طه جبر.. رجل "الزعفران" الفلسطيني

الزعفران

على مقربة من الغور، حيث مناخات "الزعفران" الدافئة، استصلح طه خير الله جبر من بلدة عقربا جنوب شرق نابلس، مساحة ثلاثة دونمات لزراعة الزعفران لأول مرة في فلسطين.

جبر (43 عاماً)، الذي ينحدر من عائلة تتوارث الزراعة أبا عن جد، حيث والده كان يعمل في وزارة الزراعة الكويتية، ولدى عائلته كرم عنب ومساحات واسعة مزروعة بالزيتون.. وأخرى بالزعتر والميرمية، يرى أنه حقق انجازاً كبيراً بزراعة الزعفران في فلسطين.

ويحلم جبر رجل "الزعفران" الأول بتوسيع انتاجه بكميات تمكنه من التصدير للخارج، حيث تسويق منتجه لا يزال محلياً وبكميات محدودة جداً.

"بدأت الفكرة عام 2012، بالبحث عن التميز وزراعة منتج غير موجود في فلسطين ويتلائم مع مناخنا، لم نجد للزعفران أي نوع بصل له في فلسطين، استعنا بصديق من الأردن، فجلب لنا زهور زعفران غير منتجة، لكن كنا بحاجة الى زهور زعفران منتجة للمياسم الحمراء "اعضاء مؤنثة" باللنسبة للزهرة، كي تكون منتجة" قال جبر، الذي تابع: "في العام 2016 قدمنا على مشروع بدعم من الاغاثة الزراعية، واستوردنا 17 الف بصيلة من هولندا.. في أول عام كل بصيلة أنتجت 5 بصيلات بجانبها، وهذه السنة (الثالثة) أصبح لكل بصيلة 20-25 بصيلة، وفي كل عام يزداد عدد البصيلات ويتضاعف الانتاج.

 وأضاف: في البداية كنا نعتمد على بيع الأبصال لكن هذه السنة ستكون الأفضل من الناحية التجارية والانتاجية لزهور الزعفران وابصالها.

وحول نمو الزعفران، يقول جبر: في الصيف تدخل بصيلات الزعفران بمرحلة سبات، تماماً كالنرجس، وفي منتصف اكتوبر حتى منتصر الشهر الحالي (تشرين ثاني/نوفمبر) تعود لتزهر من جديد، وتملأ الأرض بالزهر البنفسجي الجذاب.

 وعن أسعارها يقول طه: سعر الأبصال يعتمد على حجمها،  يتراوح ما بين 2 و 4 شواقل، بينما زهر الزعفران ينقسم إلى نوعين: أحمر كامل، أو أحمر مع الجذر الأبيض، وهو أرخص من النوع الأول، ويتراوح سعر الغرام الواحد للزعفران ما بين 10 إلى 15 شيقلا.

ويأمل جبر تعميم زراعة الزعفران في كل فلسطين، وأن يكون الزعفران في متناول يد الجميع وأن لا يبقى حكر للأغنياء فقط، فالفقراء ايضاً يستطيعون زراعته في منازلهم ويستفيدون من عوائده الكثيرة.

 ويوضح جبر: ما يناسب زراعة الزعفران هو مناخ البحر الأبيض المتوسط، وكلما كان مضاف اليه مواد عضوية ولديه أريحية في النمو يكون تكاثره وانتاجه أكبر، ويجب أن تكون الأرض مفتوحة ومواجهة لأشعة الشمس.

طرح فكرة زراعة الزعفران في فلسطين، كانت ضمن الأفكار الأكثر تميزاً في المشاريع الريادية المقدمة للاغاثة الزراعية، وحصلت على المرتبة الثانية من حيث الأهمية.

مدير برنامج تطوير الأراضي في الاغاثة الزراعية، مقبل أبو جيش، قال لوكالة "وفا": جبر هو أول مزارع يقوم بزراعة الزعفران في فلسطين، ضمن منحة قدمتها الاغاثة الزراعية للمشاريع الريادية، حيث يتم الاعلان عن فكرة جديدة يقدم من خلالها مشاريع ريادية، غالباَ ما تكون الأفكار تقليدية، لكن زراعة الزعفران كانت نوعية، وتم فحص امكانية النجاح أو عدمه وتأكدنا أن المزارع  على دراية كاملة عن هذه الزراعة.

 وأضاف: نجح جبر في مشروعه وهو اليوم يبيع البصيلات للمزارعين لزيادة الانتاجية، كل نبتة تنتج عشرات البصيلات.

واجه جبر صعوبة في عملية التسويق بداية، الا انها اصبحت اليوم معروفة، وهناك رغبة من المزارعين لتكون في بيوتهم وأراضيهم، حتى لو كانت لسد حاجة المنزل فقط.

 وبين أبو جيش: يعتبر الزعفران اغلى انواع التوابل في العالم، يُشترى بغرامات قليلة وبسعر عالٍ، وهناك طلب كبير عليه، اذا نجحنا في هذه الزراعة وحصلنا على امكانية التعبئة والتغليف، بامكاننا التصدير بكميات الى الخارج ونكون مسوقين في الوطن العربي، ومحققين اكتفاء ذاتي، اليوم مزروع على مساحة صغيرة، وجدنا استحسان من المزارعين والمستهلكين ومحال البهارات الكبيرة بنشر فكرة زراعة الزعفران وتسويقها، وهو ما يمكننا من الزراعة في مساحات واسعة ويزيد من نمو الاقتصاد الوطني.

وبحسب موقع "دويتشه فيله" بالعربية، فان للزعفران طعم لذيذ جداً، ويعالج الاكتئاب، ويساعد في تحسين المزاج والحالة النفسية، ويحسن وظائف الجسم العضوية، ويخلص الجسم من السموم والشعور بالتعب.

 ويرجع البروفيسور الألماني فولف روديغز شتينسل، المتخصص في كيمياء المواد الغذائية، تحسين الزعفران على الحالة المزاجية، إلى العامل النفسي الذي يؤثر مباشرة على النظام العصبي المركزي، إذ أن الحصول على هذه المادة النادرة والشعور الداخلي بأنها مفيدة للجسم، له تأثير على تحسن الحالة النفسية.

ويذكر البروفيسور شتينسل: "الثابت علميا هو أن الزعفران يعيق نمو الجراثيم لما يحتويه من زيوت عطرية".

كما استخدم الزعفران منذ القدم في عالم التجميل، إذ يقال إن كليوبترا كانت تستخدم مسحوق الزعفران في التجميل كما يستخدمه الفنانون في التلوين

المصدر: نابلس - علا موقدي -