بقلم د.مازن صافي
في ظل العدوان الظالم والعنصري على شعبنا الفلسطيني، يأتي تصويت الأمم
المتحدة على مشروع قرار تجديد تفويض عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين "الأونروا "، مما شكل انتصارا للحق الفلسطيني وقضيته العادلة
على العنصرية الاحتلالية والعنجهية الأمريكية، وهذا يدلل على أن الصمود
الفلسطيني يمكنه أن يحقق مزيدا من الانتصارات وتنكيس أعلام الباطل،
وإعادة صفقة العار الى التجميد مرة تلو الأخرى.
وأمام ذلك تقف القضية الفلسطينية على مفترق طرق خطير، بسبب العنجهية
الأمريكية وانقلابها على القوانين الدولية، وقراراتها المنفردة التي لا
تراعي الحقوق الفلسطينية، وبل وتشجع الاحتلال على التمدد الاستعماري
الاستيطاني وانهاء معالم أي حلول سياسية، فيما تستنفر اسرائيل ترسانتها
العسكرية الجوية وتقوم بتسخين الجبهات الجنوبية والشمالية بالعودة لسياسة
الاغتيالات، والقصف للمناطق المدنية واستهداف القيادات الفلسطينية
والعربية، وهذا كان واضحا في إغتيال بهاء ابوالعطا القيادي في الجهاد
الاسلامي، واستهداف اكرم عجوري القيادي في نفس الحركة ويعيش في سوريا،
وسوريا التي تعرضت الليلة الماضية لقصف جوي اسرائيلي بأكثر من 20 صاروخ،
علق عليها بينيت بأنها تمثل "تغيير قواعد اللعبة"، ويعكس الأزمة السياسية
في اسرائيل إثر الفشل الذريع في تشكيل حكومة ائتلاف حكومي، وضياع فرصة
نتنياهو، مما جعله يذهب الى جبال نابلس حيث المستعمرات ليحتفل بما قال
عنه بومبيو وزير الخارجية الأمريكي "إن المستوطنات الاسرائيلية لا تتعارض
والقانون الدولي، وأن معارضة بناء المستوطنات لم يجد نفعا للتقدم في
عملية السلام"، وأيضا شجع نتنياهو للحديث مرة أخرى عن أن هذه فرصة
تاريخية قد لا تتكرر وأشار إلى أهمية البدء في تهويد الأغوار وتحويلها
بالكامل تحت السيطرة الاسرائيلية "مستعمرة الذهب الاستيراتيجي".
ايران التي يبدو أنها غيرت في قواعد اللعبة وقامت بالرد المباشر على
اسرائيل واستهداف الجولان والجليل باربعة صواريخ، يبدو أنها ترفض السياسة
الاسرائيلية الجديدة، تلك السياسة التي تجد تأييدا كبير في أواسط أنصار
الفكر الانجيلي اليميني في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد ظهر تأثيرهم
في فوز ترامب برئاسة البيت الأبيض ثم عودته لهم لكي يتم انقاذه من أزمته
السياسية الداخلية، وحتى أنها قال لهم مازحا "أنه رئيس اسرائيل القادم"،
بينما بومبيو الذي ظهرت خلافاته مع ترامب ويتطلع لموقع سياسي أكبر داخل
أمريكا، يعزف أيضا على وتر أنصار اسرائيل من هذا التيار الانجيلي
المتصهين والأكثر عداوة للشعب الفلسطيني ولقضيته وحقوقه المشروعه.
روبرتكولفيل من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الانسان، أعاد التأكيد على أن
الوضع القانوني الدولي للمستوطنات مستمر منذ أكثر من 40 وأنها تتعارض مع
القانون الدولي، وأن المستوطنات بشكل عام تعتبر إنتهاكا لحقوق الانسان،
وقد رفض الإجراء والتصريح الأمريكي الأخير والذي أطلقه بومبيو، وبنفس
الوقت أدانت منظمة "العفو"، الثلاثاء، إضفاء الولايات المتحدة "شرعية"
على المستوطنات الإسرائيلية، معتبرة أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية
المحتلة سيبقى "جريمة حرب" رغم ذلك.
ان ما يحدث من تسخين لن ينتهي بحرب سواء بالشمال أو بالجنوب، وإنما هو
محاولة اسرائيلية لاعادة الردع وخلط الأوراق ومحاولة الاستفراد بالجبهات
كل على عدة، ولكن هذا استراتيجيا ربما يشعل الحريق الكبير الذي لن يتم
إلا بمشاركة العديد من الأطراف مرة واحدة.
د.مازن صافي/ كاتب ومحلل سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت