تسبب قرار إسرائيل المفاجئ بمنع المسيحيين في قطاع غزة من زيارة الأماكن المقدسة في الضفة الغربية وشرق القدس خلال احتفالات عيد الميلاد المجيد بخيبة أمل وإحباط كبيرين لديهم.
وسمحت إسرائيل العام الماضي لنحو 500 مسيحي من غزة بالسفر إلى القدس وبيت لحم خلال موسم عطلات عيد الميلاد لكنها أعلنت هذا العام أنه سيتم المنع بشكل كلي.
وانعكس القرار بأجواء حزن وغضب داخل الكنيسة الأرثوذكسية في غزة.
وصرح المسئول الإعلامي في الكنيسة كامل عياد للصحفيين "هذا قرار مجحف وظالم وتسبب بالإحباط للمسيحيين في القطاع".
وأكد عياد على حق الفلسطينيين المسيحيين بغزة في زيارة الأماكن المقدسة بالضفة والغربية والقدس لتأدية الطقوس الدينية في عيد الميلاد.
وأتهم إسرائيل بأنها "تميز بين المسيحيين وتدفع بهجرتهم خارج وطنهم فلسطين ضمن سعيها لتكريس احتلالها للأراضي الفلسطينية".
وأعلنت السلطات الإسرائيلية أخيرا أنها لن تسمح للمسيحيين في قطاع غزة بزيارة المدن المقدسة مثل بيت لحم والقدس للاحتفال بعيد الميلاد المجيد هذا العام.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن القرار يتضمن إمكانية حصول مسيحيي غزة على إذن بالسفر للخارج لكن لن يُسمح لأي منهم بدخول إسرائيل والضفة الغربية، علما أنه يسكن في قطاع غزة نحو ألف مسيحي فقط.
ونشرت صحيفة (هآرتس) العبرية أن حوالي ألف مسيحي من غزة طلبوا تصاريح مغادرة للتوجه للاحتفال بعيد الميلاد في الضفة الغربية، لكن إسرائيل منحت تصاريح لـ 100 فقط بالمغادرة إلى الأردن.
وأوضحت الصحيفة أن من حصلوا على التصاريح للمغادرة إلى الأردن من سن 45 عاما، فيما لن يسمح للمسيحيين من غزة بالوصول إلى بيت لحم والقدس لحضور قداس عيد الميلاد.
وذكرت الصحيفة "في المجتمع المسيحي في غزة تم التعبير عن الغضب والإحباط عقب قرار المنع الإسرائيلي، أنه مجتمع صغير جدًا ولا يوجد سبب يدعو لمنع الجميع من الذهاب إلى الضفة الغربية والقدس".
وعادة ما يقتصر إحياء احتفالات عيد الميلاد في غزة على حفلات بسيطة بالنظر إلى تدهور الأوضاع المعيشية لسكان القطاع وما يعانوه من أزمات نقص في الخدمات الأساسية.
وكان المسيحيون في غزة يأملون في حصولهم على التصاريح اللازمة لزيارة بيت لحم والقدس من دون عقبات.
وتم التعبير عن هذا التفاؤل في مناسبة احتفالية لإضاءة شجرة عيد الميلاد في غزة نهاية الأسبوع الماضي على الرغم من الصعوبات الاقتصادية والغموض الأمني الذي يسود قطاع غزة.
وقال مسئولون مسيحيون إن قرار إسرائيل إصدار عدد محدود للغاية من التصاريح أحبط الجو لأنه حتى أولئك الذين حصلوا على تصاريح لن يتركوا عائلاتهم في غزة وحدهم ويسافروا.
وأدانت الهيئة الاسلامية المسيحية الفلسطينية قرار إسرائيل "المجحف" بحق المسيحيين في قطاع غزة.
واعتبر أمين عام الهيئة حنا عيسى في بيان صحفي أن القرار الإسرائيلي يمثل "انتهاكا جسيما لحرية التنقل والعبادة الواردتين في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948".
وقال عيسى إن إسرائيل "تنتهك بأفعالها هذه اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية السكان المدنيين، والبروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف بما يتعلق بحرية العبادة بمنعها المؤمنين من الوصول إلى أماكن عبادتهم بحجج وذرائع واهية".
وأضاف أنه يجب على إسرائيل حسب القانون الدولي الإنساني أن تسهل وصول المؤمنين إلى بيوت العبادة، مؤكدا على حق المسيحيين الفلسطينيين في ممارسة عباداتهم كباقي الشعوب استنادا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948.
من جهته، أكد رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا أن الإجراء الإسرائيلي بحق مسيحيي غزة "مرفوض ومستنكر جملةً وتفصيلا".
وقال حنا في بيان "أعربنا في أكثر من مناسبة عن تحفظنا على مسألة التصاريح التي تعطى للمسيحيين والمسلمين في أعيادهم لكي يتمكنوا من الوصول إلى الأماكن المقدسة".
وأضاف أن "مدينة القدس من المفترض أن تكون مفتوحة لكافة أبناء الشعب الفلسطيني، وأن يتمكنوا من الوصول إليها في الأعياد وغيرها".
وشدد حنا على أنه "لا يجوز أن توصد أبواب القدس وبيت لحم أمام أبناء الشعب الفلسطيني، ومنع مسيحيي غزة يبرز الوجه العنصري للاحتلال الذي يستهدفنا كأبناء للشعب الواحد ولا يستثنى أحدًا من ذلك".
وطالب المطران حنا بإنهاء الحصار الإسرائيلي الظالم عن قطاع غزة "حتى ينعم السكان بحرية التنقل من مكان إلى آخر".
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة، عقب سيطرة حركة حماس عليه في العام 2007، ويتضمن ذلك قيودا مشددة على حركة الأفراد من وإلى القطاع.