أكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، على أن إصدار المرسوم الرئاسي حول الانتخابات الفلسطينية قبل اللقاء الوطني لن يكون عقبة أمام إجراء الانتخابات.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده، مساء الأحد، في مكتب الحركة بمدينة غزة، عقب لقاء تشاوري عقدته قيادة حركته مع الفصائل الفلسطينية.
واستعرض هنية، المواقف التي عبرت عنها حركته منذ إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عن إجراء الانتخابات، مشيرا إلى أن حركته أجرت سلسلة حوارات مرثونية مكثفة للبحث في الموقف الفلسطيني لإجراء الانتخابات في ظل الوقت الحساس الذي تمر به القضية الفلسطينية.
وقال هنية: "أمام إصرار حركة فتح؛ وكرمال (من اجل) وطننا تنازلنا وقبلنا بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، ولم تتعاطَى السلطة، و
قبلنا بإجراء انتخابات تشريعية وتليها انتخابات رئاسية في فترة زمنية محددة".
وأضاف: "حماس تحلت بمرونة ومسؤولية وإيجابية عالية من وحي إيجابية مسؤوليتها الوطنية ومن وحي الوحدة".
وتابع: "خضنا هذا الغمار بهذه المرونة والإيجابية والمسؤولية، وأتمنى من أعماق قلبي أن نصل إلى المرحلة النهائية بالانتخابات لنتفرغ لبناء نظام سياسي وطني".
وأشار هنية إلى إن حركة "حماس" تحركت على ثلاثة مسارات المسار الأول: المسار الداخلي على مستوى الحركة والنقاشات داخلها، والمسار الثاني: على المستوى الوطني العام من خلال المشاورات مع القوى الوطنية في غزة. والمسار الثالث: الاتصالات الخارجية، حيث أجريت العديد من الاتصالات التي بحث الانتخابات، آخرها اليوم مع الرئيس أردوغان.
وأكد أن حركته والفصائل والشعب الفلسطيني يسعون إلى انجاز مشروع التحرر الوطني ودحر الاحتلال وعودة أبناء الشعب الفلسطيني إلى أرضه التي هجر منها وتحرير الأسرى، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية وبناء نظام سياسي فلسطيني قائم على مبدأ الشراكة في كل المستويات.
وشدد على انهم يتطلعون أن تحقق الانتخابات ثلاثة أهداف وهي: أن تكون رافعة للمشروع الوطني الفلسطيني، وان مخرج من المأزق الراهن الذي تمر به القضية الفلسطينية، ومدخل لتحقق المصالحة، وأن تكون رافعة لتوفير عناصر القوة والصمود لأبناء الشعب الفلسطيني لمواجهة الأخطار التي تحدق بالقضية والتهديدات الإستراتيجية التي تمر بها القضية الفلسطينية والعمل بكل قوة وبشكل قطعي لاسقاط ما يسمي بـ "صفقة القرن".
واستعرض هنية مواقف الحركة حول قبول الانتخابات، مشيرا الى ان حركته سعت الى التعامل مع هذه القضية بايجابية مرونة عالية وتنازلات من أجل فتح الباب واسعا لان تنطلق هذه الانتخابات وتحقق أهدافها.
وقال: "اليوم ونحن نتكلم بهذه الايجابية هو تأكيد على أن حماس تتحرك على قاعدة ثابتة تؤمن بها وهي أننا كشعب لابد أن نكون موحدين."
وأشار هنية على أن هناك متطلبات لإجراء الانتخابات، أولها أن تجرى بالضفة والقدس وغزة بشكل لا يقبل التأويل، وبشكل لا يقبل المناورة، تحديداً في القدس، وإطلاق الحريات بالضفة متطلب لإجراء الانتخابات، وتحييد المحكمة الدستورية التي تشكلت خلال الانقسام والتي قررت حل المجلس التشريعي، ومعالجة قضية المجلس التشريعي الحالي.
وبشأن المحكمة الدستورية شدد هنية على أنه "من الصعب أن تبقى المحكمة الدستورية سيفاً مشرعاً أمام الانتخابات".
وطالب هنية باحترام نتائج الانتخابات، مؤكدا أن حركته ستحترم نتائج الانتخابات، وواثقة بخيار الشعب، مؤكدا على الانتخابات فرصة لتصويب المسار وإنهاء الانقسام.
وقال: "يجب احترام نتائج الانتخابات، لأن انتخابات 2006 وقعت بين فكي كماشة، بين الرفض الداخلي وبين الرفض الخارجي، وما يهمنا أن يكون هناك موقف واضح ثابت أن نتائج الانتخابات ستحترم أيا كانت.
وأضاف: "لا تنازل عن القدس قيد أنملة، ولا تراجع عما كانت عليه الانتخابات عام 2006 وعام 1996. وإذا رفض الاحتلال إجراء الانتخابات في القدس فعلينا أن نجعل القدس عنوان اشتباك سياسي مع العدو، وأن نفضحه أمام العالم."
وفي 28 تشرين أول/أكتوبر المنصرم، أعلنت "حماس"، في بيان لها، أنها أبلغت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية بجهوزيتها الكاملة للمشاركة في الانتخابات التشريعية.
وكان وفد من لجنة الانتخابات برئاسة حنا ناصر، قد وصل القطاع في 27 تشرين أول/أكتوبر الماضي، في زيارة استمرت ثلاثة أيام.
وعقد وفد اللجنة آنذاك، اجتماعاته مع حركة "حماس" وبقية الفصائل الفلسطينية، تباحثوا خلالها حول إجراء الانتخابات التشريعية أولا على أن يتبعها الانتخابات الرئاسية، بفارق زمني لا يزيد عن ثلاثة أشهر، حسب بيان سابق صدر عن اللجنة.
وأجريت آخر انتخابات رئاسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 2005 وفاز فيها الرئيس الحالي محمود عباس، بينما أجريت آخر انتخابات تشريعية سنة 2006، وفازت فيها كتلة حركة "حماس".
نص كلمة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خلال مؤتمر صحفي عقب لقاء قيادة الحركة بالفصائل الفلسطينية للتشاور حول الانتخابات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.
في هذا المساء المبارك أوجه التحية لكل أبناء شعبنا الفلسطيني في القدس والضفة وغزة والمنافي والشتات، وأحيي أهالي الشهداء، والأسرى الأبطال، والجرحى الميامين، كما أوجه التحية والتقدير لكل الفصائل الفلسطينية التي دخلت في حوارات ماراثونية، ومشاورات مكثفة خلال الأيام القليلة الماضية للبحث في الموقف الوطني الفلسطيني من إجراء الانتخابات في ظل هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي يمر بها شعبنا وتمر بها قضيتنا.
كما أوجه التحية للأخ الدكتور حنا ناصر، واللجنة المركزية للانتخابات التي وصلت إلى قطاع غزة مرارا، وعبرت بمسؤولية ومهنية عالية عن رغبتها الحقيقية في أن تدير انتخابات فلسطينية وطنية في ظل توافق وطني، وفي ظل توفير كل الضمانات التي تصلح لأن تكون انتخابات حرة ونزيهة ونظيفة وسالمة من أي عيوب سياسية أو مهنية أو أمنية.
كما أوجه التحية لكل وسائل الإعلام التي واكبت هذه الحركة التشاورية منذ اليوم الأول، وحتى الاجتماع الذي انقضى قبل قليل على هذه التغطية الوطنية المسؤولة، وهذه المواكبة التي تعبر عن أن قضية الانتخابات هي قضية تهم كل إنسان وطني وعربي وحر وغيور ومهتم أيضًا بالقضية الفلسطينية بشكل أو بآخر.
موقف الحركة من المشاورات الوطنية
وأنا أريد حقيقةً أن أعرض لموقف الحركة من هذه المشاورات ومن هذه التطورات بما فيها اجتماعاتنا مع الدكتور حنا ناصر، والرسالة التي وصلتنا عبر الدكتور حنا ناصر نقلًا عن الأخ أبو مازن فيما يتعلق برؤيته وتصوره لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ثم بعد ذلك الذي جرى خلال لقاء الفصائل هذا اليوم، والذي جاء تتويجًا واستمرارًا للمشاورات التي أجريناها خلال الفترة الماضية، والمستجد في لقاء اليوم هي ورقة تقدمت بها حركة المبادرة الفلسطينية التي يرأسها الأخ الدكتور مصطفى البرغوثي، هذه الورقة جاءت من وحي المشاورات والنقاشات التي أجرتها الفصائل الوطنية الفلسطينية خلال الفترة الماضية، وتم النقاش والحوار حول هذه الورقة؛ نحن من وجهة نظرنا كحركة حماس بعد إذ نعبر عن شكرنا وتقديرنا للدكتور مصطفى ولإخواننا في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، نرى بأن هذه الورقة يمكن أن تمثل أساسًا يبنى عليه، ويمكن أن تشكل مدخلًا جيدًا لتوافق وطني فلسطيني، ولتوفير الضمانات اللازمة لإجراء الانتخابات المزمع عقدها إن شاء الله في الوقت الذي يتم الاتفاق عليه.
أريد هنا أن أقول في مدخل حديثي عن موقف حركة حماس إننا نحن ننطلق من أسس واضحة وأسس ثابتة، أولها أننا نسعى كشعب وكفصائل وكمقاومة فلسطينية إلى إنجاز مشروع التحرر الوطني، إلى دحر الاحتلال، إلى استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية في كل أرضنا الفلسطينية، في القدس المحتلة، وعودة أبناء شعبنا الفلسطيني إلى أرضهم وديارهم التي هجروا منها، وتحرير أسرانا من سجون الاحتلال الصهيوني.
ثانيا نسعى في هذه المرحلة بكل مسؤولية وبكل قوة إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني إلى تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، إلى استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإلى بناء نظام سياسي فلسطيني قائم على مبدأ الشراكة في كل المستويات؛ بدءًا من القيادة الوطنية الجامعة الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، مرورًا بمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وأيضًا بالتوافق على برنامج وطني واستراتيجية وطنية نستطيع أن نعبر من خلالها إلى تحقيق أهدافنا في الحرية وفي العودة وفي الاستقلال، من هذا المنطلق نحن نظرنا إلى فكرة الانتخابات التي يجري الحديث عنها خلال هذه الأيام.
نحن نرى أن هذه الانتخابات التي كان يجب أن تجرى في ظل مصالحة وطنية فلسطينية، في ظل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، في ظل الاتفاق على إجرائها في كل مستوياتها؛ رئاسية وتشريعية ومجلسًا وطنيًا فلسطينيًا؛ نحن نرى بأن هذه الانتخابات يمكن أن تحقق لنا الأهداف الثلاث التالية.
أولا: أن تشكل رافعة للمشروع الوطني الفلسطيني، ومخرجًا من المأزق الراهن الذي تمر به الحالة الوطنية الفلسطينية الداخلية.
ثانيا: أن تكون مدخلًا لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
ثالثا أن تكون رافعة لتوفير عناصر القوة والصمود لأبناء شعبنا الفلسطيني لمواجهة الأخطار التي تحدق بالقضية، والتهديدات الاستراتيجية التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية، وفي مقدمتها العمل بكل قوة وبشكل قطعي ونهائي إلى إسقاط ما يسمى بصفقة القرن وكل تداعياتها التي طالت القدس، أو اللاجئين، أو الجولان، أو الاستيطان، أو الحصار المفروض على قطاع غزة.
من هذه الأهداف سعينا إلى التعامل مع هذه القضية بإيجابية وبمرونة عالية وبمسؤولية وطنية وبتنازلات من أجل فتح الباب واسعًا لأن تنطلق هذه الانتخابات وأن تحقق الأهداف المرجوة على هذا الصعيد.
هذه المرونة -أبناء شعبنا الفلسطيني، إخواني وأخواتي- هي منطلقة من الأدبيات السياسية التي نؤمن بها، وأيضا منطلقة من موروث، ومن مواقف سابقة للحركة عبرت عنها الحركة في أكثر من محطة، وفي أكثر من اتجاه.
أذكر على سبيل المثال في 2005 كان هناك اتفاق في القاهرة حماس قبلت بأن تتعاطى وأن تكون جزء أساس من الحوارات المتعلقة بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس سياسية وإدارية جديدة.
في سنة 2011 وقعنا على اتفاق القاهرة الذي تناول خمسة ملفات بما فيها تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، ومن قبل باتفاق مكة أيضا، نحن قبلنا بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وليس بالضرورة أننا كأغلبية هو أن نشكل الحكومة وحدنا، وهذه حق دستوري، وحق قانوني، ولكن قبلنا أن نتعاطى مع فكرة بناء حكومة وحدة وطنية.
في سنة 2014 بناءً على اتفاق الشاطئ الذي وقع في الشاطئ في بيتي؛ نحن أيضا تنازلنا عن رئاسة الحكومة لصالح تشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة الأخ الدكتور رامي الحمد لله.
في سنة 2017 وضمن أيضا هذه المرونة والمسؤولية الوطنية التي عبرنا عنها في كل المحطات السابقة أيضا قمنا باتخاذ قرار بحل اللجنة الحكومية الإدارية التي كانت تتابع وتشرف على العمل الحكومي في قطاع غزة.
وبموجب هذا الاتفاق سلمنا المعابر، سلمنا الجباية، سمحنا بعودة الآلاف من الموظفين المستنكفين إلى أعمالهم وإلى وظائفهم، وأيضا قبلنا بأن ندخل في حوار من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية مجددًا لنستعيد الحالة الوطنية الفلسطينية الداخلية.
اليوم ونحن نتكلم عن الانتخابات بهذه المرونة وبهذه الإيجابية وبالسياق الذي سأعرضه على أبناء شعبنا الفلسطيني هو تأكيد أن حركة حماس تتحرك على قاعدة ثابتة تؤمن بها؛ هي أننا كشعب لا بد أن نكون موحدين في مواجهة الاحتلال، وأن هذه المرحلة تستوجب دائما من الكبار أن يتعاملوا بدرجة عالية من الشفافية والمسؤولية، والمسؤولية الوطنية من أجل التصدي للأخطار الحقيقية والتهديدات الحقيقية التي تتعرض لها قضيتنا الفلسطينية.
موضوع الانتخابات
وهنا في موضوع الانتخابات، الحقيقة أبناء شعبنا الفلسطيني في البداية أريد أن أشير بأن الموقف الوطني العام كان مرتكزًا على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، أي انتخابات متزامنة، أمام إصرار الإخوة في حركة فتح.
وكرمال هالوطن، كرمال وطننا الغالي علينا؛ نحن تنازلنا وقبلنا بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة.
لما لم تتعاطَ السلطة الفلسطينية مع هذا المطلب الوطني بشكل أيضًا جيد، وكرمال وطننا، ومن أجل تحقيق اختراق جدي وحقيقي على هذا الصعيد؛ قبلنا بإجراء انتخابات تشريعية وتليها انتخابات رئاسية في فترة زمنية محددة.
اليوم نحن حينما نقدم هذه التنازلات، حينما نبدي هذه المرونة، هو من أجل شعبنا الفلسطيني، من أجل قدسنا، من أجل أسرانا، من أجل الأجيال الفلسطينية التي تتطلع إلى إنهاء هذا الانقسام البغيض.
كرمال وطننا نحن قدمنا هذه التنازلات، أبدينا هذه التنازلات، أبدينا هذه المرونة من سنة 2005 إلى هذه اللحظة التي نقف فيها أمام أبناء شعبنا الفلسطيني الآن.
حتى على مستوى القانون الانتخابي؛ هناك شيء واضح ونص واضح في اتفاقية القاهرة، أن القانون هو القانون المختلط (75 نسبي) و (24 دوائر)، ومع ذلك حينما جرى الحديث عن التمثيل النسبي، وأن رسالة الأخ أبو مازن نصت على أن الانتخابات تجرى على أساس التمثيل النسبي الكامل، كرمال وطننا قلنا بأن هذه لن تكون عقبة أمام الانتخابات، ولن تكون سببًا لتعطيل انطلاق الانتخابات وفق ما تم الحديث عنه مؤخرا.
حتى فيما يتعلق بالاجتماع الوطني؛ بالبداية هناك إجماع وطني على أن الاجتماع الوطني يجب أن يكون على مستوى الأمناء العامين، ولكن هذا الأمر لم يتم الاستجابة له، كرمال وطننا قبلنا بأن يكون الاجتماع على مستوى الإطار القيادي المؤقت، لم يتم الاستجابة له، كرمال وطننا أيضا قبلنا بأن يكون هناك اجتماع قيادي مقرر للبحث في الضمانات والأسس التي يمكن أن توفر النجاح للانتخابات، ويمكن أن تبحث بالمسار الوطني العام في ظل التحديات الكبيرة التي يمر بها شعبنا وتمر بها قضيتنا
اليوم وحسب ورقة الأخ أبو مازن، هناك توجه أو إصرار على أن يكون المرسوم الرئاسي للانتخابات يسبق الاجتماع الوطني المقرر؛ أيضا كرمال وطننا ومن أجل شعبنا نحن نقول إن هذه قد لا تكون عقبة أو سببًا من أسباب تعطيل الانتخابات إذا ما تم الاتفاق على الأسس والضمانات التي يجب أن تتوفر لهذه الانتخابات.
ما أريد أن أخلص إليه من خلال هذه النقطة هو أن حماس تحلت بمرونة وبمسؤولية وبإيجابية عالية هي من وحي مسؤوليتها الوطنية وشراكتها في مشروع التحرير والعودة، وأيضا هي من وحي النقاشات والمشاورات التي أجرتها الفترة الماضية بحضور الفصائل الوطنية الفلسطينية كافة.
متطلبات نجاح الانتخابات
الآن ما الانتخابات التي نريدها؟ ما هي متطلبات نجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية وصولا إلى إجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني؟
لا شك بأن أي انتخابات حتى تنجح وحتى تعبر عن إرادة وطنية جامعة لا بد أن يكون لديها آفاق ويتوفر لديها متطلبات:
المتطلب الأول هو أن تجرى الانتخابات في كل من الضفة والقدس وغزة بشكل لا يقبل التأويل، وبشكل لا يقبل المناورة تحديدا في موضوع القدس.
وإذا الاحتلال الصهيوني يرفض ويتمنع إجراء الانتخابات في القدس فنحن كشعب فلسطيني وكل فصائلنا يجب أن نجعل القدس هي عنوان اشتباك سياسي مع هذه العدو، يجب أن نفضح هذا العدو أمام العالم، ويجب أن نصر جميعنا كشعب فلسطيني وكقيادات فلسطينية على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس والضفة وغزة على حد سواء.
المتطلب الآخر هو توفير الحريات اللازمة لإجراء هذه الانتخابات؛ لأن الانتخابات أحد متطلباتها هو أن يتمتع المشاركون في الانتخابات بالحرية الكاملة من أجل أبناء شعبنا ومن أجل تأمين انتخابات معبرة عن حقيقة أبناء الشعب الفلسطيني وتوجهاتهم سواء لهذا الطرف أو لهذا الطرف، ونحن نقول بأن هناك تحديًا كبيرًا على هذا الصعيد، تحديدا في الضفة الغربية؛ لأن الضفة الغربية تئن تحت قوات الاحتلال الصهيوني وتدخله السافر في الأرض الفلسطينية، وفي الضفة الغربية، وأحيانا تدخله في العملية الانتخابية كما يجري أحيانا في انتخابات الجامعات الفلسطينية أو النقابات المهنية التي تجرى هناك.
لذلك لا بد أن يكون هناك حرية أن تتوفر النزاهة، والشفافية، والعدالة، والمساواة لهذه الانتخابات.
المطلب الثالث هو ضرورة أن نحترم نتائج الانتخابات، لأن انتخابات 2006 وقعت بين فكي الكماشة، بين الرفض الداخلي للتعامل مع نتائج الانتخابات، وبين الرفض الخارجي، نحن ما يهمنا كفلسطينيين هو أن يكون هناك موقف واضح إيجابي ثابت من أن نتائج الانتخابات ستُحترم أيًا كانت هذه النتائج.
نحن في حركة حماس من الآن أؤكد أن الحركة سوف تحترم خيار شعبنا، وسوف تحترم صناديق الاقتراع، وسوف تذلل كل العقبات التي تقف أمام هذا الموضوع، ونحن واثقون بأن الشعب الفلسطيني بوعيه وبما يملك من قراءة دقيقة للواقع الفلسطيني الداخلي وللتحدي مع الاحتلال الصهيوني؛ خياراته واضحة، ونحن لسنا قلقين مطلقًا من خيارات صندوق الاقتراع لأبناء شعبنا الفلسطيني.
أيضا من متطلبات نجاح هذه الانتخابات هو تحييد المحكمة الدستورية، المحكمة الدستورية تم تشكيلها في ظل الانقسام الفلسطيني، الخطورة في المحكمة الدستورية أنها هي التي قررت حل المجلس التشريعي الحالي المنتخب من أبناء شعبنا الفلسطيني، بما مثل تعديًا صارخًا على السلطة التشريعية، بل تعديًا صارخًا على إرادة الناخب الفلسطيني.
صعب إذًا أن تبقى المحكمة الدستورية كسيف مشرع أمام الانتخابات القادمة، وأمام صناديق الاقتراع، وأمام أيضا إرادة الناخب الفلسطيني.
ومن متطلبات أيضا نجاح هذه الانتخابات ضرورة معالجة قضية المجلس التشريعي الحالي على أساس القانون الأساسي، بحيث أن لا يُحرم النواب نواب الشعب الفلسطيني من حقوقهم الدستورية وحقوقهم المعنوية والاعتبارية، لا يعقل إطلاقا النائب الفلسطيني المنتخب من أبناء شعبه أن يكون في نهاية الشهر بلا راتب، أن يكون في عمل لا يتساوى مع طبيعة أنه نائب فلسطيني منتخب في ظل المجلس التشريعي الفلسطيني.
لذلك إذا أردنا أن نذهب إلى الانتخابات الثالثة بالتأكيد يجب أن نعالج موضوع المجلس التشريعي الحالي.
هذه القضايا التي أعرضها؛ أعرضها كمتطلبات ضرورية، وأنا من خلال مشاركتي في الاجتماعات التي عقدت عندنا هنا في قطاع غزة، والتي عقدت في الخارج، وأيضا في الضفة الغربية، والتي نسمعها حتى من إخواننا في حركة فتح ومن السلطة بأن معظم هذه المتطلبات هي منطقية وصحيحة وسليمة، ولا بد من أن تتضافر الجهود من أجل توفيرها للناخب الفلسطيني، بل للبيئة الوطنية الفلسطينية لإنجاح هذه الانتخابات التشريعية والرئاسية التي نحن بصددها في المرحلة القادمة.
ختاما أقول لكل أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن وفي المنافي وفي الشتات: هذه محطة، وهي محطة تمثل فرصة وتحدِ، فرصة لأن تفتح الباب لإعادة الاعتبار للوضع الفلسطيني الداخلي، ولتصويب المسار، ولإنهاء الانقسام، وأيضا تحدٍ ومعركة مع الاحتلال الصهيوني خاصة في موضوع القدس، لا تنازل عن القدس قيد أنملة، ولا تراجع عمّا كانت عليه الانتخابات في سنة 2006 وكذلك 1996.
ثلاثة مسارات
أنا أريد أن أشير إلى أن اهتمامنا بهذه المحطة وإدراكنا للمسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعا خلال الفترة القادمة؛ نحن تحركنا في حركة حماس على ثلاثة مسارات:
المسار الأول هو المسار الداخلي على مستوى الحركة، النقاشات التي جرت في مؤسسات القيادة في غزة، وفي الضفة، وفي الخارج من خلال المكتب السياسي للحركة الذي حدد هذه التوجهات التي أشرت إليها، وهذه الرؤية وهذه المرونة في التعامل مع الانتخابات المزمع انعقادها.
المسار الثاني هو على المستوى الوطني العام من خلال المشاورات التي أجريناها مع جميع الفصائل الوطنية الفلسطينية، وإجراء المشاورات في قطاع غزة؛ هي أيضًا امتداد لمشاورات تجرى أيضا عند الفصائل في الضفة الغربية، وأيضا مشاورات تجرى مع فصائلنا في الخارج، ولعلكم تابعتم أيضا بأن هناك بيانات صدرت عن فصائل التحالف الفلسطيني المتواجدة في الخارج بشأن هذه الانتخابات ورؤيتها المتطابقة مع رؤية أبناء شعبنا ورؤية الفصائل الفلسطينية وامتداداتها في الضفة الغربية وفي الداخل وفي قطاع غزة على وجه العموم.
المسار الثالث الذي تحركنا فيه هو الاتصالات الخارجية؛ حيث أجريتُ خلال الفترة الماضية سلسلة من الاتصالات مع العديد من الدول، كان آخرها اليوم اتصال مع السيد الرئيس أردوغان رئيس تركيا، وكل الدول التي تحدثنا معها بشأن هذه الانتخابات عبرت عن ارتياحها لهذا الموقف الفلسطيني، عبرت عن تمنياتها بنجاح هذه المحطة، وعبرت أيضا عن استعدادها بأن تكون مشاركة في تذليل العقبات، وفي الرقابة أيضا على هذه الانتخابات التي نحن بصددها.
اليوم ونحن نعبر عن هذا الموقف، وأنا أتكلم عن هذا التسلسل في التنازلات المتعلقة، سواء كان بطبيعة الانتخابات، أو بالقانون الانتخابي، أو بطبيعة الاجتماع الذي نحن بصدده؛ أنا أقول كل هذا الأمر نحن نعمله كرمال الوطن، وكرمال شعبنا الفلسطيني، وكرمال القدس، وكرمال اللاجئين، وكرمال الأسرى، وكرمال الوحدة الوطنية الفلسطينية.
نحن خضنا هذا الغمار بهذه المرونة، وبهذه الإيجابية، وبهذه المسؤولية، وأتمنى أتمنى من أعماق قلبي بأن نصل إن شاء الله للمحطة النهائية في هذه المرحلة للانتخابات حتى نتفرغ كلنا لبناء نظام سياسي قوي، وأيضًا نتفرغ للبحث والحوار الوطني في إنقاذ مشروعنا الوطني، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل كل أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن وفي المنافي وفي الشتات.
هذه تمنياتنا وليست تمنياتنا والتزاماتنا أيضًا ومسؤوليتنا الوطنية.
والسلام عليكم ورحم الله وبركاته