براء موظف كادح كما غالبية الموظفين الذين يقطنون قطاع غزة، ينتظر على أحر من الجمر انتهاء الشهر ليتقاضى الفتات المتبقي من راتبه بعد الخضوع للخصومات؛ ليتسنى له تلبية متطلبات الحياة ولو بالحدّ الأدنى.
تقاضى براء المبلغ المتبقي من راتبه بعمله الدولار من البنك، وقد حصل على فئات صغيرة من العملة (5$)، (10$)، (20$) ليذهب بعد ذلك لأحد الصرافين لتحويل هذه العملة إلى الشيكل فيتفاجأ حينها بأن الصرّاف خصم شيكل عن كل ورقة نقدية من الفئات الصغيرة. وعند سؤاله عن السبب أخبره الصراف بأنها معاملة ثابتة لديهم، فرفض لأنه بحاجة الى كل شيكل، ثم إن هذه العملية سيخسر من خلالها 3% من المبلغ، ليذهب الى صراف آخر ويقوم بتصريف المبلغ بدون أي خصم!
هذا الحدث بالإضافة الى ما ظهر مؤخرا على السطح من ظاهرة العملة القديمة والجديدة والفرق في الصرف بينها يظهر حالة المزاجية في التعامل المالي، والتساؤل عن السبب الحقيقي الذي يدفع الصرافين إلى التلاعب بالمواطنين وممارسة الاضطهاد بحقهم في ظل الحالة المعيشية المتردية لهم، ليرد صدى الصوت مسرعا بأن غياب دور الجهات الناظمة والرقابية يشكل سببا رئيسا في ذلك.
هذه الظاهرة من الابتزاز وغيرها من تفريق في سعر صرف المئة دولار القديمة والجديدة، والفئات الصغيرة من الدولار ما كانت لتظهر في أي بقعة في العالم، إلا إذا كانت الجهات المسؤولة لا تقوم بالدور المناط بها تكاسلاً أو عمداً.
فسلطة النقد في فلسطين المسؤولة عن متابعة النظام المالي والاشراف عليه وضمان سلامة اجراءاته، لابد أن تمارس الدور على حقيقته لتحمي المواطنين من هذه الظواهر وغيرها، وحتى لا تكون شريكا في الحصار على غزة، على اعتبار أن هكذا ظواهر الأصل ألّا تكون.
وفي حال عدم ممارسة سلطة النقد هذا الدور، الذي عند سؤالنا في الضفة المحتلة وجدنا أيضا أنها لا تقوم به، ندعو الجهات الحكومية في غزة ممثلة في وزارة الاقتصاد، للتدخل حتى لا يكون المواطن فريسة لتجار الأزمات، وتعزيز جيوب التجار وثرائهم على حساب المواطن. فلو افترضنا أن الصّراف قام يوميا بمبادلة 50 ورقة من الفئات الصغيرة بنفس المعاملة، فهذا يعني ربحاً شهرياً إضافياً عن سعر التحويل بمبلغ 1500 شيكل، دون وجه حق.
من هنا، فإن الحاجة تقتضي محاربة هذه الظاهرة على قاعدة أن المال لابد أن يحتكم إلى القانون والضوابط، و"إذا غاب القط العب يا فار".
بقلم/ مصطفى رضوان
كاتب ومحلل اقتصادي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت