(1) اعلان الاستقلال والدولة
يصادف اليوم الذكرى الواحد والثلاثون لإعلان وثيقة الاستقلال في الخامس عشر من تشرين ثاني/ نوفمبر 1988. هذا الإعلان حمل في طياته أمرين هامين يتعلقان؛ أولا: بوحدة القوى السياسية لحظة الإعلان في قاعة انعقاد المجلس الوطني في لحظة قراءة الرئيس الخالد ياسر عرفات جملة "اعلان قيام دولة فلسطين" التي قوبلت بتصفيق حاد في القاعة من قبل جميع القوى السياسية المشاركة في منظمة التحرير على اختلاف توجهاتها السياسية والفكرية. وثانيا: بالتصاق ما بين الفعل المقاوم "الانتفاضة" في الأرض المحتلة (أي القيادة الميدانية للثورة) وما بين القيادة السياسية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية في الشتات.
شكلت وثيقة الاستقلال تحولا جوهريا في الفكر السياسي الفلسطيني بالانتقال من تصفية الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية الى انهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967، هذا التحول ناجم عن فهم عميق للتطورات السياسية التي فرضتها تعقيدات القضية الفلسطينية فلسطينيا وعربيا ودوليا. لكن المشكلة في ظني لم تكن في الفكر أو المنهج التحليلي للتطورات السياسية انما في التطبيق وفي تجسيد ما تضمنته الوثيقة من منهج سياسي ومبادئ حاكمة وقواعد حكم وآليات عمل سياسية وميدانية للوصول الى الاستقلال الناجز وتجسيد الدولة واقعا على الأرض وليس فقط في أروقة الأمم المتحدة على اهميتها.
(2) انقسام المقاومة
أظهر العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة استفراد الحكومة الإسرائيلية بحركة الجهاد الإسلامي، مع بقية القوى المسلحة الصغيرة، دون مشاركة حركة حماس القوة العسكرية الرئيسية في قطاع غزة؛ على ما يبدو رغبة منها بالاستمرار في الحكم من جهة، وتجنيب قياداتها وكوادرها خطر الاغتيال من جهة ثانية.
إن نجاح الحكومة الإسرائيلية بتطبيق المنهج الاستعماري "فرق تسد/ تسيطر" ينذر بانقسام قوى المقاومة في قطاع غزة ميدانيا وانعدام الفائدة من الغرفة المشتركة لها من ناحية، وتغيير في طريقة تعامل "الموازنة" حركة حماس ما بين الحفاظ على الحكم في قطاع غزة ومواجهة العدوان الإسرائيلي من ناحية ثانية، وتغيير جوهري في نظر المواطنين والقوى السياسية التي لديها مجموعات مسلحة "كتائب" من حركة حماس من حركة مقاومة الى حزب حاكم يحافظ على السلطة "power"؛ هذا التغيير قد ينحو باتجاه التمرد على الحكم السائد في القطاع إما بتقرير المواجهة مع الاحتلال كإطلاق صواريخ وقذائف أو المواجهة الداخلية معها سواء مواجهة شعبية أم مسلحة من ناحية ثالثة، والتغيير الأهم على ما يبدو تضرر علاقة حماس السياسة في قادم الأيام، مع ايران والقوى الموالية لها كحزب الله، خسران الدعم العسكري منها نتيجة تخليها عن أحد قوى المشاركة في تحالف الممانعة وقوى المقاومة.
جهاد حرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت