الانتخابات العامة المنوي إجرائها إذا ما سارت الأمور بالشكل الإيجابي ، وفي حال عدم حدوث أية تطورات من شأنها تعطيل إجرائها ، خصوصاً أنّ التراشق حول المشفى الأمريكي في قطاع غزة قد احتل الصدارة كمادة سياسية وإعلامية بين السلطة وفتح من جهة ، وحماس من جهة أخرى . مضافاً لذلك ما صرحّ به السيد عزام الأحمد عن رد حماس حول الانتخابات : " أنَّ رد حركة حماس على رسالة الرئيس محمود عباس حول الانتخابات بحاجة إلى توضيحات من رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر . وأنّ حماس أرسلت رداً ، والقضية ليست قضية خداع ، جاهزون للانتخابات ثم يضعوا نقاطاً تتناقض مع الذي يُعلن " .
نحن سنفترض أن الانتخابات العامة ستحصل يوم غدٍ ، من دون أية عراقيل أو تعطيل ، لنعود إلى صلب موضوعنا ، الذي نتناول فيه الانتخابات في ظلِ النظام السياسي الفلسطيني الآيل للإنهيار الكامل على رؤوس الجميع ، وأولهم منظمة التحرير والسلطة من موقع أنهم المسؤولين بالشكل الرئيسي عما وصل إليه هذا النظام من حالة ترهل وارتهان ، لدرجة أن هذا النظام ومن كان يفترض أنه المؤتمن عليه قد سار به وبالقضية منذ " أوسلو " على رأسه بدل قدميه .
حالة الإفلاس التي وصل إليها هذا النظام من خلال إفراغه من كل مضامنيه على غير صعيد ، قد تسبب في تبديد عناوين المشروع الوطني الذي قامت عليه منظمة التحرير منذ تأسيسها ، ليُشكل اتفاق " أوسلو " وما خلفه من كوارث وطنية وسياسية وضعت عناوين قضيتنا ليس في مهب الريح وحسب ، بل في وسط الرياح الصهيو أمريكية الهوجاء التي لن تبقي من تلك العناوين شيء ، محولاً بذلك النظام السياسي بالقيمين عليه ، بدل أن يكون الرافعة والحامي للمشروع الوطني والحقوق والعناوين الوطنية ، إلى أداة التبديد والتفريط لما سبق ، نتيجة الرهانات البائسة على تسوية عُملّ عليها بإتقان ، خلُصت لصالح الكيان ومشروعه التوسعي والاستيطاني التهويدي .
حيث لم يبقى من هذا النظام شيء ، لا على صعيد منظمة التحرير ومؤسساتها ، ولا على صعيد السلطة التي لا حول لها ولا قوة ، في ظل مسلسل طويل من الإجراءات والسياسات لحكومات الكيان الصهيوني التي تكاد تطبق على كل شيء في أراضينا الفلسطينية المحتلة ، وكان يقابلها على الدوام حالة من الاستجداء والتباكي ، بدل من إطلاق العنان لشعبنا ونخبه وناشطيه من أجل مواجهة ومقاومة تلك السياسات الإجرامية .
والانقسام مثلّ فيما مثل من حالة ساهمت في تقويض وإضعاف النظام السياسي الفلسطيني ، لأن الأطراف الفلسطينية وتحديداً حماس وفتح لا زالتا تقفان عند مواقفهما ومصالحهما ، وإن كانت حماس تبدي مرونة من خلال موافقتها على رؤية الفصائل الثمانية التي أصبحت وراء الظهر ، ليتقدم موضوع الانتخابات على ما سواه من عناوين بما فيها الانقسام ، الذي لا خلاص منه في المدى لمنظور ،
إن لم نقل قد تكرسّ كنهج وسلوك يصعب معه الانتهاء منه . في ظل هذا النظام السياسي المتهاوي ، الذي تتحدث عنه جميع الفصائل وتدعو إلى إصلاحه ، يجري العمل قدماً للسير بإجراء الانتخابات ، قبل البحث في الوسائل والآليات التي تعيد لهذا النظام دينماتيه وحيويته ، من خلال إحياء وإصلاح المؤسسات الوطنية ، وتحديداً منظمة التحرير الفلسطينية على أسس من الشراكة الوطنية ، وهي أي المنظمة ، المرجعية لكل المؤسسات بما فيها السلطة ، التي تم تحويلها بقدرة من يتنفذ ويهيمن إلى مرجعية لكل المؤسسات بدل المنظمة التي تمّ تهميشها وإفراغها ، وما الإبقاء عليها كعنوان إلاّ لاستخدامه في مواجهة الآخرين في الساحة الفلسطينية .
والانتخابات بهذا المعنى وأياً تكن نتائجها ، ليس في مقدورها الإصلاح أو التغيير في الواقع الوطني والسياسي الراهن إلى الأفضل ، وكأن المطلوب ، أولاً التعمد باستمرار الحالة الفلسطينية على راهنها ، خصوصاً ما يتعلق بالنظام السياسي وعدم إصلاحه . وثانياً ، إعادة التجديد للطبقة السياسية المسؤولة أصلاً عن تهاوي هذا النظام وما آلت إليه المنظمة ومؤسساتها الوطنية .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت