رغم انسداد الأفق السياسي، ووصول عملية السلام الى طريق مسدود، فإن من يتابع مواقف دول العالم تجاه قضية فلسطين يستطيع أن يدرك تماما ودون أدنى عناء أن غالبية دول العالم لا تزال تقف إلي جانب قضيتنا الوطنية الفلسطينية العادلة، وهذا بالمناسبة تدعمه العديد العديد من الحقائق والشواهد التي يعرفها الكثيرين من أبناء شعبنا الفلسطيني والتي سأكتفى بتسليط الضوء على أمثلة منها فقط من باب التذكير.
فعلى صعيد الأمم المتحدة ومؤسساتها، فقد قدمت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا في يوليو 2004 بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار الضم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما قام مجلس الأمن بالتصويت بواقع 14 دولة من أعضائه على "عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وأنه يشكل مخالفة صريحة للقانون الدولي بشكل لا لبس فيه، الأمر الذى أكدت عليه كل من الصين وروسيا، و نيكولاى ميلادينوف. ثم هناك القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتصويت وموافقة 169 دولة من الدول الاعضاء في هيئة الامم المتحدة والذى جاء ليؤكد على تمديد مهمة عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لمدة ثلاث سنوات.
أوروبياً، فقد أصدرت محكمة العدل الاوروبية قرارا يلزم الدول الاعضاء في الاتحاد بوضع ملصق "منتج مستوطنات وليس "صنع في اسرائيل" على السلع المنتجة في المستوطنات، وهذا يشكل إضافة نوعية لعدم شرعنة المستوطنات الاسرائيلية ومخالفتها للقانون الدولي، ناهيك عن دعوة ايرلندا لدول الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوات للتصدي لأى تدخل إسرائيلي غير مسئول وغير مشروع في غور الاردن، وتلك المشاورات الحالية من قبل مجلس الشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بشأن النهج الواجب على الاتحاد ممارسته تجاه عملية السلام في الشرق الاوسط وايجاد تسوية على أساس مبدأ حل الدولتين.
أمريكياً، فقد تبنى مجلس النواب الأمريكي قرارا صوت لصالحه 226 عضوا وعارضه 188 والذى جاء ليدعم حل الدولتين ويؤسس لتسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطينية، ناهيك عن توقيعات عدد (135) عضوا من الكونغرس الأمريكي على عريضة طالبت "بومبيو" للتراجع عن قراره بشأن المستوطنات، وأن قراره يشكل انتهاكاً صارخاً للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة، ويتناقض مع الرأي القانوني الصادر عن وزارة الخارجية في عام 1978 والذى ينص على أن المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتعارض مع القانون الدولي ويجعل قيام دولة فلسطينية متماسكة جغرافياً غير قابل للتطبيق، ويزعزع مصداقية الولايات المتحدة كوسيط نزيه لعملية السلام. أما صحيفة "نيويورك تايمز" وهى من كبريات الصحف في الولايات المتحدة الامريكية فقد جاءت بعنوان رئيس واضح وضوح الشمس يؤكد على أن "المستوطنات الاسرائيلية تشكل عقبة في طريق السلام".
إسلامياً، فقد أصدرت القمة الاسلامية في دورتها ال14 العادية والتي انعقدت في مكة المكرمة قرارا أكدت من خلاله على مركزية قضية فلسطين وعلى الهوية العربية والاسلامية للقدس المحتلة، وعلى ضرورة الانهاء الفوري للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعم وحدانية التمثيل الفلسطيني ضمن إطار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وعلى أن اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها يعتبر اعتداءاً سافراً على الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني واستهدافا لتطلعاته المشروعة لنيل حريته واستقلاله.
عربياً، فقد جاء مؤتمر القمة العربي التاسع والعشرون 2018 والذى انعقد في الظهران ليؤكد على "بطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل" وطالب دول العالم بعدم نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ناهيك عن مؤتمر القمة العربي الثلاثون 2019 الذي انعقد في تونس الشقيق والذي دعي المجتمع الدولي إلي مواصلة دعم وكالة الغوث وتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لميزانيها وأنشطتها بهدف تمكينها من مواصلة تقديم الخدمات الاساسية للاجئين الفلسطينيين، وإلي وضع حد لاعتداءات اسرائيل وانتهاكاتها الممنهجة للمقدسات الاسلامية والمسيحية وفى مقدمتها المسجد الاقصى المبارك.
نعم هذه مواقف غالبية دول العالم وهى بكل تأكيد مواقف داعمة ومؤيدة ومساندة لقضية فلسطين، فهي ترفض الاحتلال، وترفض الاستيطان، وتدعو لإقامة دولة فلسطين في الأراضي المحتلة منذ العام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وهنا يبرز إلي السطح سؤال كبير في غاية الأهمية "رغم ما قدمه شعبنا الفلسطيني من تضحيات جسام يشهد بها كل أحرار العالم، وطالما أننا نحظى بكل هذا الدعم والتأييد العالمي، فلماذا يا ترى لانزال نرزح تحت نير الاحتلال، ولماذا لم نفلح فلسطينيا حتى الأن في تحقيق طموحاتنا في الحرية والاستقلال؟؟؟؟"" والاجابة باختصار شديد تكمن في "أننا لسنا مع أنفسنا" وهذا نتاج طبيعي لما نعانيه من أخطر حركة انقسامية طالت الصعد السياسية ، والجغرافية، والبرلمانية والقضائية، والقانونية، والعشائرية، والرياضية، والمؤسساتية .... الخ. وهنا اقول بصوت مرتفع فلسطين اكبر من كل تنظيماتكم، وعلم فلسطين أكبر من كل يافطاتكم، فهل من رجل رشيد يعيد لنا وحدتنا ولحمتنا، ويلم شملنا، ويجمعنا على أهداف واحدة على طريق الحرية والاستقلال؟؟؟؟!!!
د. يوسف صافى
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت