كلمة السر

بقلم: رأفت ناصيف

رأفت ناصيف

بعد ٣٢عاما مضت منذ إعلان انطلاقة حركة حماس ما زالت الحركة تراكم الانجازات للمشروع الوطني مشروع التحرير وما زالت تذهل البعيد قبل القريب بعطائها المتواصل متجاوزة لكل التحديات التي واجهتها منذ أن شكلت انطلاقتها الولوج في كافة أشكال المقاومة عندما تهيئت الفرصة تنفيذًا لقرارها في بداية الثمانينات والذي قررت فيه توسيع دائرة مقاومتها للاحتلال لتشمل كل ميدان المقاومة للاحتلال لتشمل كل ميادين المقاومة على اختلاف أشكالها، وكان ذلك بعد تقدير موقف بجهوزيتها لا سيما بعد أن أنجزت بنجاح مميز في ميدان العمل النقابي لا سيما الطلابي منه على أن يتم تحين الوقتا والفرص المناسبات وهو ما تحقق بعد حادثة المقطوره فنال اهل غزة العزة شرف السبق بتنفيذ القرار بإعلان الانطلاقة ممثلين بالإخوة في مكتب غزة العام بقياده الشيخ الإمام أحمد ياسين .

ومنذ ذلك اليوم 14/12/1987 تخطت حماس العديد من التحديات الجسام، وراكمت الانجازات على الصعيد الوطني بعطاء نوعي بالرغم من ضخامة المعيقات وقلة الإمكانات، ورغم تكالب الشقيق والاخ والبعيد والعدو عليها.

فمنذ إعلان الانطلاقة وحتى اليوم مرت الحركة بتحديات ومعيقات جسام بدأت بالتجاهل على أمل أن تكون ظاهره عابره مرورا بمحاولات للاحتواء فحملات التشويه والتخوين والاتهام بالتبعية لهذا وذاك، وصولا لمحاولات منعها من النشاط الميداني ومحاولة افشال فعاليتها والاعتداء على أبنائها ورغم المحاولات الجمعية لاستئصالها لا سيما بعد أن ذاق العدو من فعلها مما لم يعرفه من قبل، وتكالب الكل عليها كما كان في مؤتمر شرم الشيخ عام 1996 كل ذلك دون جدوى.
وعندما أيقن الجميع باستعصاء الحركة على الانكسار والاستسلام ورأوا الصلابة والصمود والإصرار منها، ايقنوا بعدم إمكانية امكانية استئصال هذه الحركة المباركة، لكنهم لم يتوقفوا فعادوا لمحاولات الاحتواء والخديعة مره اخرى مستخدمين اساليب عسلية محشوه بالسم فكانت الانتخابات الوسيلة هذه المرة عام 2006، إلا أن الصدمة كانت أكبر عليهم هذه المرة عندما حققت الحركة فوزا فاق كل تخيلاتهم، ومع ذلك ذهبوا لتفريغ النتائج من مضمونها داخليا وانقلبوا على كل القيم والشعارات دوليا عندما لم يحترموا إرادة الشعب الفلسطيني ووضعوا الاشتراطات التي تنقلب كليا على البرنامج الذي اختاره الشعب الفلسطيني واقتنع به كسبيل لتحقيق حقوقه المسلوبة، ولم يكتفوا بذلك، بل ذهبوا لأسلوب الإغراء اللامحدود بتقديم مكاسب ذاتية للحركة والاعتراف بها كلاعب سياسي مقابل التخلي عن برنامجها القائم على المبادئ والثوابت والحقوق التي تحقق الحرية والاستقلال لشعبها، وعندما فشل كل ذلك ولم تنتهي هذه المحاولات بشتى الصور لإقصاء الحركة أو تهميشها حتى اليوم .سلكوا كل السبل الإرهابية والعدوانية في محاولة لإقصاء الحركة عن المشهد الفلسطيني أو حرفها عن طريقها المرسومة وما زالت الحركة تتعرض حتى يومنا هذا لذات السياسات العدوانية.

أمام كل ما سبق، بقيت الحركة وفيه لمبادئها وواجبها الشرعي والوطني وأصرت على المضي في مشروع التحرير حتى إنجازه بتحرير كل فلسطين، وتحقيق الحرية التامة للإنسان الفلسطيني على أرضه وفي وطنه وتحريره من كل القيود التي يحاول العدو والصديق تكبيله بها، وبقيت الحركة عصية على الرضوخ أمام الابتزاز والترهيب أو الاغراءات، ومضت متمسكة بخيار المقاومة بكافة أشكالها كخيار لانتزاع الحقوق وإنجاز الاستقلال الكامل وتحقيق السيادة الكاملة غير المنقوصة على  كامل تراب فلسطين ولكل الفلسطينيين أينما كانوا، مصرة على تحقيق العودة الكريمة الكاملة لكل فلسطيني خرج من مدينته وقريته وبلدته وإلى ذات المكان الذي أخرج منه وتحقيق الحرية لكل الأسرى,
 وفي سبيل ذلك انطلقت الحركة وما زالت على ذات الطريق لا تلتفت لما يصيبها من أذى، بعيدة كل البعد عن اليأس بسبب جولة كسبها العدو أو الخصم أو قد يمر بها صمت مؤقت لموقع من مواقعها، فهي تؤمن أنه صمت يغلق غضب وإصرار مكنون سرعان ما سينفجر ليواصل المسيرة نحو الهدف المرسوم وليفشل كل مراهنات الواهمين بأنهم حققوا نصرا على الحركة أو استطاعوا أن يحرفوا بوصلتها عن الهدف الأصيل الذي حددته منذ ولادتها كبوصلة لا انحراف لها، غير آبه بكل محاولات الإيذاء من الشقيق والأخ لأنها تؤمن بأنه لا بد أن يدرك صوابية مشروعها ومنهجا ولا بد أن يعود يوما ليكون سندا في مشروع التحرير، وفي ذات الوقت فإنها لم ولن تغفر لعدو اعتدى على شعبنها وأرضه.

٣٢عام مضت وحماس ثابته راسخه كالشجر المثمرة مع من رماها بالحجر من الأشقاء والاخوة، وكالبركان المتفجر جمرا وناره تحرق عدو ظن للحظه أن بامكانه المس بالشعب الفلسطيني وحقوقه ومقدساته وأسراه.

حماس بعد ٣٢عام اقوى واصلب وأكثر اتقان في عملها وأعمق ايلام لعدوها، وأكثر ايلام لعدوها، احتارت أمامها عقول من يعاديها أما سر قوتها فلسان حالهم يقول: قتلنا قادتها .. ابعدناهم ... غيبناهم في السجون .. أنزلنا عليهم أصناف العذاب.. حاربناهم بلقمة عيش أطفالهم وعائلاتهم .. حاصرناهم .. حرضنا العالم عليهم .. كل ذلك دون جدوى. فما السر خلف هذه الحركة ؟!

اليوم وبمناسبة الذكرى ٣٢ لانطلاقة حماس نؤكد المؤكد بأن كلمة السر التي منحت حركة حماس كل هذه القوة أنها ليست رجالا بإقصائهم تنتهي ، ولا مؤسسات بإغلاقها تغيب ، ولا هي شركات كسب غير مشروع بإغرائها تنحرف ... ولا هي تقدس القائد الأوحد الذي بموته تتفرق ولا.. ولا ..

إنما حماس هي رساله وفكره ومنهج ... تتوارثها الأجيال بالفطرة لأنها منهج وفكره وسيلة مستندة إلى منهج الله سبحانه وسيرة نبيه عليه السلام منهما عرفت واجبها وفهمت استحقاقات دربها وتعلقت بأسمى الغايات .. رضى الله لا سواه ..

فهذه كلمة السر لمن اراد النيل من حماس وموقفها، فيما عليه لتحقيق مراده إلا أن يحقق ما تصبوا له حماس من تحقيق التحرير والاستقلال التامان لشعبنا الفلسطيني وتحقيق كافة حقوقه كحق لا منه من أحد.. عندها فقط يمكن لمن يحقق ذلك أن يعلن أنه انتصر على حماس .

كلمة السر أن الحقوق تنتزع بلا استجداء، وان البقاء والاستمرارية تفرضه القوة والفعل على الأرض ولا يتحقق بتصريح من أحد.

نهنئ شعبنا بهذه المناسبة المباركة، شعبنا الذي كان وما زال السباق نحو العزة والكرامة ولم يرضى يوما مذله فكان نعم الحاضن لمن يحفظ حقوقه.

وعندما نهنئ عموم أهلنا بذكرى انطلاقة عملاق كان معلما في عطائه فإننا نهنئ المعلم في يومه فهو يستحق كل التقدير والاحترام فهو من أسس البناء والتكوين فكل التحية للمعلمين والمعلمات.


كتب القيادي رأفت ناصيف:

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت