بدأت مع اطلالة فجر اليوم الأول من العام الجديد، فعاليات ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي اطلقت رصاصاتها الأولى في سماء فلسطين، حركة فتح وجناحها العسكري (قوات العاصفة) في عملية (عيلبون) الفدائية في الأول من كانون الثاني/يناير 1965، وسقوط الشهيد الأول (أحمد موسى الدلكي)، ابن قرية (نص الدين) التابعة لمدينة طبريا في لواء الجليل.
الإحتفالات الوطنية الفلسطينية، وخاصة منها، احتفالات الإنطلاقة لمختلف الفصائل والقوى، طقوس كانت ومازالت، مكوناً من مكونات التحشيد التعبوي السياسي والتنظيمي لمختلف القوى. وإن كان زخم تلك الإحتفالات والنشاطات، كان أكثر تميزاً في سنوات السبعينيات والثمانينيات وحتى التسعينيات من القرن الماضي منه على ماهو عليه الآن.
في تلك الطقوس، والتي كانت بؤرتها التجمعات الفلسطينية في سوريا ولبنان بشكلٍ رئيسي، كان التنافس الفصائلي في اوجه، فالإستعراضات، والمسيرات، والمهرجانات، والمسيرات الكشفية، والعسكرية، ومشاركة فرق الموسيقى العسكرية (القِرَب) وغيرها، عنواناً للدلالة على سطوة وحضور وجماهيرية هذا التنظيم عن غيره، ومناسبة لتوسيع صفوفه، بضم اعضاءٍ جُدد.
كانت مناسبة الإنطلاقة، فرصة لتوسيع الخطط الفصلية، بالتوسع الأفقي للتنظيم، وتكثيف دورات بناء الكادر بهدف التوسّع الشاقولي، وتصعيد أصحاب الكفاءات والمهارات في العمل الشعبي والجماهيري، والأوجه المختلفة للعمل الوطني.
وجه ايجابي لتلك الفعاليات، فحواه تعبوي وسياسي، يراكم ثقافة وطنية، تؤكد الإنتماء والإلتصاق للأجيال الصاعدة بقضية الوطن المغتصب، كما مدلولاتها لطبيعة المجتمع الفلسطيني ودرجة تطوره باعتباره مجتمعاً يخضع للحراك والتفاعل بعيداً عن الموات السياسي والثقافي. ووجه (سلبي) رافق تلك الفعاليات، عبر ممارسات غير مقبولة، ومنها مانسميه بالعامية الفلسطينية بــ "الطوشات"، التي بدت وكأنها باتت في مراحل معية "جزءاً من الفولكلور الفلسطيني". فبعض تلك الفعاليات وصلت الى حدود الإحتراب كما وقع في المسيرة الشهيرة في أيار/مايو 1974، واصابت أمين عام احدى الفصائل اليسارية. ولم تنجو مدرجات جامعة دمشق وجامعة بيروت العربية من تلك الطوشات...الخ.
تاريخ زاخم، يلخص بايجابياته وسلبياته، مسيرة وطنية مكتظة للحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، مسيرة مازالت مستمرة، بالرغم من الجروح الثخينة المغروسة بجسدها في بلاد العرب أوطاني قبل العدو "الإسرائيلي".
((الصورة المرفقة من العرض العسكري في بيروت اوائل العام 1979 في عيد انطلاقة الثورة الفلسطينية، وفي الصورة من اليمين : حكمت العيد عضو المكتب السياسي لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان + الشهيد صلاح خلف (أبو اياد) + الرئيس الراحل ياسر عرفات + المرحوم تيسير قبعة عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية + طلال ناجي الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية/القيادة العامة + محمد عباس (أبو العباس) نائب أمين سر جبهة التحرير الفلسطينية)).
بقلم علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت