لا يتوانى الكيان الصهيوني عن ارتكاب مزيد من الجرائم بحق الحركة الأسيرة في معتقلاته على مرأى ومسمع العالم أجمع ضارباً عرض الحائط بجميع المواثيق والأعراف الدولية، خاصة قرارات الجهات الدولية المناط بها، مهمة الدفاع عن حقوق الإنسان، حيث يستخدم الاحتلال أقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي ويتبع سياسة الإهمال الطبي.
الجريمة الجديدة تمثلت هذه المرة في القتل ببطء والذي طال حياة الأسير المريض سامي أبو دياك، ليرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 222 أسيراً فلسطينياً حتى الآن منذ عام 1967، منهم 5 أسرى في العام الجاري فقط، فما فائدة وضع القوانين الدولية والإنسانية، إذا كانت لا تستطيع حماية أسير مريض لا حول له ولا قوة؟ إن استشهاد الأسير سامي عاهد أبو دياك ابن الـ37عاماً، بعد تحويله إلى مشفى "أساف هروفيه"، صباح أول أمس الثلاثاء، جاء بعد أن ماطلت ما تسمى مصلحة السجون في كيان الاحتلال الصهيوني في تقديم العلاج له وتلكأت في الإفراج عنه ليتلقى العلاج المناسب لمرضه خارج السجن بحسب وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية والتي أوضحت أنه تم تشخيص إصابته بورم سرطاني في الأمعاء في شهر أيلول 2015، ومنذ قرابة خمس سنوات، بدأت حالته بالتدهور نتيجة الأخطاء الطبية والموثقة من مستشفى سوروكا الإسرائيلي، حيث خضع لعمليات جراحية، أدت إلى حدوث إخفاق كلوي ورئوي حاد ما زاد من سوء وضعه الصحي، ورفض الاحتلال الإفراج عنه في طلب التماس قدم للمحكمة لتلقي العلاج بالخارج، لكن دون جدوى ورفضت سلطات الاحتلال تقديم العلاج أيضاً له.
الأسير سامي أبو دياك من سكان بلدة سيلة الظهر في مدينة جنين ومعتقل منذ تاريخ 17 تموز 2002، ومحكوم عليه بالسجن المؤبد لثلاث مرات وثلاثين عاماً، أمضى منها 17عاماً. تعتبر أساليب إضعاف الإرادة والجسد على السواء ثنائية مأساوية، وهي متبعة في كيان الاحتلال الصهيوني الذي يدّعي الديمقراطية، إذ يشرع نظامه السياسي والقضائي التعذيب والضغط النفسي بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب، في سابقة يقل نظيرها على المستوى العالمي، ما يعد مخالفة للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية.
ولذلك يعتبر استشهاد الأسير سامي أبو دياك شاهداً جديداً على إرهاب الاحتلال في وقت صمّت فيه المؤسسات والهيئات الدولية آذانها وأغمضت عيونها عن جريمة قتل أخرى. إن استشهاد الأسير أبو دياك وآلام إخوانه الأسرى المرضى، هما صرخة في كل ضمير حر من أجل تفعيل الجهود والعمل على تحرير الأسرى وإنقاذهم من براثن السجن والسعي الحثيث من أجل حريتهم وخلاصهم، كما ينبغي رفع مستوى الدعم والإسناد للأسرى المضربين عن الطعام والأسرى المرضى، وتفعيل قضيتهم وخاصة على المستوى الشعبي والإعلامي والقانوني، وعلى العالم أجمع أن يدرك أن الأسرى ليسوا وحدهم، بل خلفهم شعب موحد أمام معاناتهم وأمام الواجبات الوطنية والأخلاقية تجاه قضية الأسرى في سجون الاحتلال. الجدير ذكره إن عدد الأسرى في سجون الاحتلال يزيد على 5500، منهم 86 بالمئة من الضفة الغربية، و14 بالمئة أسرى القدس وأراضي الـ48 وقطاع غزة، وما يقارب من 25 أسيراً عربياً في السجون الصهيونية وهم موزعون على أكثر من 20 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف وتحقيق".
وهنالك ما يزيد على 1200 أسير ممن يعانون من أمراض مختلفة تعود أسبابها لعدم القيام بالعمليات اللازمة، وإدخال الطواقم الطبية المتخصصة، أو إجراء الفحوصات المخبرية المطلوبة، وكذلك بسبب ظروف الاعتقال الصعبة والمعاملة السيئة وسوء التغذية والاستهتار الطبي، والأخطر أن من بينهم ما يزيد على 140 أسيراً ممن يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة كالسرطان والقلب والكلى وآخرون ممن يعانون من مرض السكر والضغط وغيرهما.
وهنالك ما يقارب 18 أسيراً يقيمون بشكل دائم فيما يُسمى "بمستشفى مراج بسجن الرملة" بعضهم غير قادر على الحركة، في ظل استمرار تجاهل معاناتهم من قبل إدارة السجون وعدم تقديم الرعاية الصحية والعلاج اللازم لهم وفق مصادر متعددة. وبعد، قال الأسير سامي أبو دياك في رسالته الأخيرة: "إلى كل ضمير حي، أنا أعيش في ساعاتي وأيامي الأخيرة، لا أريد الآن سوى أن أفارق الحياة وأنا في أحضان والدتي، لا أريد الموت وأنا مكبل اليدين والقدمين أمام سجان يعشق الموت، ويتغذى على آلامنا وأوجاعنا".
نعيم إبراهيم
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت