لا يمكن إعتبار تعيين نفتالي بنيت وزيرا لما يسمى بوازة الدفاع في إسرائيل أمرا عابرا، او مجرد ضرورة إنتخابية لنتنياهو.
فالتعيين يمثل ذروة في تطور سيطرة المستعمرين المستوطنين في الضفة الغربية على مقاليد الحكم في إسرائيل، وفي سيطرتهم على كل ما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة، باعتبارها تخضع لسيطرة وزير الدفاع.
ولا يعني ذلك، أن معظم حكام إسرائيل السابقين، بمن فيهم بن غوريون وبيغن وشامير لم يكونوا أنفسهم مستوطنين مستعمرين، بقدر ما يعني أن فكرة "الحل الوسط وحل الدولتين" لم تكن سوى أكذوبة كبرى لكسب الوقت، ولامتصاص آثار الانتفاضة الشعبية الأولى، وأن المشروع الصهيوني في الضفة الغربية والقدس هو نفس المشروع الصهيوني الذي طبق في يافا، وحيفا، والجليل، والمثلث والنقب وباقي أراضي فلسطين التاريخية.
فنفتالي بنيت استهل مهامه بإعلان إقامة مستعمرة استيطانية جديدة في قلب مدينة الخليل، وبتصعيد الوعد بضم الأغوار، وبجمع سفراء الدول الأوروبية ليخبرهم بكل وقاحة أنه سيهدم أي بناء أو بنيان يقوموا بدعم إنشائه في جميع منطقة "ج" أي في 62% من الضفة الغربية، وهذه إحدى نتائج تقاعس الدول الأوروبية عن الدفاع عن مشاريع أنشأت بأموال دافعي الضرائب الأوروبيين وقامت إسرائيل بهدمها وتدميرها.
وهي نتيجة مباشرة لتردد الكثيرين من الساسة الأوروبيين عن مواجهة هجمة اللوبي الإسرائيلي وعن التصدي للإرهاب الفكري الصهيوني الذي يجول ويصول في الدول الأوروبية.
بل هي نتيجة لتقاعس الدول الأوروبية والمجتمع الدولي عن الدفاع عن القانون الدولي وحتى عن قوانينهاالخاصة.
وهي نتيجة لنشوء وضع غير طبيعي، وغير منطقي، بأن الدول تُخضع مواطنيها ومواطني كل العالم للقوانين بإستثناء إسرائيل ومستوطنيها المستعمرين وكل من يتبع لها.
وعندما يصل الأمر بالبرلمان الفرنسي إلى حد إعتبار كل إنتقاد للصهيونية نوعا من العداء للسامية، وعندما يصبح إنتقاد كل الحكومات يما فيها الأوروبية مشروعا، إلا حكومة إسرائيل التي يعتبر إنتقاد سياساتها العدوانية وخروقتها للقانون الدولي محرما، فإن هذا مؤشر على انحدار غير مسبوق في إزدواجية المعايير، وفي القيم السياسية والدبلوماسية.
ويخطىء من يظن أن كل ذلك يساعد إسرائيل التي يتحالف رئيس حكومتها ووزراؤها مع أكثر الحكام فاشية وعنصرية في العالم.
فالوقائع تؤكد أن سيطرة المستعمرين المستوطنين وسطوتهم وتصاعد عدوانيتهم ضد الشعب الفلسطيني، والسياسات الخنوعة لهم، لم تؤدي إلا لتكريس نظام الأبارتهايد العنصري الإسرائيلي، وإلى جعل إسرائيل، الكيان الأشد عنصرية في العالم بأسره.
وهذا طريق نهايته الإنهيار الحتمي لسببين: أولا لأن أنظمة الظلم العنصرية لا يمكن أن تدوم، ولن يكون النظام الإسرائيلي أقوى من النظام العنصري الأميركي الذي إنهار أمام حركة الحقوق المدنية، كما لن يكون أقوى من نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا الذي إنهار تحت تحت ضربات النضال الشعبي وحركة المقاطعة.
وثانيا لأن الشعب الفلسطيني لم، ولا، ولن يرضخ أبدا لعبودية العنصرية والإحتلال ونظام الأبارتهايد.
فليتشائم من يريد التشاؤم، وليستمتع بنيت وأنصاره بعنجهيتهم العابرة، لكن تفاؤل الإرادة سيهزم تشاؤم العقول العاجزة عن رؤية التغيير القادم.
بقلم د. مصطفى البرغوثي
الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت