قال وكيل وزارة الزراعة الفلسطينية بقطاع غزة إبراهيم القدرة، إن وزارته وضعت لنفسها استراتيجية وسياسة جديدة منذ استلام الحكومة العاشرة مهامها في العام 2006، تتمثل في خلق اقتصاد زراعي مقاوم، ويعين الشعب الفلسطيني على الصمود والتجذر في أرضه.
وأوضح القدرة في حوار مع وكالة "الرأي" الحكومية بغزة، أن هناك ثلاث استراتجيات تسير عليها الوزارة لتحقيق أهدافها، تتمثل في تحسين الأمن الغذائي للمواطن، وزيادة الصادرات الزراعية، وحماية المستهلك، إضافة للإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.
وذكر أن وزارة الزراعة استطاعت أن تدخل تقنيات حديثة لتطوير القطاع الزراعي وتحسين الإنتاج حسب المواصفات والمعايير التي تضعها الوزارة، كذلك المحافظة على البيئة من خلال المكافحة المتكاملة والحيوية من أجل تقليل استخدام المبيدات الزراعية من أجل الحفاظ على الصحة العامة وعلى البيئة بشكل عام.
وأكد وكيل الوزارة أنه في العام 2019 تم وضع شعار للوزارة يهدف لتحقيق الدعم للمزارع وحماية المستهلك، وأن غزة ليست مكب للنفايات، مبيناً أن هناك خطة متكاملة لتحديد المساحات المزروعة بهدف وقف وتقليل تذبذب أسعار المنتجات الغذائية، بسبب ما حدث من فجوات خلال الأعوام الماضية في العديد من هذه المنتجات خاصة التي فاضت عن حاجة السكان.
وعلى سبيل المثال قال القدرة إن وزارته استطاعت أن تحدد المساحات المزروعة من محصول البندورة، حتى لا يحصل فائض في هذا المنتج، حيث تم تخصيص 1200 دونم (8000 ألف طن)، لدعم القطاع الصناعي وسد العجز في إنتاج "الصلصة"، وربطه بالقطاع الزراعي خاصة في وقت الذروة في فصل الصيف، وبالتالي يتم الحفاظ على ديمومة زراعة هذا المنتج والأيدي العاملة.
وبين القدرة أنه ولأول مرة في العام 2019، يصبح لدى وزارة الزراعة فائضاً في منتوج البصل وتحقيق الاكتفاء الذاتي منذ سنوات عديدة، وبعد أن كان يتم استيراد كميات من البصل من خارج قطاع غزة، وذلك عن طريق تخزين الكميات الزائدة في ثلاجات وبرادات خاصة، لحفظ البصل لمدة ثلاثة شهور.
وذكر القدرة أن هناك توجه في العام 2020 لربط منتجات زراعية أخرى بالقطاع الصناعي، لتوفير احتياجات السوق من المخللات، من منتوجات الخيار والباذنجان، أو تحويلها للتعليب، وبذلك تغطية كل الفجوات من الإنتاج الزراعي وتحويل الفائض منه للقطاع الصناعي.
وأكد أن قطاع غزة حقق اكتفاء ذاتياً في معظم الخضروات وصل لمانسبته 98%، بالرغم من الحصار والإغلاق وتجريف الأراضي الزراعية من قبل الاحتلال، مبيناً أن العام 2018 شهد إنتاج 400 ألف من الخضروات، فيما تم تصدير 40 ألف طن، والباقي 360 ألف طن كان للاستهلاك المحلي.
وشدد القدرة على أن وزارة الزراعة تقف جنباً الى جنب مع المزارع الفلسطيني، ودعم صموده وتجذره في أرضه، وفقاً للإمكانيات المتاحة.
وأوضح وكيل الوزارة أن الزراعة تقوم باستمرار على تشجيع المزارعين على زراعة منتجات وأصناف جديدة، كما حدث مع منتج زيت الزيتون ولأول مرة هذا العام أيضاً، وصل الإنتاج هذا منه الى 4200 طن، وبالتالي تم منع التجار من استيراده من الخارج منذ شهر سبتمبر من هذا العام.
واستمراراً لسياسة الوزارة في دعم المنتج المحلي، ومنذ بداية موسم قطف البلح في هذا العام 2019، توجهت الوزارة الى منع استيراد البلح والعجوة من الخارج، بهدف تشجيع المزارع والصناعات المحلية من هذا المنتج، كالعجوة وصناعة المربى والدبس وغيرها، والذي وصل الى حد الاكتفاء الذاتي.
وكشف القدرة أن كافة المنتجات الزراعية من الحمضيات في أسواق القطاع هي منتجات محلية، حيث تم منع استيراد كل أصناف الحمضيات، في الفترة مابين شهر أكتوبر حتى شهر مارس من العام المقبل.
وعرج القدرة في سياق حديثه، على جهود الوزارة وكافة طواقمها على تطوير الواقع في القطاع الحيواني، وضرورة مطابقة ما يتم استيراده للمواصفات والشروط التي حددتها وزارة الزراعة، حيث بدأت الوزارة باستيراد "بيض الفقص" الذي ينتج الكتاكيت والتي يتم تربيتها داخل المزارع لإنتاج الدجاج اللاحم.
وأضاف أن الوزارة أتلفت ما يقارب النصف مليون بيضة فقص غير مطابقة للمواصفات، ماجعل من كافة التجار وفي ظل الإجراءات الصارمة الى الالتزام التام بشروط استيراد أي من المنتجات الحيوانية، وبالتالي التزم مانسبته 99% من التجار بكافة الشروط التي وضعتها وزارة الزراعة.
أما عن استيراد الأعلاف الحيوانية من الخارج، أكد وكيل الوزارة أن الطواقم العاملة على المعابر والحدود استطاعت أن تنظم هذه العملية وفقا للمعايير التي تسير عليها الوزارة، مبيناً أن هناك عينات يتم أخذها من هذه الأعلاف ليتم فحصها داخل مختبرات الجامعة الإسلامية.
وأوضح أنه خلال السنوات الخمس الماضية استطاعت وزارة الزراعة أن تمنع استيراد كميات كبيرة من مخلفات الإنتاج الحيواني المرجع من الداخل المحتل، أومن مخلفات مصانع الأعلاف، والتي يقوم البعض بتجميعها ومحاولة توريدها لقطاع غزة.
في قطاع المواشي قال القدرة إن وزارة الزراعة تعاملت بشكل صارم مع مخلفات الاحتلال من الأبقار، والتي لاتصلح للتربية وإنتاج الحليب، مؤكداً أن أصحاب مزارع الاحتلال يسعون للتخلص منها عن توريدها لقطاع غزة، ما حذا بالوزارة الى إنشاء المحجر البيطري، كنواة للمحجر الزراعي، الذي يحتوي على محجر حيواني وآخر نباتي.
وتابع القدرة:" تم حجر جميع الأبقار التي يتم استيرادها من الاحتلال في محجر خاص، والبدء بفحص مخبري وأخد عينات دم منها عن طريق أطباء بيطريين، بالإضافة للفحص الظاهري، للتأكد من خلوها من الأمراض، وهل تصلح للتربية أو الاستهلاك الآدمي، كاشفاً أن أول شحنة تم حجزها واتلافها بلغت 155 رأس من الأبقار".
وذكر القدرة أنه وبعد مرور عام كامل وبذل جهود مضنية من قبل الطواقم الفنية المختصة والمشرفة على المحجر، وصلت نسبة الإتلاف للأبقار المستوردة الى "صفر"، مثنياً على هذا التطور الذي وصلت اليه وزارة الزراعة، مبيناً أن هناك توجه ليعمل هذا المحجر بإمكانيات أكبر وبآلية أفضل، بهدف الحفاظ على الصحة العامة، وتوفير أبقار ومواشي تصلح للتربية وإنتاج كميات كبير من الحليب وذات مواصفات جيدة.
وحول إمكانية استخدام المياه المعالجة، أكد القدرة أن وزارة الزراعة استطاعت أن تستفيد من هذه المياه في عمليات الري خاصة في زراعة الأشجار، حيث تم زراعة 500 دونم بأشجار الجوافة والزيتون.
وأوضح أن هناك خطة طموحة للاستفادة من كافة المياه المعالجة بعد الانتهاء من أنشاء محطات المعالجة، ليتم إنتاج مياه عالية الجودة ومطابقة للمواصفات العالمية، يمكن أن تستخدم في الزراعة، واستصلاح الأراضي التي تقع على الحدود الشرقية والتي لم يعد فيها مياه صالحة لا للزراعة ولا للشرب، بالتعاون مع مصلحة بلديات الساحل.
إذن هذه هي وزارة الزراعة التي نجحت وبالرغم من شح الإمكانيات والموارد في الوصول الى منتج زراعي وحيواني عال الجودة، والحفاظ على دعم المزارع وحماية المستهلك على حد سواء، وتوفير بيئة مناسبة للوصول الى العالمية، وأن لاتصبح غزة مكباً للنفايات.