أنشودة الأحرار

بقلم: أسامة الوحيدي

أسامة الوحيدي

يعشقون الحرية عشقهم للحياة ...من اجلها امتطوا صهوة الموت يشقون طريقهم نحو حلم ضائع وامل غائب ووطن مفقود ، يعلمون ان الخطب جلل والطريق وعر والخيارات ضئيلة والحتف مؤكد ، فما كان للوهن مكان في صدورهم ولا للتقهقر مساحة في قاموس عزائمهم ، فنداء الواجب يستصرخ فيهم نخوة الشرفاء ، والثرى المخضب بدماء الشهداء يحرك فيهم ثارات الغضب في وجه من غيروا وجه الارض وزيفوا سياق التاريخ وكانوا سببا في نكبة شعب وتشرد أمة وضياع وطن . لانهم حراس الكرامة ، كتبوا علي الجرمق الفلسطيني انشودة الاحرار "هنا علي صدوركم باقون يا غزاة ..باقون كالجدار" ...لانهم تشربوا سفوح الجليل وجبال المثلث ومجد النقب وبحر غزة ، لانهم كحجارة السور في عكا لا تهزمهم العواصف ولا رياح الاقتلاع ، لانهم كتبوا علي صفحة الشمس اغنية الصمود فاشتعلت سماء فلسطين باللهب . حملوا بين ضلوعهم عشقا ازليا لكل مفردات الوطن ، وحنينا لكل ذرة تراب سلبها الطارئون علي خارطة الزمن ، فامتشقوا ارواحهم يذودون بها عن بقايا مجد وشتات كرامة ، يدافعون عن أمة تائهة أنهكها الخنوع وأقعدها الهوان وأعيتها الهزائم . كان حلمهم النصر وسلاحهم الأمل ودربهم سبيل الثوار...
ضاق الكون بهم ذرعا وهم يرقبون فلسطينهم يدنس ثراها ، وتهود مدنها وتستباح مقدساتها ، فوهبوا لها الحياة رخيصة دون تردد او استسلام . وفي لحظة سوداوية صادمة ، ساقهم القدر الي حيث لا تشتهي السفن ، فاودعوا في مقابر صممت للأحياء ، في معزل عن الشمس والقمر وحبات المطر ، بعيدون عن الحب والامل ولحن الحياة ، معازل يلفها ظلام بهيم وقيد سقيم وجدران قاتمةٍ كقلوب من شيدوها لتكون مقصلة للروح ، مفسدة للجسد ، قاهرة للإرادة .
في سجون أريد لها أن تطفيء فيهم جذوة التحدي ، وتستبدل منهم قيم النضال والصمود بمفاهيم المهانة وأكاذيب التصالح وضرورات الواقع ، ...فانهالت عليهم مخالب شرسة تغرس في أجسادهم جام حقدها وانياب ضارية تبث سمومها في وعيهم ليل نهار . فما بين ترهيب وتعذيب ، وما بين قمع وتخريب ، ما بين هدر للكرامة وسلب للحقوق ، يعيش أسرانا واسيراتنا معركة التحدي والبقاء في مواجهة أعتى قوي الشر عدة وعتادا ، واشرسها عنصرية واستبدادا ، يومهم حافل بالمعاناة وزاخر بمفردات الألم . تمضي بهم آلة الوقت موحشة ثقيلة ، تلف سياطها حول رقابهم وتوغل في لحظات عيشهم قسوة ومرارة ، سنوات طواها الالم واعياها الانتظار وارهقها الحنين ، تغيرت فيها صورهم وما تغير عشقهم لعبق الارض واريجها ، تبدلت ملامحهم وما تبدل شوقهم للحرية والانعتاق من جوف الألم وانين الموت .
اسرانا تتوه أعمارهم في زحمة العتمة وتكتوي أرواحهم بنار الانتقام ، وسلواهم في وحشة الطريق شيء من الذكرى وخيط من أمل وصورة علي جدار ، فإلي متى ستبقى الطيور حبيسة عن أعشاشها ..إلي متى غياب الروح عن الجسد إلي متى سيبقي صوت هتافهم خافتا رغم الصراخ ، فلا يسمع صدي صوتهم ولا مجيب لأنينهم .
ألم يأن لهم أن تعانق ارواحهم أجنحة الطير في سماء الوطن ، ألم يأن لهم أن تهشم قيودهم وينبلج صبحهم وتطوي هذه الصفحة السوداء في سفر وجعهم ، وإلي أن تحين هذه اللحظة ستبقى قلوبنا وعقولنا حيث هم في عرين المجد تدنو لعزتهم قامة الكبرياء. فالأرض أيها الأبطال تفخر لبطولتكم وتبرق لأمجادكم نجوم السماء ، فلتعذروني أيها القابضون على جمر الصبر إن نصحتكم بالصبر والصبر لكم كسوة ورداء ، واعذروني إن لم تنصفكم الكلمات ولم يلق بوصفكم الثناء.

بقلم : أسامة الوحيدي .

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت