أظهرت التحركات الأخيرة لإجراء الانتخابات العامة الفلسطينية أربعة قضايا إيجابية بالرغم مما يرافقها من تخوفات بالفشل. أولى هذه القضايا أن لجنة الانتخابات المركزية تقود قطار الوساطة بين الرئاسة والقوى السياسية، وهي تحوز على احترام كل الأطراف لنزاهة اللجنة المُجربة وحياديتها من جهة. وأمانة نقل الرسائل ودقتها من جهة ثانية.
والثانية أن جميع الأطراف أيقنت ان حق المواطنين باختيار ممثليهم هو الأساس في مشروعيتها، وأن الرجوع الى الشعب ضرورة. قد يكون هذا الامر خوفا من الانفجار الشعبي الذي سيطيح بهذه القوة على حد رأي البعض "شيلة بيله" أو تخوفا على مشروعية النظام السياسي للسلطة الفلسطينية أمام المجتمع الدولي أو من الانهيار وما يحمله من تبعات سياسية واجتماعية واقتصادية.
والثالثة تتعلق بدلالات عنوان البيان الذي وقع عليه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية نيابة عن الفصائل الفلسطينية من الناحية الشكلية يحمل تحول في توجه حركة حماس حيث عُنون البيان باجتماع الفصائل والقوى الوطنية الفلسطينية مع لجنة الانتخابات المركزية دون وضع عبارة "القوى الإسلامية". قد يكون له مدلولات تتعلق بانفكاك حركة حماس عن ارتباطها بالإخوان المسلمين، أي الارتباط العالمي للحركة، أو ان هذا التحول جوهري بتراجع التيار الدعوي لصالح التيار السياسي والعسكري في الحركة.
أما الرابعة تتعلق برسالة الرئيس محمود عباس الموجهة الى القوى السياسية عبر رئيس لجنة الانتخابات والتي تحمل في طياتها أمرين ذات دلالة: الأول يتعلق بالتأكيد أن اجراء الانتخابات يستند الى القانون الأساسي، والثاني يتعلق بالنظام الانتخابي النسبي، وهو ما يرغب به الرئيس في العام 2005 عند وضع المجلس التشريعي الأول لقانون الانتخابات آنذاك، الذي يريد ان يطبق في الانتخابات التشريعية القادمة ما أبقى مجالا لنقاش بعض القضايا التفصيلية المتعلقة بالعملية الانتخابية والتي قد تشكل عقبات أو تحديات أمام اجراء هذه الانتخابات.
لم تصل وساطة لجنة الانتخابات الى طريق مسدود لكن الطريق للاتفاق على اجراء الانتخابات مليء بالصعاب والهوامش المظلمة الغامضة التي تحتاج الى تذليل، وفتح ثغرات في جدار الصد، وتجاوز محاولات التعطيل بروية وبعد نظر وبتفكير ابداعي يحمل حلولا للوصول الى النجاح.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت