بعد الإجتياح (الغزو) "الإسرائيلي" في نهاية مرحلته الأولى، والخروج الفلسطيني المسلح من بيروت نهاية آب/أغسطس 1982، خرجت أخر سفينة (السفينة اليونانية أتلانتيد) تحمل على متنها الدفعة الأخيرة (4000) مقاتل، من المقاتلين والقيادات الفلسطينية، من كافة الفصائل التي قررت القيادة الفلسطينية خروجها معها من بيروت. وفيها أصرَّ الرئيس الراحل ياسر عرفات أن يكون أخر الخارجين، وعلى متن أخر سفينة من بيروت.
كانت محطته الأولى الإبحار نحو ميناء ليماسول القبرصي، حين استقبله الرئيس القبرصي المطران مكاريوس بشكلٍ رسمي، وبعدها بالطائرة نحو أثينا/اليونان، حين استقبله رسمياً أيضاً الرئيس اليوناني في حينها (اندرياس باباندريو) وصولاً الى تونس، حيث المقر المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية والقيادة الفلسطينية، فيما توزعت القوات التي خرجت من بيروت في اكثر من مكان (سوريا + الأردن + العراق + اليمن الشمالي والجنوبي + الجزائر + السودان + مصر + تونس). اضافة للقوات، وعددها كبير، والتي كانت موجودة اصلاً في منطقة البقاع وشمال لبنان.
دخل أبو عمار إلى رصيف ميناء بيروت، كان يتقدم موكباً فيه قادة الحركة الوطنية اللبنانية، جميعاً، وقبل صعوده إلى السفينة لوح بيديه أمام الآلاف الذين احتشدوا فى وداعه قائلا: "أيها المجد لتركع أمام بيروت". فيما كانت يافطة كبيرة قبل الميناء، تحمل العبارة التالية على لسان قوات الحركة الوطنية اللبنانية : "لن نقول لكم وداعاً، فبيروت كلها زاحفة نحو فلسطين، ولقائنا الأخير على أرض الجليل".
بعد ايام، من وجوده في تونس، توجه أبو عمار لدمشق، وكانت البداية زيارته مثوى الشهداء في اليرموك (التربة القديمة)، ومعه الشهيد خليل الوزير، فاصطفت مجموعة من قوات الغربي التي جاءت من معسكر صلاح الدين (بيت نايم) تؤدي التحية العسكرية. مثوى الشهداء في اليرموك، يضم القوافل الأولى من شهداء الثورة والحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، اضافة للشهداء الذي استشهدوا لاحقاً في مسار العملية الوطنية الفلسطينية.
علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت