اسرائيل تدخل مأزقا بعد سبعة أشهر بدون حكومة

نتنياهو - غانتس

لم يتمكن أي زعيم سياسي من تشكيل أي ائتلاف حكومي منذ انتخابات الطريق المسدود في ابريل 2019.

فبعد مرور سبعة أشهر على الانتخابات التي أدت الى المأزق السياسي والتي جعلت بنيامين نتانياهو وزيرا أولا حارسا وتحول البرلمان الى ساحة حفلة لم يهدأ صخبها بعد.

فبعد اداء مشرعين اليمين مرتين في ابريل السابق، غير ان صخب النقاشات السياسية والتشريعية بدأ يخفق، ليحل محله ركود في كل اركان البلد بدون حكومة وبحضور زعيم حارس في شخص السيد نتانياهو والذي يطمح الى سلطة بدون حلفاء. فحزب نتانياهو "الليكود" فاز ب 35 مقعدا في انتخابات ابريل البرلمانية لكنه فشل في تكوين اغلبية برلمانية في كنيسيت يضم 120 عضوا بسبب صراعات بينه وبين حلفاءه في اليمين.

هذا المأزق أدى الى الرجوع الى الصناديق مجددا في شتنبر 2019 ومأزق إضافي حيث لا يستطيع أي حزب الان احراز عدد مقاعد كاف لتشكيل ائتلاف حكومي.

فالخصم الرئيسي لنتانياهو وهو القائد العسكري السابق بيني كانتز، كان اخر من فاوضه، فتحالفه السياسي أبيض وأزرق فاق الليكود بفارق مقعد واحد في انتخابات شتنبر ولم يتبق له غير الأسبوع القادم لتكوين أغلبيته وإذا فشل فستضطر إسرائيل الى العودة الى الصناديق مجددا للمرة الثالثة خلال هذه السنة.

اثار هذا المأزق السياسي انتشرت في كل ارجاء إسرائيل والتي عرفت غيابا للحكومة لمدة تقرب السنة، اذ انتشرت السخرية بين أعضاء الكنيسيت الأسبوع الماضي حول تقلص هامش اشتغالهم حين تحسر عمدة بلدة كبيرة جنوب إسرائيل من كونه غير قادر على الحصول على الموافقة لبناء طرق جديدة لباصات النقل العمومي.

"فز، اخسر، اذهب، انتظر،.....-افعل شيئا"، علق العمدة والذي فضل عدم ذكر اسمه، منتقدا نتانياهو قائلا: "احسسنا خلال هذه السنة و كأننا بفندق كاليفورنيا"، في إشارة الى الاغنية الشهيرة لفرقة (ايكلز) التي تتحدث عن فندق وهمي لا يستطيع نزلاءه مغادرته.

حتى أقرب حلفاء نتانياهو، الرئيس دونالد ترامب سخر من مأزقه السياسي قائلا "يقومون بتنظيم متكرر للانتخابات، دون ان ينتخب أحد" وذلك بمناسبة كلمة القاها في حفل عشاء خيري الأسبوع الماضي بحضور أعضاء الجالية الارثدوكسية اليهودية بمدينة نيويورك، "نحن هنا (في أمريكا) نعرف على الاقل من يكون الرئيس" أضاف ترامب.

على الصعيد الدولي، لم يأت المأزق في وقت أكثر سوءا من هذا، فمنذ دجنبر الماضي حين صارت إدارة نتانياهو تترنح على منحدر الانهيار، بدأت إيران في تخصيب اليورانيوم، عززت حماس وجودها واحكمت قبضتها على غزة في الان نفسه، أرجأ دونالد ترامب وربما وضع على الرف خطته للسلام والتي كانت من الممكن ان تكون اقصى امنيات اليمين الإسرائيلي أي إقرار بالسيطرة الإسرائيلية على مساحات شاسعة من الضفة الغربية.

على الصعيد الداخلي، كانت ميزانية 2019 مطابقة لمثيلتها لسنة 2018 مع زيادة صغيرة أي باحتساب معدل التضخم غير ان أي تمويل لمشاريع جديدة كخطوط باصات العمدة تم تأجيلها.

في تل أبيب حاضنة الاقتصاد الإسرائيلي، تم تأدية مستحقات المشاريع الممتدة لسنوات طويلة دفعة واحدة في شهر واحد خلال هذه السنة، حتى النقاشات المحمومة لدراسة كيفية تمويل مترو جديد قد توقفت.

"انها حالة انتظار"، صرح موظف كبير بوزارة المالية فضل عدم ذكر اسمه في حديثه للصحافة، "زوجتي سعيدة بذلك فقد تمكنا من الحصول على عطلتنا كاملة".

في هذه الاثناء لم يبق نتانياهو خاملا، فقد امر بضربات سوريا الجوية، تودد لبعض الزعماء الدوليين، وأعاد رص صفوف مصالحه السياسية في سعيه الحثيث للسلطة.

وقد استبق نتانياهو كل هذا بتنصيب نفطالي بينيت كوزير "للدفاع"، زعيم شعبي من حزب اليمين الجديد، والذي نشر مؤخرا صورا له دون ربطة عنق رفقة مجموعة من الضباط العسكريين بزيهم النظامي محملقا في الخرائط، ثم في يوم الثلاثاء الماضي أمر نتانياهو وتحمل كامل المسؤولية عن اغتيال أحد الكوادر العسكرية بقطاع غزة.

الغارة الجوية التي قتلت بهاء أبو العطا، وهو قيادي عسكري في منظمة الجهاد الإسلامي المدعومة من طرف إيران، والتي عجلت بقصف كثيف بالصواريخ كردة فعل وأدت الى اجتماع السياسيين من مختلف مشاربهم السياسية بإسرائيل، فالمصالح الطبية بغزة أعلنت عن وفاة 34 فلسطينيا خلال القصف الإسرائيلي جلهم مدنيين في حين ان "المليشيات" أطلقت مئات الصواريخ على إسرائيل.

المحللون الإسرائيليون اشادوا بهذا التحرك الأخير لنتانياهو واعتبروه ضربة معلم لكونها حولت الاهتمام من مفاوضات متحجرة وجامدة الى وجود ازمة وطنية عاجلة، ف(كانتز) خصم نتانياهو السياسي أشاد هو الاخر بالخطوة، معتبرا ان "القيادة السياسية وجيش "الدفاع" الإسرائيلي اتخذوا الليلة القرار السليم من اجل امن المدنيين الإسرائيليين وسكان الجنوب" كما قال كانتز.

 بالنسبة لنتانياهو، فالوقت من ذهب، فأطول وزير أول إسرائيلي فترة في الحكم أصبح يواجه اتهامات بتلقي الرشاوي، الفساد وخيانة الثقة في دجنبر في هذه السنة، والتي من الممكن ان تؤدي الى اغراق الشأن السياسي الوطني في أزمة أعمق، بالرغم من انكار نتانياهو لهذه التهم.

أكثر من نصف الإسرائيليين الذين شملهم استطلاع راي اقامه معهد إسرائيل للديموقراطية، يضنون ان على نتانياهو الاستقالة الان، هذا الرقم يصبح 63% إذا ما تم توجيه الاتهام اليه في مطلع الشهر القادم، حين سيقوم المدعي العام بإصدار قراره.

جل المصوتين وفق الاستطلاع المذكور حاولوا ببساطة التعبير عن تذمرهم من حالة الشد والجذب السياسية، متمنين تكوين حكومة كيفما كان زعيمها بحلول الاستحقاقات الانتخابية للمرة الثالثة.

" لا يهمني من سيكون وزيرا أولا " صرحت تمار ليفي، 48 سنة وام لثلاثة أبناء، كانت قد صوتت لنتانياهو في كل الاستحقاقات الانتخابية، " اتركونا وشأننا وقوموا بعملكم" عقبت.

رابط المقال :

https://www.ft.com/content/6694e9c8-060b-11ea-9afa-d9e2401fa7ca

 

المصدر: بقلم ميهول سريفاسطافا | عن جريدة فينانشال تايمز - ترجمة : كـريـم عـايـش