كغيري من الشعب الفلسطيني قرأت وتابعت ما قاله الرئيس الفلسطيني في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في رام الله، وركزت اكثر على عبارة قالها وهي ان صفقة القرن تطبق قطعة قطعة، وهذا يلمسه كل مواطن فلسطيني، فالاحتلال لا يلتزم الا بما يحقق مصالحه وليس مصالح الشعب الفلسطيني، فالقوة – في عالم اليوم- لها الكلمة العليا وليس الحق والعدل وقرارات الامم المتحدة التي بقيت حبرا على ورق ولا تطبق خاصة فيما يخص حقوق الشعب الفلسطيني وانهاء الاحتلال.
ومما قاله الرئيس ان الاحتلال يتنصل مما اتفق عليه من بين ذلك اعتقال طواقم عمل تلفزيون فلسطين في القدس المحتلة، وتمنع الجميع من العمل، "الأمر الذي يؤكد لنا أن صفقة العصر تطبق قطعة قطعة، وان ما قام به السيد ترمب بنقل السفارة الأمريكية الى القدس، وضمها الى القدس الغربية أصبح أمراً في طريقه الى أن يكون مفروضا على أرض الواقع".
لا يختلف اثنان على ان سياسة "ترمب" اتجاه الحق الفلسطيني، عملت على زيادة الفجوة بين امريكا والعالم العربي والاسلامي، ولكنها تبقى ليست سياسة فردية وشخصية، بل سياسة الادارة الامريكية بمجملها الظالمة للفلسطينيين والمنحازة بالكامل للاحتلال واختزال السياسة الامريكية بشخص "ترمب" هو غباء وسذاجة.
تزامن خطاب الرئيس مع تصويت مجلس النواب الامريكي على القرار الداعم لحل الدولتين والرافض لسياسة الضم والاستيطان، لكن هنا يبقى السؤال الصعب هل التصويت سيلغي قرارات "ترمب" ام مجرد تخدير للعرب والمسملين وشراء الوقت للمزيد من تهويد الارض الفلسطينية وامتصاص الغضب الفلسطيني لقرارات "ترمب" ولاحقا ضم حقيقي للاغوار، والعالم العربي والاسلامي يتفرج ولا يحرك ساكنا!؟
وهدد الرئيس بالغاء ما تم الاتفاق عليه، إذا استمرت هذه الأشياء من بينها مواصلة الاستيطان وقرار بناء مستوطنة في قلب الخليل، و"المستشفى الامريكي، وجزيرة صناعية ومطار بغزة والتي كانت تفاهمات كنتاج للحرب العداونية على غزة عام 2014، في موضع التطبيق، داعيا حماس لعدم قبولها خارج الشرعية، قائلا : فان جميع علاقاتنا المكتوبة والمتفق عليها، بيننا وبين" إسرائيل" وأمريكا ستكون لاغية، وسنعمل كلنا ونعد انفسنا من الآن من أجل هذه اللحظة، لأنه لا يمكن أن نتحمل أن يضموا الأرض ويقضموها قطعة قطعة ونحن نتفرج".
الغاء الاتفاقيات مع الاحتلال وامريكا له ثمنه، والاحتلال يريد من الفلسطينيين السكوت عن احتلال ارضهم في سابقة لم تحصل عبر التاريخ، ان سكت وصمت شعب على محتليه ورضي بهم وتعايش معهم.
الرئيس تابع في خطابة امام اللجنة التنفيذية قائلا: يضاف الى كل هذا موضوع المستعمرات والمستوطنة في داخل الخليل، وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه.
فالاحتلال حسب خطاب الرئيس يعمل على جبهتين: الضفة وغزة، في الضفة استيطان ونية حقيقة لضم للاغوار وتهويد ما تبقى من الاراضي وفي غزة يريد الاحتلال ان يغري غزة بمستشفى وميناء ومطار وغيره من التسهيلات وتخفيف الحصار، كي لا تعترض على تهويد الضفة، وتمرير صفقة القرن، حيث اعتبر الرئيس المستشفى الامريكي خطوة اولى من خطوات صفقة القرن، فيما تراه حماس خطوة لتخفيف الحصار عن غزة.
السجال الفلسطيني حول المستشفى او الامور الخلافية يحل بطريقة بسيطة وسريعة وهي ترك الامر للمجلس التشريعي القادم كنتاج للانتخابات التي وافقت عليها حماس وفتح، وبالتالي تعاد الامور لنصابها الصحيح، وتوجه البوصلة بشكل صحيح لان المجلس التشريعي هو خيار الشعب وينوب عنه في التصويت على قرارات مصيرية، وهو ما يخفف الاحتقان وينهي الانقسام والتراشق الى غير رجعة.
في المحصلة اي عمل يقرب من الهدف الرئيس والنهائي وهو كنس الاحتلال، فلا احد يعترض عليه او يقدر على ان يوقفه ويوقف حركة التاريخ، وكل عمل وتفاصيل هنا وهناك لا تساهم في التحرير، او ليست ذات قيمة ولا تصب في هدف التحرير، الاصل عدم التركيز عليها، لان التركيز دائما لشعب واقع تحت احتلال يجب ان يكون نحو التناقض الرئيس وليس التناقضات الفرعية الداخلية التي تستنزفه وتهدر طاقاته.
د. خالد معالي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت