فرحة وبهجة تسود دولة الاحتلال، بعد ان اثمرت ضغوطهم على ان تعلن محكمة الجنايات الدولية أنها لن تحقق مع "إسرائيل" في قيامها بارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
هكذا يستخف بنا وتضيع الحقوق من قبل المجتمع الدولي وأدواته، وهكذا تحججت محكمة الجنايات الدولية، انه لأسباب شكلية في الطلب الذي قدمتها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "فاتو بنسودة"، وهو تجاوز كتاب الطلب عدد الصفحات المطلوبة، الغي الطلب، وعلى بنسودة التقدم بطلب جديد يلتزم بشروط المحكمة.
تزامن الغاء الطلب والتملص من خلال الشكل والاجراءات القانونية، بان يعلن "نتنياهو" و"غانتس" عن ضم الأغوار وشمال البحر الميت والاعلان عن السيادة على المستوطنات بعد الانتخابات، فصارت الحقوق والثوابت الفلسطينية مجرد دعاية في المزاد الانتخابي لدولة الاحتلال.
كما تزامن الاعلان مع وجود اكثر من 40 رئيس دولة في القدس المحتلة، في الاحتفال بما يسمى ذكرى المحرقة، في استخفاف من دول العالم بمعاناة 14 مليون فلسطيني جراء احتلال ارضهم .
جيد ان يراهن الفلسطينيون على المجتمع الدولي، وان يذهبوا لمجلس الامن، لكن على ان لا يضعوا كل خياراتهم في سلة المجتمع الدولي، لانهم بذلك لا يحفظون خط الرجعة، ولنا في غزوة محكمة الجنايات الدلوية الاخير خير مثال.
نذهب للمجتمع الدولي ونحن ندرك انه صنيعة ونتاج الحرب العالمية الثانية، وهو نتاج للاقوياء، وما يحقق مصالح الاقوياء وليس الضعفاء والمساكين، فالقوي يفرض نفسه فرضا، والضعيف ليس له غير المناشدات والمطالبات.
ان صاحب الذهاب لادوات المجتمع الدولي مع فعل حقيقي على الارض فانه قد يثمر لاحقا، ولكن دون ذلك فان النتائج ماثلة امامنا.
من كان يظن ان الحقوق تعود بالمفاوضات، او بكثرة الدموع والبكاء واستعطاف العالم، فان الواثع ماثل امامنا، فالمجتمع الدلوي لم يحرر شعبا يوما ما من سطوة الاحتلال ما لم يتحرك الشعب الواقع تحت الاحتلال ويبادر بنفسه لكنس الاحتلال.
صحيح ان المجتمع الدولي ومؤسساته لا تطبق قراراته على الاحتلال في ظل الدعم الامريكي في المرحلة الحالية، وهذا يعود لموازين القوى وعدم استنهاض القوى لدى الشعب الفلسطيني بشكل صحيح ومعه القوى العربية.
رغم قرار الجنائية الظالم لشعبنا بحجة عدد الصفحات، الا ان ذلك لا يعني عدم مواصلة فضح وكشف جرائمه امام العالم واستصدار القرارات لذلك من اي مؤسسة دولية اخرى، فمرة تلو اخرى يجب فضح الاحتلال.
كسنة تاريخية اجراها الله تعالى في الكون، فان القوي لا تدوم قوته، وغدا يضعف ويحاكم على جرائمه ايا كان، وهو ما ينطبق على دولة الاحتلال التي تظن ان قوتها مخلدة، وما علمت ان الايام دول، وان الزمن ما عاد يعمل لصالحها، بدليل انحسارها وهروبها من جنوب لبنان وغزة، وتتلقى كل يوم صفعة من قطاع صغير رغم حصاره وتجويعه.
د. خالد معالي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت