على رأس أبرام لأنه كذب عليه وأوشكه أن يقع في (الرذيلة) بسبب كذبه. ذلك لأن شريعة الفراعنة في ذلك العصر تُحرِّم على الرجل أن يتزوج امرأة متزوجه وزوجها حي يرزق، فهو عندهم اغتصاب ورجس دائم يُغضب الآلهة، ولكن من الممكن أن يُقتل زوجها الأول حتى تحِل للآخر، وهذا ما كان يخشاه أبرام ويخافه، فقال: هي أختي حتى يسلم من الموت. فهذه القصة تُصوِّر لنا أبرام (إبراهيم ؛ خليل الله !) كذَّاب وأناني وجبان وضعيف الإيمان بالله،  وأنه هان عليه أن يُفرِّط في عِرضه وشرفه لقاء بقائه حياً. وتتكرر تلك المراجم في توراتهم.                                          
(3) إبراهيم وزوجه يكذبان ويبيعان شرفهما للغريب - ملك جِرار:
   ذلك ما حدث في القصة التي ترويها التوراة : أن أبيمالك ملك جِرار استحسن سارة الجميلة
 امرأة إبراهيم، وحين سأله عن قرابته بها قال إبراهيم: هي أختي ليحمي نفسه من القتل، لأن شريعة مملكة جِرار في أرض الجنوب أنهم لا يضطجعون مع امرأة متزوجة  وزوجها حي، أو يقتلوه ليخلو لهم الطريق الشرعية في الزواج بها. أراد الملك أن يتخذها لنفسه، وهَمَّ بها  لولا تدخل الرب حين ظهر له في منامه وتوعَّده بالهلاك إن لم يتركها ترجع إلى زوجها، وأخبره أن سارة متزوجة وأن بعلها هو إبراهيم الذي يرافقها، فتركها الملك قبل أن يمسسها بفاحشة. " قال إبراهيم عن سارة امرأته: هي أختي، فأرسل أبيمالك ملك جِرار وأخذ سارة. فجاء الله  إلى أبيمالك في حلم الليل وقال له: ها أنت ميِّت من أجل المرأة التي أخذتها، إنها متزوجة ببعل. ولكن لم يكن أبيمالك قد اقترب إليها... فقال: ألم يقل هو لي إنها أختي، وهي أيضا نفسها قالت: هو أخي؟....(فأمره الرب ): فالآن رُدَّ امرأة الرجل، فإنه نبي، فيصلي لأجلك فتحيا، وإن كنتَ لست تردُّها، فاعلم أنك موتاً تموت، أنت وكلُّ مَن لك ".(تكوين صح 20 : 2- 7). نلاحظ أنها نفس القصة السابقة المُختلَقة على إبراهيم وزوجه سارة حين كذب كلاهما على فرعون بقوله: هي أختي، وتصديقاً له قالت: هو أخي– حسب توصية زوجها لها لينجو من الموت، لأن شريعة أبيمالك ملك الفلسطسنيين- كما هي شريعة فرعون مصر- تمنعه من الزواج من امرأة متزوجة وزوجها حي يعيش .                                      
(4) حكاية إسحاق وزوجه رفقة مع ملك الفلسطسنيين:
   ذلك أن إسحاق يذهب إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين في جِرار طلبا للارتزاق حين اشتد الجدب ومدَّ الجوع أطنابه في البلاد، وحين وصوله وزوجه إلى مملكة جِرار في جنوب أرض كنعان، رأى أهلُ المكان رفقة امرأته بهذا الجمال الفتان، فلما سألوه عنها، كذب عليهم وقال: هي أختي، لأنه خاف أن يقتلوه بسببها إذا قال إنها امرأتي، إذ كانت حسنة المنظر وجميلة الجميلات، فتركوه يسكن بينهم، وطالت إقامته . وحدث يوماً " أن أبيمالك ملك الفلسطينيين أشرف من الكُوَّة ونظر، وإذا إسحاق يلاعب رفقة امرأته (كما يداعب الزوج زوجه في خلوتهما). فدعا أبيمالك إسحاق وقال: إنما هي امرأتك ! فكيف قلت: هي أختي ؟. فقال له اسحاق: لأني قلتُ ( لنفسي): لعلي أموت بسببها. فقال أبيمالك (معاتباً): ما هذا الذي صنعتَ بنا؟. لولا قليل لاضطجع أحد الشعب مع امرأتك فجلبت علينا ذنباً. فأوصى أبيمالك جميع الشعب قائلا: الذي يمسُّ هذا الرجل أو امرأته موتاً يموت ". (تكوين صح 26 : 8 – 11) . فتركوه يعيش بينهم سالما، ولم يرتحل عنهم
إلا بعد أن اغتنى، وحمل معه الطعام، وساق أمامه قطعان الأنعام.
(5) ابنتا لوط تزنيان بأبيهما لوط وتنجبان منه:
   تحاورت ابنتا لوط فيما بينهما فـ " قالت البِكر للصغيرة: أبونا قد شاخ ، وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض، هلُمَّ نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه، فنُحيي من أبِينا نسلا. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة، ودخلت البِكر واضطجعت مع أبيها، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أن البِكر قالت للصغيرة : إني قد اضطجعت البارحة مع أبي، نسقيه خمرا الليلة أيضاً فادخلي اضطجعي معه، فنُحيي من أبينا نسلا. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة أيضاً، وقامت الصغيرة واضطجعت معه، ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها، فحبلت ابنتا لوط من أبيهما. فولدت البِكر ابناً ودعت اسمه (مؤاب)، وهو أبو المؤابيين إلى اليوم. والصغيرة أيضا ولدت ابنا ودعت اسمه (بن عَمِّي)، وهو أبو بني عَمُّون إلى اليوم ". تكوين صح19: 31–38 .
(6) رفقة تخدع زوجها إسحاق، ويشاركها يعقوب في الغش والكذب:
   عيسو ويعقوب توأمان، أبوهما إسحاق يحب عيسو ويؤثره على أخيه، وأمهما رفقة تحب يعقوب وتُفضِّلُه على أخيه. شاخ اسحاق وكلَّتْ عيناه فدعا عيسو إليه، وقال له: " إنني قد شِختُ ولستُ أعرف يوم وفاتي. فالآن خذ عُدَّتَك : جُعبتك وقوسك، واخرج إلى البرية وتصيَّد لي صيداً، واصنع لي أطعمة كما أُحب، وآتِني بها لآكل حتى تُباركك نفسي قبل أن أموت ". تك صح27 : 2-4 . سمعت رفقة ما قاله إسحاق لابنه عيسو، فلما خرج عيسو إلى البرية ليصطاد، أخبرت يعقوب بما دار بين أبيه وبين أخيه، وفكرت بحيلة لينال يعقوب بركة أبيه، فطلبت منه أن يذهب إلى الزريبة، وأن يُحضر جِديين من المعزى، ويصنع منهما طعاماً يقدمه لأبيه،  فينال بركته قبل أن يعود عيسو بصيوده. ولكن يعقوب رجل أملس بينما عيسو رجل أشعر، فقد ينكشف أمره إذا جسَّه وعرف بالحيلة؛ حينها يجلب على نفسه لعنة أبيه بدلا من بركته. ولكن رفقة حلَّت المعضلة بأن صنعت الطعام كما يحب زوجها إسحاق، " وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت ، وألبست يعقوب ابنها الأصغر، وألبست يديه ومَلاسَة عنقه جلود جَديَي المعزى، وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها " . تك صح 27 : 15 – 17. دخل يعقوب إلى أبيه الذي سأله: من أنت؟ فقال يعقوب (كاذباً): أنا عيسو بِكرك، قم اجلس لتأكل من صيدي لكي تباركني. طلب إسحاق من ابنه أن يقترب منه ليتحسَّسَه إن كان هو عيسو أم لا. " فتقدم يعقوب إلى إسحاق أبيه ، فجَسَّه وقال: الصوت صوت يعقوب، ولكن اليدين يدا عيسو ". تك صح 27 : 22 . وحين انتابه شيء من الشك ، أعاد عليه السؤال، " وقال: هل أنت هو ابني عيسو؟، فقال: أنا هو. فقال:  قَدِّم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي. فقدَّم له فأكل، وأحضر له خمراً فشرب ". تك صح27 : 24– 25 . وباركه إسحاق ودعا له أن يكون سيداً لإخوته، وقال: " فليُعطِكَ الله من ندى السماء ومن دسم الأرض، وكثرة حنطة وخمر. ليُستَعبَد لك شعوب ، وتسجد لك قبائل. كُن سيداً لإخوتك، وليسجد لك بنو أُمك. ليكن لاعنوك ملعونين ، ومباركوك مبارَكين ". تك صح27 :28-29 . وهكذا مرت الحيلة على الأب الأعمى ، فسرق يعقوب البكورية  والبركة التي هي من حق أخيه عيسو(الابن البِكر)، بالكذب والحيلة والخداع حسب تخطيط ومشاركة الأم رفقة، وحسب تلفيق كاتبي التوراة وأكاذيبهم على أنبيائهم الأقداس .اهـ .* 


للكاتب الصحفي/عبدالحليم أبوحجاج      
*****

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت