من حق حماس أن يكون لها تكتيكها الخاص , كونها جزء من منظومة المقاومة في غزة , وبحكم الجغرافيا التي تحدد نفوذ حماس في حدود غزة فقط , وبعيداً عن ما هو الخطأ وما هو الصواب , ومن هو الشرعي ومن هو الغير شرعي , فاليوم لا شرعية لأحد , فكل الولايات منتهية بحسب القانون , وحتى منظمة التحرير لا تملك القرار وحدها , فاليوم غزة تتحكم بقواعد الإشتباك , سواء سياسياً أو عسكرياً , فغالب الفصائل التي تطلق الصواريخ من غزة هي خارج منظمة التحرير , إضافة الى حماس والجهاد الإسلامي , فحماس ترى أنها غير ملزمة بمنظمة التحرير , ولا بحكومة وحدة ولا بحكومة وفاق , وهي تعتبر أن مجلسها التشريعي لا زال قائم , كما أن فتح تعتبر أن الرئيس لا زال قائم , فكل هذه الظروف الإستثنائية تعطي الحق لحماس "من وجهة نظرها" أن تعمل هدنة في غزة , كما عملت منظمة التحرير إتفاق أوسلوا , وكما أن باقي الفصائل تطلق الصواريخ على إسرائيل متى تشاء , وتقرر ساعات السلم وساعات الحرب , وترى أن ذلك حق لها , فاليوم في ظل الإنفسام وعدم وجود شرعيات ديمقراطية لأحد , فكل الفصائل تعطي لنفسها الحق أن تتصرف بشكل منفرد , وبناء على ذلك فحماس تعطي لنفسها الحق أن تعمل هدنة , وخاصة أنها متوافقة مع الفصيل الأكثر خطراً على إسرائيل "الجهاد الإسلامي" , وأيضاً الفصائل الصغيرة إختارت أن تدور في فلك حماس والجهاد , ولا تدور في فلك السلطة وفتح , والسبب أن مركزها في غزة , والسلطة لا تحكم غزة , وحماس تحكم غزة , ففلك حماس بالنسبة للفصائل الصغيرة أقرب من فلك السلطة .
ما ذكرت أعلاه يشجع حماس أن تجهر بالهدنة وتعلنها على وسائل الإعلام , دون تردد أو خجل , ولكن الغريب أن حماس لا زالت تتنكر لوجود هدنة , وتنسب ما يحدث من تفاهمات الى ما يسمى بكسر الحصار , فكل يومين أو ثلاث يخرج الناطق بإسم حماس حازم قاسم , وفي مناسبات مختلفة وينكر الهدنة , ويهاجم كل من يقول بوجود هدنة , وقد يعتمد قاسم في هذا الإنكار على عدم وجود إتفاق رسمي على ورق , أو مفاوضات مباشرة بين حماس وإسرائيل , فكل ما يدور هو إتفاق شفوي بوسيط مصري وقطري وأممي .
كما ذكرت أعلاه أن الفراغ السياسي والإنقسام وعدم الشرعيات القانونية لأي طرف كان , قد يدفع حماس لإعلان الهدنة على الملأ , ولكن إنكار حماس للهدنة نابع من أنها تشعر بوجود عدم الرضا من قبل الرأي العام نحو إنجازات الهدنة , ويرى الرأي العام أنها قليلة ولا تلبي الحاجة , ولهذا حماس دخلت في دائرة اللعب في المصطلحات في خطابها الإعلامي , وتحاول أن تقنع الرأي العام بأن ما يجري ليس هدنة وإنما كسر للحصار!! .
الهدنة في اللغة والإصطلاح هي وقف لإطلاق النار , وها نحن لا نطلق النار , وإستمرار هذا الوقف لإطلاق النار مرتبط بحجم التسهيلات ومداها الزمني , بمعنى أنه وطالما أن هناك مشاريع وتسهيلات من الجانب الإسرائيلي الى غزة , فهذا يعني أن لا إطلاق للنار , وإذا إستمرت التسهيلات لغزة لسنوات طويلة دون توقف , فهذا يعني أن تستمر الهدنة لسنوات طويلة , فليس شرطاً أن يكون كل شيئ مكتوب على الورق .
اشرف صالح
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت