إن مما لا يختلف عليه اثنان أن حُبَّ الوطن من الإيمان، بل يُقاس الإيمان زيادة ونقصانا بمدى حب الأوطان والتّعلق بها، كما أن القلوب السليمة مجبولة على حب أوطانها والذود عن حياضه، ولذات القيمة والمكانة الروحية والوطنية يستلزم علينا نحن أبناء هذا الشعب الابي في كل مكان، أن نضع اليد في اليد، بل وضع الجزائر ومصلحتها العليا فوق كل اعتبار، والمساهمة في الموعد المصيري الذي سيكون إن شاء الله عرسا وطنيا بامتياز.
الجزائر اليوم أحوج ما يكون إلى كل الجهود المتبصرة، المتجردة للصالح العام، ونحن نستشرف الغد القريب، حيث سترسو الجزائر بعد استحقاق 12 ديسمبر القادم على بر الأمان، هذا اليوم الذي سيكون بوابة خير وهناء تفتح واسعة على الجزائر وشعبها، ومن ثم تنطلق بلادنا في عهد جديد تتحقق فيه تطلعات شعبنا الكريم وشبابنا الطموح، على أن يفتح المجال رحبًا أمام استكمال بناء الدولة الوطنية الجزائرية الحديثة، وعليه يظهر خيار الانتخابات هو الأكثر أمانا، لأنها بقدر ما تعد ضرورية، فهي أيضا تعد مطلبا مستعجلا، ستفرز لأول مرة في تاريخ الجزائر رئيسا منتخبا يمتلك على الأقل الحد الأدنى من الشرعية الشعبية، يخرج البلاد من أزماتها وتكون له القدرة الكافية لفتح ورشات الإصلاح الكثيرة المنتظرة، وتؤهله لقيادة ترسانة لمواجهة التحديات الكبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والتصدي للتهديدات الخارجية المحدقة به، وبالتالي فالرهان اليوم هو الاستعداد القبلي للانتخابات القادمة بكل الوسائل، ودعوة أبناء الوطن لمزيد من الوعي في هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا، وأن يحرصوا على وحدة الصف وجمع الشمل، ووحدة العقيدة والتوجه الحضاري، وأن يعملوا على توفير الأجواء بما يمكن البلاد من تجاوز أزمتها، والخروج بقوة يوم الخميس 12 ديسمبر 2019 لانتخاب رئيس جمهورية تتوفر فيه الشروط الموضوعية والضمانات الجماعية لإعادة بناء المؤسسات الشرعية للبلاد.
ولأن الوطن أولا وقبل كل شيء، وبالتالي عندما يناديك الوطن لابد أن تلبي النداء، لابد أن يفتدى الوطن بالمهج الغالية والأوقات النفيسة، وهاهي الجزائر أرض الصالحين والاولياء أرض المجاهدين والشهداء، الذين فدوا الوطن وسقوا أرضه المباركة بدمائهم الذكية، ينتظرون من الوطن رد جميل فمنهم مَن لم تكتحل عيناه برؤية وطننا مستقلا، وهاهو الدور علينا لان الجزائر اليوم تُنادي على أبنائها البررة ليَعْبروا بها إلى شط الأمان بالإدلاء بأصواتهم لمن يرونه الأصلح، مقدمِين مصلحة الوطن على كل الحسابات الضيّقة، والنّعرات القبلية، والتكتلات الجهوية، لأن النّصر ما كان ليتحقّق لولا أنّ الشّهداء والمجاهدين انصهروا في بوتقة واحدة هي الوطن، وهاهو الوطن يُنادينا مرّة أخرى، فنُلبِّي النِّداء ونقول نحن لك فداء يا وطن، فكما حقّق أجدادنا النّصر، سنُحقِّق نقلة نوعية وتغييراً سلمياً، نابعاً من إرادتنا، لا من ترتيبات غيرنا.
عزيزي القارئ ... تأكد أن الأوطان لا يعرف قيمتها إلاّ من فقدها، فلنسئل إخواننا في فلسطين الذين يعيشون في الشّتات عن قيمة الوطن والأرض، كيف حالهم عندما تمر ذكرى يوم الأرض، بل أنظر لحال أهلنا أبناء حواضر أمتنا العربية المجيدة بعد لجنة الضياع والهلاك العربي، عزيزي احذر لأنك إنْ فقدت وطنك لَن تجد له بديلاً، ولن يهبك أحد أرضه لتبني عليها وطنا، هنيئا عندما رفعنا قولا وإيمانا شعار "الجيش الشعب خاوة خاوة "، هنيئا نصرنا المبين عاشت الجزائر ولا نامت أعين الأعداء.
بقلم :عماره بن عبد الله كاتب جزائري
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت