قدّم «مجلس شورى النهضة» الإسلامية (11/11)، رئيس الحركة راشد الغنوشي كمرشّح لتقلّد منصب رئاسة البرلمان، مع تمسكّه أيضاً بأن يكون رئيس الحكومة المقبلة من صفوف النهضة أيضاَ. في حين دعا بعض أعضاء مجلس الشورى إلى التنازل عن رئاسة الحكومة، وفتح آفاق جديدة للحوار مع الأحزاب السياسية.
وقدّم حزب «قلب تونس»، الفائز بالمرتبة الثانية برصيد 38 نائباً، النائب رضا شرف الدين لخوض غمار المنافسة على هذا المنصب الهام، واشترط شخصية مستقلة بخلفية اقتصادية لقيادة الحكومة، بعد أن رفض سابقاً الدخول في أيّ تحالف مع النهضة، واتهمها بالوقوف وراء سجن رئيسه نبيل القروي، بتهم تتعلق بـ«غسل أموال وتهرب ضريبي» خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.
وربط محللون بين المداولات الدائرة بين الأحزاب التونسية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وبين قضية رئاسة البرلمان، مرجّحين أن تستخدم الأخيرة كـ«ورقة ضغط» هامة تلعبها الأحزاب المعنية، لتمرير مقترحاتها وتحسين شروط التفاوض بشأن كيفية اقتسام وتوزيع الحقائب الوزارية.
وقد جاء تصريح مرشح حزب «التيار الديمقراطي» لرئاسة البرلمان، غازي الشواشي، ليؤكد هذه الحقيقة، حيث أشار بالفم الملآن إلى أن حزبه قد يعيد النظر بشأن ترشّحه لرئاسة البرلمان، في حال وجود توافقات على صلة بتشكيل الحكومة. وشدّد على أنه في حال قبول النهضة بشروط التيار الديمقراطي؛ المتمثلة في منحه وزارات الداخلية والعدل والإصلاح الإداري واختيار شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة والاتفاق على برنامج حكومي، فإن التيار سيسحب ترشّحه لرئاسة البرلمان وسيدعم مرشح حركة النهضة راشد الغنوشي.
مساومات سياسية حائرة!
ويعرب كثير من المحللين عن اعتقادهم أن «النهضة» ستميل، أو ترضخ في نهاية المطاف، إلى تفضيل الحصول على رئاسة البرلمان، وليس القتال بدون جدوى من أجل «تثبيت حقها»، كما يقول بعض قادتها، في أن يكون رئيس الحكومة المقبلة من داخلها، بصفتها «صاحبة المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية برصيد 52 مقعداً».
ويرى هؤلاء أنه على رغم تمسّكها حتى الآن بذلك، إلا أنها وجدت نفسها في «مأزق»، بالنظر إلى رفض العديد من الأحزاب مشاركتها الحكم تحت قيادتها. ولاحظ المحللون أنّ أغلب الأطراف السياسية التي اجتمعت مع النّهضة أكّدت رفضها اختيار رئيس حكومة من صفوفها، باستثناء «ائتلاف الكرامة» المحافظ الذي لم يُعارض ذلك.
وأضاف المحللون أنّ الأحزاب تخشى من التحالف مع النهضة «خشية أن يجرّ عليها ذلك تراجع شعبيتها ومصداقيتها السياسية»، كما حصل مع الأحزاب التي فعلت ذلك سابقاً، ومنها «نداء تونس» الذي كان الحزب الأكبر في الانتخابات السابقة.
ومما قد يدفع «النهضة» إلى التنازل عن رئاسة الحكومة، خشيتها من الفشل في تشكيل الحكومة ضمن المهلة الدستورية، (هنا يلاحظ المراقبون أن الحزب الإسلامي أثبت فشله في الحكم طيلة ثماني سنوات
ولم يقدر على تحقيق النجاح في أيّ مجال يذكر). ما يعني أن يكلف الرئيس التونسي قيس سعيّد «من يراه صالحاً» لتشكيل الحكومة الجديدة، أو الذهاب نحو «مغبّة» إعادة الانتخابات.
وإلى ذلك، ثمة من يعتقد أنّ «النهضة»، أو أقلّه تيار نافذ داخلها، لا زال يميل إلى الهروب من «قيادة الحكومة وعدم تحمل مسؤولية الفشل فيما بعد»، مفضلاً تحميل هذه المسؤولية للجهات السياسية التي «تصرّ على تعيين شخصية مستقلة على رأس الحكومة».
وهناك من يعتقد أنّ إصرار الأحزاب التونسية على عدم ترؤس حركة النهضة للحكومة المقبلة، ينظر إليه كهدية للتيار الرافض للحكم المباشر داخلها، والذي يتزعمه رئيسها راشد الغنوشي.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة تتجنّب في الوقت الراهن «اعتماد سياسة التمكين في الحكم»، بعد أن اكتشفت أن «وزنها السياسي لا يُخوّلها إدارة الحكم بمفردها»، والسيطرة على السلطات التشريعية والتنفيذية في آن معاً!!.
فيصل علوش
مجلة الحرية الفلسطينية
العدد1750
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت