دفاتر قديمة ... حديثة (1)

بقلم: عدنان الصباح

عدنان الصباح

 يبدو ان ذاكرتنا مخرومة حد نسيان ما جرى امس وحد معاودة تكرار الخطأ بنفس الطريقة وبنفس الادوات والرؤى دون ان نحاول معاودة قراءة ما حدث واخذ العبر منه وفي هذه السلسة سأقدم في كل حلقة قراءة سريعة للأحداث ونتائجها بدءا من التحركات الجنينية للثورة الفلسطينية وبعيدا عن الصمت الأخرق عن الهجرات الصهيونية الاولى والتي بدأت منذ مطلع القرن التاسع عشر ووصل عدد اليهود الذين هاجروا الى فلسطين قبل الاستعمار البريطاني حوالي 83 الف يهودي واول مستوطنة صهيونية اقيمت في فلسطين بغفلة منا وعنا كانت على يد اليهودي البريطاني مونتفيوري في العام 1837م وكان عدد سكانها 1500 مستوطن ولم يظهر التحرك الفلسطيني المنظم بعد ذلك على شكل هبات شعبية عند بداية الاستعمار البريطاني ولا ردا عليه ومنذ الاحتلال البريطاني المباشر لفلسطين بعد نهاية الحرب الاستعمارية الاولى الى ان تم ترسيم هذا الاحتلال من قبل عصبة الامم باسم الانتداب البريطاني على فلسطين ظل الفلسطينيون يتعاطون مع الوجود البريطاني على انه وجود مؤقت لحين تنفيذ الوعود البريطانية للحسين بن علي باستقلال الاقطار العربية جميعها بما فيها فلسطين
 علما بان الهدف الاول والمعلن لبريطانيا في فلسطين كان تنفيذ ما يسمى بوعد بلفور سيء الصيت وفيما عدا هبة موسم النبي موسى في القدس لايام قليلة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة والتي انتهت بالحكم على القادة الفلسطينيين بالسجن وهروب بعضهم واقالة رئيس بلدية القدس موسى الحسيني من بلدية القدس واستبداله براغب النشاشيبي وكذا جاءت بعد ذلك بعض التحركات الشعبية الفلسطينية الأخرى قصيرة الأمد جدا كثورة البراق او هبة البراق بمعنى ادق في آب 1929 وقد انتهت الثورة بإعدام الشهداء الثلاثة محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير واقرار اللجان البريطانية بان حائط البراق ملك عربي وكان ذلك يعني القبول بالمحتل الاصلي وهو بريطانيا بدور الحكم مع المحتل القادم برعاية بريطانية وهم المستوطنين الصهاينة في حين كان المفروض اصلا.
مما تقدم نرى ان الصفة التي لازمت النشاط الوطني الفلسطيني في البدايات هو الرد الانفعالي السريع على الاجراءات المباشرة للمستوطنين سواء في هبة النبي موسى او البراق وقد جاءت هذه الثورات على شكل هبات وردات فعل ثأرية لم ترقى الى مستوى الثورة وانتهت عادة بدون نتائج حقيقية مؤثرة في مستقبل البلاد وقد وجد المحتلون البريطانيون من يوافق على مشاركتهم افعالهم وتنفيذ قراراتهم كما حصل بإقالة الحسيني واستبداله بالنشاشيبي وهو ما تمكن الاحتلال الصهيوني من معاودة تنفيذه بإقالة رؤساء البلديات الوطنيين في ثمانينيات القرن العشرين واستبدالهم بضابط عسكريين ومتعاونين محليين دون ان يؤثر ما جرى في هبة موسم النبي موسى بشيء يذكر وكأننا لا نتعلم ابدا من تاريخنا انفسنا وقد يكون الامر لا زال كذلك حتى يومنا هذا.


 بقلم عدنان الصباح

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت