ان القانون والقضاء الدولى يعتبران وسيلة نضالية هامة فى حياة الشعب الفلسطينى، وهى تمثل اهم الاساليب النضالية الناعمة ، والتى تفعل مفاعليها اليوم اكثر من القوة الخشنة فى الكثير من الاحيان، وفي الوقت الذي واجه فيه الكيان الصهيوني انضمام دولة فلسطين إلى جملة من الاتفاقيات الدولية، إضافة إلى عدة بروتوكولات دولية هامة، حيث اعتبر الكثير من الفلسطينيين هذا الانجاز بالنصر القانوني الكبير وقدرة القيادة الفلسطينية على خلق البدائل في ادارة المعركة مع الكيان الصهيونى، و مواجهة السياسات الصهيونية الرامية إلى مقايضة الحقوق الفلسطينية بمجريات التسوية السياسية.
أن دخول دولة فلسطين إلى المعاهدات الدولية حيز التنفيذ ،يُفرض على الفلسطينيين اختبار وتحدي كبيران، لمدى قدرتهم على مواءمة الخصوصية الفلسطينية لمتطلبات هذه الاتفاقيات، وتهيئة الظروف المناسبة لتطبيق بنودها، سيما في ظل وجود دولة فلسطين تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني.
ورغم أهمية الاتفاقيات التى انضمت لها دولة فلسطين في واقع حياة الشعب الفلسطيني، ومؤسساته الرسمية والأهلية، إلا أن معظم المتخصصين والخبراء في الشؤون القانونية والحقوقية يرون أن اتفاقيات جنيف الأربع هي الأبرز والأهم من بين هذه الاتفاقيات ،لما تمثله من تمكن الفلسطينيين من متابعة وملاحقة ومساءلة قادة الاحتلال الصهيوني في المحافل الدولية، والقضاء الدولى لارتكابه انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1967.
ان هذه الإمكانية وإن تضاعفت قدرتها بعد عملية الانضمام إلى هذه المعاهدات، فإن انضمام دولة فلسطين الى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية أصبح اليوم لدى الشعب الفلسطينى وسائل نضالية جديدة في ملاحقة ومعاقبة مجرمي الحرب الصهاينة في القضاء الدولي.
المهم كيف يمكن لنا الاستفادة من القانون والقضاء الدولي، ووضع الأولويات والقضايا القانونية الهامة والتي تُمنح الحقوق للمدنيين الذين يقعون تحت الاحتلال، ومن ثم تدويل القضية الفلسطينية من خلال القانون والقضاء الدولى.
أن مؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات حقوق الانسان ، يجب ان يكون لها مساهمة كبيرة في مجال حقوق الانسان ، وأن القرار السياسي له اعتبارات خاصة والدولة كاطار ونظام سياسي هي التي تقرر الخطة الاستراتيجية للعمل بالقانون والقضاء الدولى ، رغم ان القضاء الدولى هو قضاء اشخاص وليس قضاء دول .
أن انضمام فلسطين إلى الاتفاقيات الدولية اصبح انجاز كبير ، له أثر ملموس وواضح في ملاحقة قادة الكيان الصهيوني قضائياً أمام المحاكم الدولية، على ما تقترفه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني.
أن هذا الانضمام يلزم الاحتلال الصهيوني بوقف انتهاكاته بحق الأسرى والمعتقلين والرهائن الفلسطينيين فى سجون الكيان الصهيونى، وبتفعيل هذه القانون والقضاء الدولى بالشكل الوطنى والمهنى.
أن التوقيع على اتفاقيات جنيف الأربع ، واتفاقية مناهضة التعذيب، يمنح الشعب الفلسطيني حيزاً واسعاً في ملاحقة، ومساءلة ومحاكمة قادة الاحتلال الصهيوني على ما يقوم به من قتل للفلسطينيين، وتعذيب للأسرى والمعتقلين والرهائن الفلسطينيين، و استشهاد أكثر من 250 مناضلا تحت التعذيب منذ العام 1967 فى سجون الكيان الصهيونى .
أن المجتمع الدولي عموماً متضامن مع الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه، ومشاركته في المواثيق الدولية التي تضمن له حقوقه وتصون موارده الطبيعية، مع ضرورة تشكيل تكتل دولي في ملاحقة ومحاكمة قادة الاحتلال الصهيوني على جرائمهم ضد الفلسطينيين.
أن أحد أهم العوامل المسببة للفساد في الأراضي الفلسطينية هو الكيان الصهيوني الذى يتذرع في عدم الالتزام بالاتفاقيات، والادعاء بأن الجانب الفلسطيني ليس بشريك في التفاوض لأنه يفتقد للثقة، والشفافية في التعامل.
أن القيادة الفلسطينية تدرك منذ ولادتها أهمية القانون والقضاء الدولي للقضية الفلسطينية، وحاولت في بعض خطابها التمسك به، والتأكيد على احترامها والتزامها بقواعده وأحكامه، لما له من أهمية قانونية في حفظ حقوق المدنيين الخاضعين للاحتلال العسكري، ولكسب التأييد الدولي للتوجه السياسي الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
ان هذا العام يجب ان يكون اهم المعارك فيه هو المعركة القانونية والقضائية، وذلك بتفعيل القانون والقضاء الدولى، خاصة بعد اعلان المدعية العامة بنتسودا، بان المحكمة الجنائية الدولية لها صلاحية بفتح تحقيق فى الاراضى الفلسطينية المحتلة.
وفى نهاية مقالى هذا اتمنى على سيادة الرئيس ابومازن، ان يقوم بأعادة تشكيل الهيئة العليا لملاحقة مجرمى الحرب، وان يصبح غالبية اعضاءها من الخبراء فى القانون الدولى ، حتى يتم العمل بالشكل القانونى والمهنى، و وضع خطة قانونية ومهنية واستراتيجية، لمتابعة وملاحقة مجرمى الحرب من قادة الاحتلال.
بقلم: د عبدالكريم شبير الخبير فى القانون الدولى
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت