قالت رئيسة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا يوم الجمعة إنها ستفتح تحقيقا كاملا في مزاعم ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية مما قد يشمل توجيه اتهامات لإسرائيليين أو لفلسطينيين.
وأضافت في بيان "لدي قناعة بأن... جرائم حرب ارتكبت أو ترتكب في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية وفي قطاع غزة".
وأوضحت بنسودا أنه في ظل طلب الأراضي الفلسطينية تدخل المحكمة فإنها لا تحتاج لطلب موافقة القضاة على بدء التحقيق.
ورحب الفلسطينيون بعزم المحكمة الجنائية التحقيق في "جرائم حرب" في الأراضي الفلسطينية.
وقال صائب عريقات رئيس اللجنة الوطنية المسؤولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية "إن قرار مكتب المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، الطلب من الدائرة التمهيدية فيها إصدار قرار للبت في اختصاصها الإقليمي في فلسطين، خطوة إيجابية ومشجعة تقرب فلسطين من فتح التحقيق الجنائي في جرائم الحرب التي ارتكبت فيها".
إسرائيل تستبق التحقيق
واستبق المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، يوم الجمعة، قرار المدعية العامة الدولية عبر إصدار وجهة نظر قانونية زعم فيها إن الضفة الغربية وقطاع غزة ليست ضمن صلاحية للمحكمة الدولية، وذلك في ظل التخوف الإسرائيلي من صدور قرار عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بفتح تحقيق ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن "هذا يوم أسود للحقيقة والعدالة. يحولون محكمة العدل الدولية إلى سلاح سياسي ضد إسرائيل. إنه أمر سخيف. نحن نحارب من أجل حقوقنا وحقيقتنا التاريخية بكل طريقة ممكنة"، واعتبر أن قرار المدعية العامة "قرار مخزي ولا أساس له".
ونقلت القناة 13 العبرية عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إنه "يوجد تخوف من قرار سيصدر قريبا عن المدعية في المحكمة في لاهاي حول فتح تحقيق ضد إسرائيل. ولذلك تم اليوم نشر وجهة نظر مندلبليت، التي تقول إنه لا توجد صلاحية للمحكمة الدولية في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وحسب وسائل إعلام عبرية، جاء في وجهة النظر التي أصدرها مندلبليت أن مكتب المدعية في محكمة لاهاي يجري منذ عدة سنوات "تدقيقا أوليا، في أعقاب توجه الفلسطينيين. والموقف القانوني والمبدئي لدولة إسرائيل، غير العضو في المحكمة، هو أن المحكمة لا تملك صلاحية قضائية بالنسبة لإسرائيل، وأي نشاط فلسطيني في المحكمة ليس نافذا قضائيا".
وعدد مندلبليت أربعة أسباب لذلك. والسبب الأول هو أن دولا ذات سيادة بإمكانها منح المحكمة صلاحية محاكمة جنائية. "والسلطة الفلسطينية لا تستوفي، بشكل بارز، الشروط لوجود دولة وفقا للقانون الدولي ومعاهدة روما".
والسبب الثاني، هو أن "الادعاء بانضمام الفلسطينيين لمعاهدة روما لا يمكن أن يشكل بديلا للامتحان الجوهري بمنح صلاحيات جنائية للمحكمة في دولة ذات سيادة ومنطقة محددة"، علما أن إسرائيل موجودة كقوة احتلال في الأراضي المختلة عام 1967 ولا أحد يعترف أنها جزءا من إسرائيل.
والسبب الثالث، على حد زعم مندلبليت، هو "وجود ادعاءات قانونية لدى إسرائيل وسارية المفعول بالنسبة للمناطق التي يدعي الفلسطينيون منح المحكمة صلاحية حيالها. وقد اتفقت إسرائيل والفلسطينيون، بدعم المجتمع الدولي، على حل الخلافات بينهم حول مستقبل المناطق في إطار مفاوضات".
والادعاء الرابع هو أن "الفلسطينيين بتوجههم إلى المحكمة، يسعون إلى انتهاك التفاهمات بين الجانبين، ودفع المحكمة إلى الحسم في مسائل سياسية ينبغي استيضاحها في المفاوضات وليس بإجراءات قضائية جنائية. ولم تتأسس المحكمة لهذا الغرض، وليست مخولة أو قادرة على النظر في هذه المواضيع، وخاصة بغياب اتفاق بين الجانبين".
وكان مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية قال في تقريره نشره في الخامس من الشهر الجاري، إنه "في حين أن الوضع كان قيد التحقيق الأولي منذ ما يقرب من خمس سنوات، واستفاد من المشاركة الهادفة والبناءة مع كل من السلطات الفلسطينية والإسرائيلية، وكذلك العديد من الجهات الفاعلة الأخرى، ما ساعد على تعميق فهم وتقييم الوضع بالنسبة للمكتب، فإن المدعية العام تعتقد أيضا أن الوقت قد حان لاتخاذ الخطوات اللازمة لتصل التحقيقات الأولية إلى نهايتها".
وكانت السلطة الفلسطينية قد طلبت منذ 5 سنوات، إطلاق تحقيق رسمي في جرائم حرب يرتكبها مسؤولون إسرائيليون في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وقدم الجانب الفلسطيني ثلاثة ملفات أساسية قي هذا السياق، تتعلق بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقضية الأسرى في السجون الإسرائيلية.
وطيلة هذه الفترة، ذكرت المحكمة في أكثر من مناسبة أنها عكفت على إجراء دراسة أولية حول الحالة في فلسطين لتقرر ما إذا كان الوضع يستدعي إطلاق تحقيق رسمي، علما بأن المحكمة لا تحقق مع دول وإنما مع مسؤولين يشتبه بارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.