أمريكا والاستيطان وأوسلو

بقلم: رائد موسى

رائد موسى

قبل انطلاق مؤتمر مدريد للسلام وضعت الولايات المتحدة الأمريكية أسس عملية التسوية السياسية من خلال ما يعرف برسائل التطمينات الأمريكية التي سبقت عقد المؤتمر وفي قضية الاستيطان ذكرت في رسالتها للتطمينات للجانب الفلسطيني ما يلي: "لا ينبغي لأي طرف أن يقوم بأفعال من جانب واحد بهدف البت المسبق في قضايا لا يمكن أن تحل الا من خلال المفاوضات وفي هذا الصدد عارضت الولايات المتحدة وستواصل معارضتها للنشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة في عام 1967 والذي يظل عقبة أمام السلام"
 اما في اتفاق اوسلو فقد استُخدمت نفس معاني كلمات هذا النص للإشارة لتجميد الاستيطان دون ذكر الاستيطان بشكل صريح ومحدد. وذلك في البند 7 من المادة 31 كالتالي: "لن يقوم أي طرف بالبدء أو بأخذ أي خطوة يمكن أن تغير في وضع الضفة الغربية وقطاع غزة لحين التوصل الى نتائج مفاوضات الوضع الدائم".
هنا لا ارى ان عدم الاتفاق على وقف الاستيطان بشكل صريح ومباشر عيبا لأن الجرائم لا يمكن ولا يجوز ان يتم وقفها بناء على اتفاق بين الجاني والمجني عليه، فمثلا لا يجوز ان يتم الاتفاق على وقف إسرائيل لاستهدافها الأطفال الفلسطينيين، ولا يصح القول ان استمرار قتل إسرائيل لأطفال فلسطينيين يعود لعدم وجود بند يوقف ذلك بالاتفاق الذي ينظم العلاقة بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين. فالاستيطان جريمة حسب اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف الرابعة وميثاق روما ويخالف العشرات من قرارات مجلس الأمن.
ولا يجوز التفاوض حول الجرائم ولا يجوز ان يكون وقفها من عدمه خاضع لاتفاقية ثنائية وذلك ما نصت عليه المادة 8 من اتفاقية جنيف الرابعة كالتالي: "لا يجوز للأشخاص المحميين التنازل في أي حال من الأحوال جزئياً أو كلية عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية، أو بمقتضى الاتفاقات الخاصة المشار إليها في المادة السابقة، إن وجدت."
ومن اجل التأكيد على ان عدم الاتفاق حول تجميد الاستيطان بشكل محدد وواضح لا يهضم الحقوق الفلسطينية تم الاتفاق باتفاق اوسلو2 على انه "ليس في هذا الاتفاق ما يمس أو يستبق نتائج المفاوضات التي ستجري حول الوضع الدائم طبقا لإعلان المبادئ، ولا يعد أي من الطرفين بحكم دخوله في هذا الاتفاق متخليا أو متنازلا عن أي من حقوقه أو مطالباته أو مواقفه القائمة". لذلك الاستيطان جريمة حرب واستمراره استمرار لجرائم الحرب ولا يمكن تشريعه لا باتفاقيات ولا بتصريحات رعناء من الادارة الأمريكية.
واذا كانت الادارة الأمريكية تختلق مبررات عجيبة لتشريع الاستيطان، فالسؤال هنا هل لديها القدرة على تبرير تخصيص منازل المستوطنات لليهود فقط دون اصحاب الديانات الأخرى من سكان البلاد ! هنا الادارة الامريكية تدعم جريمة حرب وجريمة تمييز عنصري بشكل مركب. اذا نجحت في اختلاق مبررات وهمية للجريمة الأولى لا يمكنها ايجاد أي مبرر للثانية غير الاعتراف بان اسرائيل نظام تمييز عنصري وانها تدعم ذلك.

/رائد موسى

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت