عندما رأتني صدفة، بينما كنتُ اتنزه على حافة الكون نادت عليّ امرأة بصوتها المكتوم، التفتّ إلى مصدر الصوت، لكنني لم أر أية امرأة ..صوتها الأنثوي كان يشير إلى أنها راغبة في التحدث إلى أي كائن.. سمعتها تقول أخرجْني من هنا العدم، فأنا هنا حبيسة العدم منذ سرمدٍ، لقد مللتُ المكوث في سجن الفراغ، أرغب في الانطلاق صوب حياة أخرى، أرغب في أن يلمس الضوء جسدي، فهنا عتمة وفراغ وصمت وأراني محبوسة في عدم صامت.. أرغب في التحرر من عدم مهووس بصمته، ففي هذا الفراغ أراني لا شيء، مجرد امرأة مطوّقة بخيوط العتمة السرمدية، فأخرجني من هنا كي لا أموت من برْدِ العدم، أخرجني بسرعة من عدم صامت، فلا تتنزّه لوحدكَ على ضفّة نهر هادئ بسكونه السرمدي، كنتُ أسمع كلماتها، وأبحث عنها، لكنني لم أرها.. صوتها جنّني من نعومة نبرته رغم صوتها الحزين.. بحثت عنها في العدم، وفي الفراغ المعتم، لكنني لم أجدها.. كنت أسألها أينَ أنتِ؟ كانت ترد عليّ باستمرار أنا في سجن العدم، ابحثْ عن مصدر صوتي، وستراني مكبلة بخيوط العتمة، ها أنا متمددة في فراغ معتم منذ دهرٍ، فتعال أخرجني من هذا العدم، ابحث لسرمد من الزمن عنّي وستجدني أنتظرك..
عطا الله شاهين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت