حماس وفتح والانتخابات التي لن تغير شيء

بقلم: رامز مصطفى

رامز مصطفى


 بتسليم السيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رسالة موافقة حركته بخصوص إجراء الانتخابات إلى الدكتور حنا ناصر ، تكون الحركة قد حسمت موقفها من إجراء تلك الانتخابات ، بشروط رئيس السلطة السيد محمود عباس ، مسقطة بذلك شروطاً كانت لوقت قريب تمثل عقبة أمام إنجاز الاستحقاق الانتخابي ، الذي تأخر عن موعده عشر سنوات . أول تلك الشروط ، إسقاط التلازم لصالح التزامن بما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والتشريعية . وثانيها ، إسقاط الحوار الوطني ، لصالح المرسوم الرئاسي أولاً ، الأمر الذي يؤكد أن سقف العمل السياسي محكوماً باتفاقية " أوسلو " .
ومن ثم عقد اللقاء الوطني . وثالثها ، عدم إلزامية رئيس السلطة بإجراء انتخابات المجلس الوطني بالتلازم مع الرئاسية والتشريعية ، على أن تكون خطوة على طريق انتخابات المجلس في أقرب وقت . رسالة حماس بما حملته من تطمينات وتعهدات لن تكون نهاية المطاف على طريق استكمال خطوات إنجاز هذا الاستحقاق ، بل سيبقى الهاجس والتوجس يطبع العلاقة بين الحركتين . فلا حركة فتح تركن إلى الإطمئنان لحماس ، وكذا حركة حماس التي تبادلها نفس الشيء ، طالما أن الانقسام سيد المشهد والموقف في الساحة الفلسطينية ، بعد سيل من الاتفاقات التي انتهت في العودة إلى مربع الانقسام وتحميل وإلقاء المسؤوليات على بعضهما البعض . هذا لا يعني أننا سعداء بذلك ، ولكن الوقائع ، والمسيرة الطويلة لتلك العلاقة السيئة بين حماس وفتح ، هي ما تدفعنا للتقليل من حماستنا وتشككنا بإجراء تلك الانتخابات ، أو بنتائجها بالبناء على انتخابات العام 2006 . ولنا أسبابنا :-
 - الانتخابات إذا ما جرت كما هو مفترض حتى الآن ، على اعتبار أنّ المرسوم الرئاسي لم يصدر بعد . فمن هي الجهة الضامنة لنزاهتها ، أهي السلطة ، أم حماس ، حيث الثقة بينهما معدومة ، والانتخابات بالنسبة إليهما أم المعارك ، إذا ما حصلت - كيف ستجري الانتخابات والانقسام السياسي والجغرافي لا يزال قائم ، وكلا الطرفين يتمترس عند شروطه ، على الرغم أن حماس قد وافقت على رؤية الفصائل الثمانية لإنهاء الانقسام - تحت أي سقف سياسي ستجري تلك الانتخابات ، سقف اتفاقات " أوسلو " ، أم برنامج حماس ، الذي أطاح بحكومتها في انتخابات 2006 . إلاّ إذا كانت حماس قد وضعت في حساباتها أن تتعاطى مع مترتبات " أوسلو " - لنفترض أن فتح وحماس قد سهلا حملاتهما الانتخابية لبعضهما البعض ، هل في مقدور السلطة اتخاذ الخطوات التي تفرض على الاحتلال الصهيوني في الضفة بعدم التعرض لأنصار ومحازبي ومرشحي حماس
 ، وتركهم يتحركون بحرية ؟ - من الجهة الضامنة على تنفيذ نتائج الانتخابات ، حتى لو وقع الطرفان على وثيقة الشرف المُلزمة التسليم بنتائج الانتخابات . وهل ستسلم حماس قطاع غزة لفتح في حال فوزها ؟ . والعكس هو الصحيح تماماً - من خارج مشيئة حماس وفتح ، هل الاحتلال سيوافق على إجراء الانتخابات في القدس ؟ ، خصوصاً أن وضعية القدس في العام 2019 مختلفة عن العام 2006 . اليوم هناك اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة موحدة للكيان ، والتهويد وصل مستويات غير مسبوقة للمدينة وأحيائها . إلاّ إذا مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف الذي رحبّ بقرار رئيس السلطة إجراء الانتخابات ، قد حصل على الضمانات اللازمة من الكيان الصهيوني في الموافقة على إجرائها في القدس ، وهذا مشكوك فيه - هل تعي الحركتان مدى خطورة فشل التسليم بنتائج الانتخابات أياً تكن ؟ .
 وهي ستكون كارثية أكثر مما عليه اليوم - هل البيئة الفلسطينية في كل من القطاع والضفة مؤهلة للانخراط في تلك الانتخابات ؟ ، من خلفية أنها استحقاق وطني حقيقي ، أم من خلفية كمن يريد حج خلاصه . فالقطاع يئن تحت وطأة الحصار والفقر والتهميش ، والضفة التي تئن من وطأة الاحتلال وسياساته الإجرامية تحت سمع وبصر السلطة التي لا تحرك ساكناً وأخيراً ماذا ستغير الانتخابات ، هل ستنهي الانقسام وهناك من فرضّ مشيئته برفض عقد اللقاء الوطني قبل صدور المرسوم الخاص بالانتخابات ؟ .
 وهل ستعيد للقضية الفلسطينية حضورها ، كقضية مركزية لأمة أصبحت أنظمتها في أغلبيتها حليفة للكيان الصهيوني ؟ . وهل ستوقف إجراءات العدو في تهويد القدس ، واقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى ؟ . وهل ستوقف استفحال الاستيطان ، وتراجع بومبيو عن اعتبار الاستيطان لا يتناقض مع القانون الدولي ؟ . وهل ستضع قرارات المجلس المركزي والوطني موضع التنفيذ ، في سحب الاعتراف بالكيان ، والخروج من اتفاقات " أوسلو " ، وإنهاء العمل بمندرجاته الأمنية والاقتصادية ؟ . وهل سترفع الحصار عن قطاع غزة ، لينعم أهله الفقراء بالحياة الحرة الكريمة ، توقف التسول باسمهم من دول تريد الاستثمار السياسي لصالح مشاريعها المشبوهة ... الخ
 رامز مصطفى
 كاتب فلسطيني

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت