قرر الرئيس محمود عباس أبو مازن أن يفتح صفحة بيضاء , بالتزامن مع رفع الرايات السوداء فوق أسطح المنازل الفلسطينية والمؤسسات الحكومية , إعتراضاً على إعلان صفقة القرن رسمياً , فتح الرئيس الصفحة البيضاء , وكتب عليها ثلاث عناوين رئيسية ومهمة ووطنية وبناءه..

العنوان الأول : دعوته العاجلة لحضور جميع الفصائل بما فيها حماس والجهاد الإسلامي , للإجتماع الوطني الشامل بهدف نقاش كيفية التصدي لتداعيات الإعلان عن صفقة القرن بكل الوسائل المتاحة .

العنوان الثاني : الإعلان رسمياً عن تغيير مهام ووظائف السلطة الفلسطينية , بحيث تعمل على تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بما يخص الإنسحاب التدريجي من إتفاقيات أوسلو سياسياً وإقتصادياً وأمنياً .

العنوان الثالث : قراره بزيارة غزة , وإرسال وفداً تمهيدياً للزيارة الى غزة الإسبوع القادم , مكون من أعضاء في اللجنتين التنفيذية والمركزية , بهدف إنهاء الإنقسام .

هذه العناوين الثلاثة وما سيتبعها من عناوين تفصيلية , تعني أن الرئيس قرر الإنسحاب من تداعيات أوسلو الإقتصادية والأمنية والجغرافية , وقرر أيضاً إنهاء حالة الإنقسام , وهذا يعني أن الرئيس سيعمل وفق الأمر الواقع وليس وفق النظريات القديمة , والتي كان يراهن بها على إمكانية التوصل الى سلام مع إسرائيل , وفي خط موازي كان يراهن على إمكانية حكم السلطة المطلق في غزة بسلاح واحد ونظام واحد , دون مراعات حساسيتها كونها مأواً لما يقارب من عشرين فصيلاً وجناحاً مسلحاً ,  ودون أن تدفع السلطة ثمن هذا الحكم من بعض صلاحياتها , وأيضاً توفير رواتب ونفقات ومشاريع...إلخ , فهذه النظريات القديمة أثبتت عجزها أمام واقع غزة والضفة , فالواقع يؤكد أن غزة بحاجة الى الضفة والعكس صحيح ,  ولهذا يجب على كل طرف أن يؤمن بطبيعة وإمكانيات الآخر , فقدوم الرئيس الى غزة سيحصنه عسكرياً كمقاومة , وخاصة أن إسرائيل ستبدأ بتهويد الضفة كخطوة أولى لتطبيق الصفقة من طرف واحد ,  وفي نفس الوقت غزة ستتحصن سياسياً وإقتصادياً بزيارة الرئيس بهدف إنهاء الإنقسام , وخاصة أن غزة اصبحت ملعباً لمن يريد الإستثمار , وهذا من أهم بنود صفقة القرن , وهذه الحصانة المتبادلة هي التعويض الوحيد لنا كفلسطينيين , وهي وتد ثباتنا على الثوابت .

لولا قرارات الرئيس العاجلة والمسؤولة , لكتبت أن صفقة القرن هي أفضل العروض نسبة لما نحن فيه الآن , وهذا ما لمح به جاريد كوشنر مستشار ترامب عندما قرأ بنود الصفقة , وقال أنها أفضل فرصة لشعب يائس وفقير ومحروم , ولكن أراد الله أنه وفي اليوم الأسود الذي أعلن فيه ترامب عن صفقته الجائرة , جعل الله هذا اليوم أبيض , ومن خلال الأخبار التي زفها الرئيس علينا ,  والتي أعلن فيها النفير العام للمقاومة , والنفير العام للوحدة .

اشرف صالح

كاتب صحفي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت