بعيدا عن المحاذير والتخوفات من إجراء العملية الانتخابية في فلسطين في الظرف الشائك الذي يواكبها فيما يتعلق بنزاهتها من عدمه، وإمكانية حرية الترشح والانتخاب والمراقبة والشفافية وعدالة المحكمة والقضاء الإنتخابي، وإنتهاءا بالقبول بالنتائج والتسلم والتسليم وتمكين الفائز من إدارة البلاد بشكل حضاري من عدمه. نتحدث هنا وكأن الحالة متعدية لكل ماذكرناه من تحذيرات وتخوفات، ونتأمل ونحلل ما سينجم عن العملية إنطلاقا من محاولة تأمل التوازنات والحيثيات والتوقعات لنتائج العملية الإنتخابية البحتة. الأخذ بعين الاعتبار ثوابت ومتغيرات مهمة :
أولا الثوابت من شقين 1- قانون الانتخابات 2- الموقف الشعبي تجاه الأحزاب وهذه الثوابت هي التي حددت وإنتهت الرصيد الأكبر للأصوات أو إفتراضا 75% لكل حزب من خلال مسيرة الحزب وأثره الذي أصبح كامنا في ذهن الجمهور، وكذلك قانون الانتخابات كعامل ثابت إجباري بحكم بنائه وبنوده المسلم بها ونسبة الحسم التي يقررها ولن تتغير في سياق العملية الانتخابية.
ثانيا: المتغيرات من شقين: 1- حالة الأحزاب من بدء صدور مرسوم الإنتخابات وعملية التحضير للحملات الانتخابية والتحالفات والإمكانيات. 2- تغيرات شعبية جديدة مصاحبة للعملية الانتخابية، مثل التحالفات والانسحابات تحول أصوات الجمهور لقاوئم أخرى. وهذه المتغيرات تشكل النسبة الأقل أو إفتراضا 25% من الأصوات التي سيحصل عليها الحزب.
بعد هذه المقدمة نتحدث من خلال التجارب السابقة عن النظام الإنتخابي:
أولا الانتخابات النسبية الكاملة تمنح القوائم أو الاحزاب حجمها الحقيقي بعدد أصواتها .. ومن التجربة. الجميع كان يحذر فتح ويطالبها بقانون النسبية الكامل ولكن طمع عزام الاحمد وصائب عريقات واحمد نصر لعدم تقديرهم للموقف الشعبي في حينها في تراجع شعبية فتح على خلفية قيادتهم السلطة ومشاكلها وتعاظم شعبية حماس لوجودها في المعارضة و أصروا على النظام المختلط ونصحناهم وحاولنا الضغط ومؤسسات المجتمع المدني كلها طالبت في وقفات عند التشريعي وقدموا عرائض والجبهة الشعبية وكل اليسار نصحوهم فلم يستمعوا وتغطرسوا في تصورهم أنهم سيحصلون على أغلبية مطلقة فكانت النتائج مخيبة لآمالهم .. وفازت حماس بأغلبية عظمى في الدوائر أي الأفراد رغم فوز فتح في القوائم كان متقاربا.. لكن لو جرت الانتخابات حسب القانون النسبي المامل لنا فازت حماس بهذا الشكل والذي تسبب في الازمة. الانقسام حدث نتيجة حصول حماس على مقاعد أكبر من حجمها وهنا في سياق توصيفي وليس الموقف السياسي من حماس او فتح. الآن أقرت ورقة الرئيس عباس الانتخابات القادمة حسب قانون النسبية الكاملة ووافقت حماس وأكدت بشدة على ذلك وكذلك باقي الفصائل.
الجديد والمفيد والمعنى في موافقة الاحزاب والفصائل الكبيرة مثل حماس وفتح بأن لديهم شعبية كبيرة ولا يخشون على أوضاعهم حسب تقديراتهم. الأحزاب الصغيرة الأخرى تجدها فرصة للحوز على مقاعد أكثر حسب الثابت الأول الذي شرحناه وهو قانون الانتخابات والاجباري البنود ونسبة الحسم، وهنا من الأهمية الجدية جدا فهم بأنه إذا ارتفعت نسبة الحسم كما في غالبية الدول إلى 3-5% من الأصوات الصحيحة يمكن أن تحوز غالبية الأحزاب الصغيرة بنفس نسبها الصغيرة في الانتخابات السابقة ، وأما لو ارتفعت نسبة الحسم أكثر من ذلك كمثال من 7-10 فلن تنال تلك الإحزاب على أي مقاعد وستخرج خارج التشريعي ، ولدلك يجب إن تعمل الإحزاب الصغيرة على تقليل نسبة الحسم بقدر الإمكان وحتى بالتهديد بعدم المشاركة في الانتخابات كعملية ضغط على صانع القرار واظهار عدم ديمقراطية النظام الذي منع المشاركة،
وهنا أقول إن عدم المشاركة في الانتخابات وعدم توفر إمكانية الحصول على نسبة الحسم بالنتجة هي واحدة ولماذا هدر الطاقات والخسائر المالية للحزب. الانتخابات حسب قانون النسبية الكاملة إذا كانت نسبة الحسم معقولة ومناسبة للعملية الديمقراطية والمشاركة تمنح الأحزاب الصغيرة فرصة المشاركة في النظام السياسي وتعزز التعددية الفكرية والسياسية وتنتج نظاما أكثر ديمقراطية ولكن يتهدد النظام بعدم الاستقرار حين التصويت أو تشكيل الحكومة وأحدث مثال هو إسرائيل ولكن أي نظام ديمقراطي متعدد الفكر والثقافة على المدى البعيد أفضل من إستحواذ حزيين كبيرين على النظام السياسي فذلك يعطل ويؤخر دمقرطة وتماسك المجتمع وهو المطلوبة أصلا وليس الأصل هو تشكيل الحكومة لأن من المفترض أن التنازع لعدم تشكيل الحكومة في مثال إسرائيل ليس المصلحة العليا للدولة بل تشوبها مصالح شخصية وفردية وحزبية خاصةوتلك المكاسب تطغى على المصلحة العامة لإنه لا يوجد فروق كبيرة في نظرات الأحزاب الاسرائيلية الآنية للتحدي مع الجوار العربي والعالم فمعظمهم يمينيون ينطلقون من نفس الفكر والاهداف ولكنهم يختلفون في المصالح الحزبية والشخصية.
ملاحظات وتوقعات هامة للحالة الإنتخابية الفلسطينية ونتائجها
1- هناك حماس وفتح قوتان متصارعتان على السلطة تتقارب مقاعدهم في التشريعي السابق ومازالا الحزبين الأكبرين في الخارطة السياسيةالفلسطينية ومادامت الانتخابات ستجرى على قانون القائمة النسبية الكاملة فالنتجة الأولى لذلك لن يخرجان من التشريعي القادم بعددهم وأنصارهم، ولا تهديد عليهما كما الأحزاب الصغيرة، ولكن على أي نسب أصوات ومقاعد سيحصلان؟؟
وهنا استطلاعات رأي كثيرة جرت منذ سنوات تخفض من شعبية حماس في غزة وترفع من شعبيتها في الضفة الغربية، وكذلك تخفض من شعبية فتح في غزة بسبب أصوات سيحصل عليها التيار الأصلاحي وهذا يؤكد خسارة فتح وحماس في قطاع غزة، ولأن الإستقطاب حاد في قطاع غزة نظرا للنشاط والنشاط المضاد وغزة معركة مستمرة منذ الانقسام تكرست فيها المواقف وانتهت كما ذكرنا عاليه في الثوابت. في الضفة الغربية هناك غموض يلف السكان وحافظت فتح على أصواتها الحزبية لكن بقي الوضع الشعبي الحمساوي في نظر الكثيرين يرغب الناس في تجربته فالناس لا يقتنعون في الشرق بتجارب الآخرين ويبقون على آرائهم المسبقة والمناويئة للسلطة الحاكمة بالضبط كما يحصل في غزة بعد تجربة حماس في الحكم انخفضت شعبيتها وعليه ستظل الحالة غامضة رغم الاستطلاعات وعليه نتساءل عن توابت الانتخابات التي ذكرناها هنا ونفترض بعض ما يشيع بين الناس والاوساط السياسية كالتالي
1- إذا ارتفعت نسبة الحسم فستخرج الأحزاب الصغيرة من المشهد التشريعي وتبقى 3 كتل حماس وفتح والتيار الأصلاحي تتنافس على المقاعد 132 للمجلس التشريعي، أما من سيحوز منهم على الأغلبية، فهده تعتمد على :
أولا- اذا توحدت فتح قبل أو بعد الانتخابات فبالنتيجة تحوز فتح على الأغلبية.
ثانيا - إذا تحالفت فتح وحماس في قائمة واحدة كما يشاع عن اتفاق بينهما فستحصل هذه القائمة على أغلبية كبرى وتبقى بقية المقاعد في التشريعي من نصيب التيار الإصلاحي.
ثالثا - إذا وجد الجمهور فرصة لمعاقبة فتح وحماس على سلبيات المرحلة السيئة تحت حكمهما وتحرروا من هيمنة السلطتين فقد يمنحوا أصواتهم لقائمة التيار الإصلاحي أو لو تشكلت قائمة جديدة من سياسيين يرضى عنهم الجمهور غنية بشخصيات وطنية وازنة يعتمد عليهم في إنقاذ الحالة الفلسطينية فقد تكون كتلة رابعة جديدة تشكل توازنا مطلوبا في الخارطة السياسية الفلسطينية.
النتيجة الحتمية لهذه الانتخابات هي خروج كثير من الاحزاب الصغيرة فالانتخابات النسبية الكاملة من أساسيتها هي نسبة الحسم المعتدلة 3-5 % من الاصوات الصحيحة وقد كانت النسبة سابقا متدنية 1.5 بحكم قانون الانتخابات السابق ووجود الدوائر كمكمل وهذا نظام وذاك نظام.
د. طلال الشريف
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت