أبو مازن: أبلغنا الجانبين الإسرائيلي والأميركي بقطع جميع العلاقات بما في ذلك الامنية وعليهم ان يتحملوا مسؤولياتهم كقوة احتلال

ابو مازن

 قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ، يوم السبت، "لن أقبل بضم القدس لإسرائيل اطلاقا، وأن يسجل في تاريخي أنني بعت عاصمتنا الأبدية."

وجدد أبو مازن في كلمته أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب لمواجهة مخاطر الخطة الأميركية على القضية الفلسطينية ومنع ترسيمها كمرجعية دولية جديدة، رفض "صفقة القرن" جملة وتفصيلا.

وقال أبو مازن: "ما زلنا نؤمن بالسلام، ونريد أن يتم انشاء آلية دولية متعددة الاطراف، لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مشددا على أنه لا مكان لهذه الصفقة على الطاولة بكل بنودها."

وأضاف :" لسنا عدميين ونبحث عن حل عادل لقضيتنا على اساس الشرعية الدولية، لكن لن نقبل ابدا أن تكون اميركا وحدها وسيطا لعملية السلام."

وقال الرئيس الفلسطيني : "لا نطلب المستحيل من أحد، ولا نريد ان يقف أحد ضد اميركا، نريد فقط تأييد موقفنا، أي القبول بما نقبله ورفض ما نرفضه".

واكد انه جرى ابلاغ الجانبين الإسرائيلي والأميركي في رسالتين، عقب الاعلان عن "الصفقة"، بقطع العلاقات مع إسرائيل بما في ذلك العلاقات الامنية، لقيامها بنقض الاتفاقات الدولية بما في ذلك التي قامت على اساسها، وبأن خطة القرن ستكون لها تداعيات على الجانبين وعلى الاقليم كله، وان عليهم ان يتحملوا مسؤولياتهم كاملة كقوة احتلال.

وأضاف أبو مازن أنه سيشارك في قمة التعاون الإسلامي ثم القمة الافريقية، ثم سيتوجه إلى مجلس الأمن، إلى جانب العديد من المنظمات الدولية وغيرها لافشال "صفقة القرن".

وشدد على حق الشعب الفلسطيني في مواصلة نضاله المشروع بالطرق السلمية لانهاء الاحتلال واقامة دولتنا المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية..

وكشف أبو مازن عن رفضه في الآونة الأخيرة، لمرات الحديث هاتفيا مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أو استلام خطة "صفقة القرن" ، قبل الإعلان عنها.

وقال : "قالوا لي أن الرئيس ترمب يريد أن يرسل لي الصفقة لأقرأها، فقلت لن أستلمها، ثم طلب ترمب أن أتحدث معه عبر الهاتف، فقلت لن أتكلم، وبعد ذلك قال (ترمب) إنه يريد إرسال رسالة لي، فرفضت استقبالها".

وأضاف "رفضت استلام الصفقة والتحدث مع ترمب وتسلم أيّ رسالة منه لأنه كان سيبني على ذلك للإدعاء بأنه تشاور معنا".

وتابع: "الصفقة مرفوضة جملة وتفصيلا  (..) بمجرد أن قالوا إن القدس تُضم لإسرائيل لم أقبل بهذا الحل إطلاقا، ولن أسجل على تاريخي ووطني أني بعت القدس أو تنازلت عنها، فالقدس ليست لي وحدي إنما لنا جميعا".

وأضاف: "سبق أن قبلنا بإقامة دولة فلسطينية على 22 بالمئة من فلسطين التاريخية والآن يطالبون بـ 30 بالمئة من هذه المساحة المتبقية".

وذكر أن الأمريكيين يريدون أن تكون عاصمة فلسطين "أبو ديس"، وهي قرية صغيرة بمدينة القدس.

وأشار أن الولايات المتحدة وإسرائيل اشترطتا على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل، ليثبتوا حسن النوايا.

وقال: "الأمريكيون يريدون مني القبول بضمّ القدس وتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وإلغاء حق العودة ونزع سلاح غزة".

وشدد على أن العالم لن يقبل بالظلم الوارد في "صفقة القرن" المزعومة وسيقف إلى جانب الشعب الفلسطيني.

وخاطب أبو مازن وزراء الخارجية العرب بالقول: "سنتحرك إلى جانب العديد من المنظمات الدولية، لتوضيح وجهة النظر الفلسطينية، ولا نريد منكم الوقوف في وجه أمريكا، وإنما تبني الموقف الفلسطيني".

في السياق، قال أبو مازن إنه التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، 4 مرات، وأن الوفد الأميريكي زار الأراضي الفلسطينية 37 مرة، إلا أن جميع هذه اللقاءات "لم تثمر عن شيء".

وأضاف: "لدي اعتقاد تام بأن ترمب بارك صفقة القرن دون أن يعرف عنها شيئا"، مشيرًا أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي هو الذي عمل على إعداد الصفقة.

وأفاد أنه خلال اجتماعه مع ترمب أبلغه بأنه يؤمن بعدم جدوى السلاح وأنه يريد بناء دولة فلسطينية منزوعة السلاح.

ولفت أبو مازن أنه خلال وجود نتنياهو في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، لم يحدث أي تقدم بعملية السلام، معتبر أن الأخير "لا يؤمن بالسلام"..


 

 

 

وفيما يلي نص كلمة الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين

معالي رئيس الجلسة

معالي الأمين العام

أصحاب المعالي والسعادة الحضور

السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته

طلبنا عقد هذا الاجتماع العاجل ونشكركم على الحضور على ضوء إعلان الصفقة الأميركية، وذلك لاطلاعكم على الموقف والقراءة الفلسطينية له، واتخاذ القرارات وخطط التحرك الملائمة لمواجهة مخاطرها الجسيمة على القضية الفلسطينية، ومنع ترسيمها كمرجعية دولية جديدة، ومن ناحية أخرى التأكيد على ثوابت الموقف العربي المستند إلى الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وقبل أن أبدأ كلمتي أوجه تحياتي إلى شعوبنا في كل مكان، التي بدأت تنتفض في كل مكان احتجاجا على صفقة العصر، وفي البداية أقدم لكم لمحة بسيطة عن علاقتنا مع الإدارة الأميركية أو بمعنى أدق عن علاقة الإدارة الأميركية بالقضية الفلسطينية منذ 103 سنوات.

نحن نعرف وعد بلفور وسمعنا عنه الكثير، لكن أريد أن أؤكد النقاط الهامة فيه: النقطة الأولى: هي أن وعد بلفور لم يكن وعدا بريطانيا بحتا وإنما هو وعد بريطاني أميركي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، أي أنه كان هناك تنسيق كامل بين بريطانيا العظمى في ذلك الوقت وبين الولايات المتحدة على كل كلمة وردت في هذا الوعد، ونستطيع القول إن الولايات المتحدة هي الراعي الأساس لوعد بلفور.

والنقطة الثانية أن أميركا أصرت على أن يوضع وعد بلفور في ميثاق عصبة الأمم، كما يوضع في صك الانتداب البريطاني على فلسطين، بمعنى آخر أن يرسم هذ المؤتمر دوليا وأن يكون قائدا ومسيرا للانتداب البريطاني، من أجل تحقيق هذا الوعد بحذافيره، وهذا ما حصل. مع العلم أن الولايات المتحدة لم تكن عضوا في عصبة الأمم طيلة أيام عصبة الأمم، بل كانت بعيدة عنها.

الآن ماذا ورد في الوعد؟ ورد في الوعد نقطتان هامتان لا أريد أن أشير إلى غيرهما، النقطة الأولى: هي إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والنقطة الثانية: هي أن يمنح هؤلاء السكان -ولم تذكر اسمهم ولم تذكر من أين السكان الموجودون في هذه الأرض- حقوقا مدنية ودينية.

لنرى الآن ماذا جاء في خطة ترمب، حقوق مدنية ودينية فقط، وبعد ذلك مضت الأيام وقامت دولة إسرائيل  عام 1947 وتمزق شمل الشعب الفلسطيني في أصقاع الأرض بلا راع ولا مستقبل، إلى أن جاءت منظمة التحرير، لا أريد ان أستمر في سرد هذا التاريخ، إنما أقول عندما حصلت نكبة الكويت باحتلالها عام 1990، على ضوء ذلك دعت روسيا وأميركا لمؤتمر دولي للسلام، وفعلا عقد مؤتمر مدريد، ومن ثم نقل إلى واشنطن ليحظى بالرعاية الأميركية وحدها، ولم يعد مؤتمرا دوليا إنما أصبح مؤتمرا أميركيا فقط، وعقدت اجتماعات متواصلة لمدة عامين في واشنطن، ولم تثمر هذه الاجتماعات عن أي نتيجة.

وفي هذه الأثناء وفي غفلة من الزمن وفي غفلة من الأميركان جلسنا مع الإسرائيليين وبحثنا قضيتنا مع بعضنا البعض، وتفاوضنا ثمانية أشهر، وأقول أيضا للتاريخ: لم يكن أحد يعرف بهذه المفاوضات بما في ذلك أميركا، وأثمرت المفاوضات عما يسمى اتفاق أوسلو، والآن لو نقرأ اتفاق أوسلو وهو اتفاق مرحلي، ونقارنه بما جاء من أميركا "صفقة القرن" سنرى العجب العجاب.

ما جاء في اتفاق أوسلو بالنص، أن 92% من أرض فلسطين لنا، والـ8% المتبقية نناقشها أو نتفاوض عليها، والسيادة للفلسطينيين على الأرض الأولى، وهي أرض "أ" و"ب"، والباقي للتفاوض، (القدس واللاجئين والأمن) للتفاوض، وكان هناك اتفاق أن يتم خلال خمس سنوات الوصول إلى حل نهائي يضمن حق الشعب الفلسطيني؛ وهذا الحل مبني على تنفيذ القرارين 242 و338، لكن قتل رابين وانتهت القضية.

ونذكر أن الذي اعترض على اتفاق أوسلو هو رئيس وزراء إسرائيل الحالي نتنياهو ويهود باراك الذي كان رئيس وزراء في وقت ما، لكن بعد مقتل رابين لم تعد هناك مفاوضات، لأن الذي استولى على الحكم هو نتنياهو، ونتنياهو لا يؤمن بالسلام وليس فقط لا يريد السلام، والدليل على ذلك أنه أمضى في رئاسة الحكومة الإسرائيلية أكثر من أي رئيس وزراء آخر، ومع ذلك لم يحصل أي تقدم في العهود الثلاثة التي قضاها في الحكومة في عملية السلام، وعندما جاء بين هذه الفترات أيهود أولمرت واستلم رئاسة الوزراء، فعلا حققنا كثيرا من التقدم، وقد حققنا 70% من الاتفاق أو من التفاهم على مجمل القضايا المطروحة بيننا، قضايا الوضع النهائي في اتفاق أوسلو، وبعدها في أحد الأيام وأنا ذاهب للقائه في بيته قالوا لي ارجع، اولمرت دخل إلى السجن وانتهى الأمر، هذا كل ما جرى بيننا وبين الإسرائيليين منذ أوسلو.

لكن أريد أن أشير إلى أن أميركا لو كانت موجودة أو تعرف باتفاق أوسلو لافشلته، وأثناء المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين، لم يستطع رابين إلا أن يخبر الأميركان لانها حليفته وصاحبة الفضل عليه، وهي من أسست هذه الدولة، فتحدث مع وزير الخارجية الاميركي في ذلك الوقت وورن كرستوفر، في الشهر السادس أو الخامس من المفاوضات، وقال له لا أريد أن أخفي عليك ولا أستطيع أن أخفي عليك شيئا، نحن نتفاوض مع الفلسطينيين وربما يحصل تقدم بيننا وبينهم، هذا الرجل لم يستوعب الفكرة وسأل من يقود المفاوضات، فقيل له شمعون بيرس وأبو مازن، فقال له دعهم ظنا منه أننا لن نتوصل إلى شيء، وعندما أنهينا الاتفاق ووقعنا بالأحرف الأولى، اتصل به رابين وقال له أحب أن أبشرك أننا وقعنا الاتفاق بيننا وبين الفلسطينيين، وقال أي اتفاق؟ ايعقل ذلك ونحن أميركا لا نعرف! أميركا كانت غاضبة جدا وبدأت تبحث عن حجة أو طريقة ما من أجل أن تحفظ ماء وجهها باعتبارها الدولة العظمى الأولى في العالم، وباعتبارها مسؤولة عن كل شيء في العالم، فكيف يكون هنالك اتفاق من وراء ظهرها أو اتفاق لا تعرف عنه، وجدنا لهم طريقة من أجل أن يكونوا موجودين، واقترح المرحوم أسامة الباز أن نقول إنه على ورقة أميركية تمت المفاوضات في أوسلو، وفعلا إن كنتم تذكرون ذهبنا إلى أميركا ومسكت أميركا بالورقة، وإلى يومنا هذا لم تقدم أي شيء ولم يحصل أي تقدم في القضية الفلسطينية، منذ أن استولت عليها أميركا.

عندما جاء السيد ترمب إلى السلطة منتخبا، وهنا أريد ان أذكر شيئا هاما جدا أنه في عهده قبل أن يخرج أوباما وقبل أن يدخل هو إلى البيت الأبيض كان هناك قرار في مجلس الأمن وهو 2334، وحصل هذا القرار على الاجماع، إن كنتم تذكرون، وأميركا في ذلك الوقت هي التي صاغت القرار سرا، وأقول هذا لأول مرة وربما يغضب السيد أوباما، لكن هذا هو الذي حصل بالاتفاق مع بريطانيا ومع هذا الرجل، وتم هذا القرار وهو أهم وأثمن قرار صدر عن مجلس الأمن منذ نشأته إلى يومنا هذا في القضية الفلسطينية.

وعندما وصل السيد ترمب إلى الحكم أول ما قام به تجاهل هذا القرار ورفض التعامل معه، التقيت به أربع مرات، وكان وفده قد أتى إلينا 37 مرة، لكن كل هذه اللقاءات لم تثمر شيئا، واللقاء الأول مع ترمب كان في واشنطن وكان مبشرا، لأنه كان مقبلا ويستمع جيدا ويثني على ما أقول.

واللقاء الثاني كان في بيت لحم والثالث كان في المملكة العربية السعودية، والرابع في نيويورك، وأريد الحديث عن اللقاء الذي تم في نيويورك الذي كان لقاء رسميا بين وفدين رسميين، سألت ترمب ما رأيك في رؤية الدولتين؟ قال موافق والآن أعلن عنها، فقال أحد اعضاء الوفد معه، سيادة الرئيس الأفضل أن نؤجل هذا، قال حسنا،  لكن سمع الكلام، والنقطة الثانية سألته ما رأيك في القدس؟ قال القدس الشرقية لكم. وقلت له حدود 1967 قال موافق عليها، وتبادل الأراضي، قال موافق بل بالعكس إذا اعطيتموه سم سأجبره على اعطائكم سم ونصف أفضل من أرضكم، سألته ما رأيك بالأمن، قال أنا جاهز "النيتو" جاهز متى تريدون ان نرسل القوات، وبدأ يعطي الأوامر لإرسال القوات إلى الأراضي الفلسطينية، وأنا شعرت أننا سنحل القضية الفلسطينية في 5 دقائق أو في نصف ساعة، فعلا قلت له سيادة الرئيس أنا أقول ما أقوله وما أفكر به في السر وفي العلن كله واحد، أنا أؤمن بعدم استعمال السلاح وبعدم جدوى السلاح في عصرنا الحالي، جربنا الحروب أعوام 1948 و1956 و1967 و1973 و1982 ولم يفلح الأمر، وأنا مؤمن أننا لا نريد سلاح بل نريد أن نبني دولتنا، وأن يعيش شعبنا بأمن وأمان واستقرار، واكدت له بأنني لا أؤمن بالسلاح ولذلك سأسعى لأن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح.

قال لي لماذا؟ قلت له الأفضل من أن أشتري دبابة أن أبني مدرسة، وأفضل من أشتري طائرة أن أبني مستشفى، وأنا أريد لشعبي أن يعيش بأمان، قال لي: عظيم ولماذا يقولون عنك إرهابيا؟ أنت رجل سلام، وأنا أريد أن اعقد معك صفقة سلام، المرة المقبلة أريد أن أعقد معك صفقة سلام نحن الآن متفقان، خرجت من اللقاء متفائلا جدا بأنه يمكن أن نعقد مع هذا الرجل سلاما.

وبعد شهرين، وبدون سابق إنذار أقفل مكتبنا في واشنطن، وأعلن أن القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل وأنه سينقل سفارته إليها، ويدعو الدول لنقل سفاراتها إلى القدس، وأوقف ما يقدمه لنا من مساعدات؛ وكان يقدم لنا مساعدات لأشياء مختلفة بحدود 840 مليون دولار.

أوقف الدفع لوكالة الغوث، وللمستشفيات الموجودة في القدس، وعندما سألته عن السبب، قالوا هذه سياسة الرئيس، وعليه قررنا فورا قطع العلاقات مع الإدارة الأميركية والبيت الأبيض.

دولة فلسطين تتعاون مع 83 دولة في العالم لمحاربة الارهاب، ونؤمن فعلا بمحاربة الإرهاب، بغض النظر عن ماهيته، ولذلك هناك 83 بروتوكولا بيننا وبين 83 دولة منها الولايات المتحدة، ثم بقيت اتصالاتنا قائمة مع الكونغرس، وفعلا هذه اللقاءات والاتصالات قد أثمرت، حيث خرج من الكونغرس قبل شهر أو شهرين قرار يرفض كل مقولات بومبيو حول الاستيطان وغيرها، وهذه لأول مرة تحصل، فنحن قلنا سنبني على هذا، وفعلا الآن نبني عليه، وسنرى. ليس فقط النواب الديمقراطيون بل حتى الجمهوريون سيقفون معنا كأقلية أو بأعداد في مواجهة صفقة ترمب، لأنهم جميعا يرفضونها.

هذا ما حصل بيننا وبين أميركا، وبعدها فوجئنا بهذه الصفقة، وعندما أعلن عنها اتصلوا بنا، وقالوا الرئيس يريد أن يرسل لك الصفقة لتقرأها، وكأنها لا تعنيني، أنا صاحب القضية، إذا أراد ان يعد صفقة فيجب أن أكون الشريك الأول، فرفضت استلامها، لن أستلمها، وبعد أسبوع، قالوا الرئيس يريد أن يتكلم معك هاتفيا، فرفضت عدة مرات التحدث معه، وعندما أخبرونني أنه يريد أن يرسل رسالة رفضت استلامها.

السبب في رفضي التحدث معه أنه سيبني على مكالماتي معه أنني موافق، ومن سيصدقني وسيكذب الدولة العظمى؟ أكبر دولة عظمى في العالم.

جميعكم قرأ الصفقة، ولم تعد سرا خافيا، وجاء فيها: أن القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل، وتقسيم زماني ومكاني للأقصى، وأن عاصمة فلسطين في القدس، والإشارة إلى أن العاصمة في أبو ديس، قرية من قرى القدس، يعني كل القدس التي لنا التي احتلت عام 1967 ليست لنا، ونسوا قضية اللاجئين، 6.5 مليون لاجئ أجبروا على الخروج من فلسطين، وانا واحد منهم، و950 ألف في عام 1948، ولكن اليهود الذين جاءوا من البلاد العربية يجب ان يأخذوا تعويضات عن أملاكهم من الدول العربية، اما اللاجئون الفلسطينيون فليس لهم شيء.

كنا نتحدث في أوسلو عن 92% أرض فلسطينية و8% نبحث ماذا نفعل بها، كان يوجد عدد من المستوطنات، الآن مئات المستوطنات يعيش فيها نحو 750 ألف مستوطن، أخذوا الآن 30% من الضفة الغربية، مع العلم أن الضفة وغزة تشكلان 22% من فلسطين التاريخية، وقبلنا بذلك لأننا نريد حلا، أي بقي لنا 11% فقط، خارطة فلسطين الجديدة بحسب خطة ترمب لا أحد يستطيع رسمها، قالوا لنا تكرما منا سنضع جسورا أو أنفاقا للربط بين المدن.

السيطرة الأمنية كاملة على كل ما هو غرب نهر الأردن، كله للاحتلال وليس لدينا شيئا، لكنهم قرروا إعطاءنا هدية، وهي المثلث، منطقة محتلة اسمها المثلث فيها 4 أو 5 مدن، و250 ألف عربي، يريدون إعطاءنا إياها هي وسكانها. في اعتقادي التام أن ترمب لا يعرف شيئا عن هذه الخطة، وليست لديه علاقة بها، ومن له العلاقة هم سفيره في إسرائيل فريدمان، وزوج ابنته كوشنير، وجرينبلات، هؤلاء الثلاثة من أعطوه كل شيء، والآن جرينبلات انتهى وخرج، وبقي كوشنير وفريدمان.

بصرف النظر عن هذا الموضوع كله، وقبل أن أعرف وبعد أن عرفت، مجرد أن قالوا إن القدس تضم إلى إسرائيل؛ لن أقبل هذا الحل إطلاقا، ولن أسجل على تاريخي وعلى وطني أنني بعت القدس، القدس ليست لي وحدي بل لنا جميعا، ونحن حراسها والمسؤولون عنها وهي عاصمتنا، ونحن شركاء مع إخواننا الأردنيين بالأماكن المقدسة منذ زمن طويل، والملك عبد الله هو الوصي.

ليس هذا المطلوب فقط، بل ان هذه الخطة يتم تطبيقها بعد 4 سنوات من جانبنا، أما إسرائيل فتبدأ بالتنفيذ فورا، أي تنفيذ ضم المستوطنات فورا، وبعدها قرروا تأجيلها إلى حين انتهاء الانتخابات، والسبب ليستكملوا بناء مستوطناتهم والسيطرة على أرضنا. كل يوم تبنى مستوطنات وتهدم بيوت بحجة أنه لا توجد رخصة، وفي الأربع سنوات ينهون بناء مستوطناتهم.

كيف أثبت حسن النوايا، قالوا تقبل أولا الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وهذا عرض علي منذ 7 أو 8 سنوات، عادة دولة تريد تغيير اسمها تذهب للأمم المتحدة وتغير اسمها، يريد نتنياهو فقط مني أنا الاعترف أنها دولة يهودية، وأنا أعرف أنها ليست دولة يهودية وفيها 1.9 مليون عربي، وومليونا روسي مسيحي ومسلم، دفعتهم الهجرة الكبيرة ما بين 1990 و2000 عندما انتهى الاتحاد السوفييتي، وفتحت الأبواب لهم، والكل هاجر مسلم وغير مسلم، والآن هم موجودون في إسرائيل، حتى الفلاشا من أثيوبيا نسبة اليهود فيهم ضئيلة جدا.

المهم يجب أن اعترف بيهودية الدولة وأعترف أن القدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل، كما مطلوب مني نزع سلاح غزة، وإلغاء حق العودة للفلسطينيين وتقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا، يوم لنا ويوم لهم، ومكان لنا وآخر لهم، وبعد شهرين يمنعوننا من الصلاة.

قبول إجراءات إسرائيل بضم الأراضي الفلسطينية، نحن لنا 37 كيلومترا على البحر الميت من الجهة الغربية، والأردن لها الجهة الشرقية كلها، وهذه ستضم إضافة لكل شريط نهر الأردن إلى إسرائيل، عدم وجود سيادة على الأرض الفلسطينية، ويقولون دولتنا، دولة فلسطين بشرط لا توجد سيادة ولا حدود مع الأردن، وكيف نذهب إلى الأردن، لا سيطرة برية وبحرية وجوية للفسلطينيين، ثم المثلث بسكانه خذوه، وأيضا الموافقة على إلغاء قرارات الشرعية الدولية، الآن فقط مرجعية اسمها مرجعية ترمب، أما أي مرجعية أخرى لا تتحدثوا بها، فقط هذه الشرعية التي نريدها شرعية ترمب.

بعد أن اصبحنا عضوا مراقبا في الأمم المتحدة ذهبنا إلى المظمات الدولية كلها أو بعضها 522 منظمة ومعاهدة نستطيع ان ننضم إليها، قدمنا طلبات لـ110 منظمات، وقررنا الذهاب الى محكمة الجنايات الدولية، وهي محكمة أفراد وليست محكمة دول، وأصبحنا أعضاء رغم محاربة أميركا لنا ومحاولتها منعنا من ذلك، لكن تمكنا من الانضمام لها، والآن بعد خمس سنوات من العمل الجاد على بعض القضايا اقتربنا من الوصول.

الآن قالوا لنا كحسن نوايا تراجعوا عن المحكمة الدولية ولا تنضموا لأية منظمات دولية، هذه هي قضايا حسن النوايا التي يجب أن نقدمها خلال 4 سنوات للاسرائيليين، من أجل أن يعطونا ما اسموها "دولة فلسطين المستقلة".

منذ أن أعلنت الصفقة حتى الآن، وردود الفعل الدولية والعربية والإسلامية مشجعة، ما نراه من الكونغرس الأميركي إلى الكنيست الإسرائيلية إلى مجلس الاتحاد الأوروبي إلى اسيا إلى أفريقيا؛ الدول تغلي وكل يوم نسمع مواقف جديدة، آخرها ما وصلنا من توقيعات من اعضاء في الكونغرس، يقولون "نرفض بشدة عار العصر"، أنا متأكد أن العالم لا يقبل بالظلم وأنه سيقف إلى جانبنا.

اصبحنا 13 مليون فسلطيني، حاولنا أن ننشر ثقافة السلام للجميع، فلسطينيون في الخارج وفلسطينيون في الداخل، في الضفة الغربية أقصى ما يخرج مظاهرة سلمية، وفي غزة لها ظروفها، ومشكلتنا نحنلها فيما بعد، لكن في الخارج الفلسطينيون ملتزمون بهذا، خرجت إحصائية دولية تشير إلى أنه لا يوجد فلسطيني واحد في داعش، فهذه هي سياستنا وهذه هي مواقفنا، وأخيرا يكافئوننا بماذا!. العالم بدأ يتفهم وخاصة أنهم يرون جديتنا ونحن نحارب الإرهاب الدولي، 83 دولة عربية وأوروبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي لم تعد صديقة لنا، لكن بيننا وبينهم اتفاق.

سنخرج من القمة اليوم إلى قمة التعاون الإسلامي ثم القمة الافريقية ثم سأتوجه إلى مجلس الأمن، نحن لسنا عدميين ونريد ان نبحث عن حل، قبل سنتين ذهبت لمجلس الامن وطالبت بمؤتمر دولي ينبثق عنه عملية سلام على أساس الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام، ونحن في أي وقت جاهزون لأي قرار لمجلس الامن للذهاب للمفاوضات مع الرباعية وغيرها من الدول مثل العرب لأنهم يساعدوننا، لكن لن نقبل أميركا وحدها.

منذ أن استلمت أميركا، عامان والوفود تأتي وتذهب إلى أميركا، ولم يحضروا كلمة واحدة، قولوا نحن نتفاوض باسم الشعب الفلسطيني، قالوا أنتم لستم شعبا، قلنا رابين اعترف بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهذا لأول مرة في تاريخ إسرائيل والحركة الصهيونية، ونحن اعترفنا بدولة إسرائيل.

هذا ما نريد أن نذهب ونتحرك به في كل الاتجاهات إلى جانب العديد من المنظمات الدولية والإقليمية وغيرها، نقول لهم هذه قضيتنا وافهمونا، لا نريد أن تقفوا ضد أميركا لكن نريد أن تؤيدونا، ما يقوله الفلسطينيون نحن معه، وما يرفضونه نرفضه، إذ نطالب بحقنا، وبهذا نريح الجميع من الضغط، ويكفي هذا أمام أميركا حتى يرتدع الثلاثي الذي يخطط لمستقبلنا، ونحن ما نقوله الآن قلناه أيضا في قمة الظهران وفي قمة تونس ودائما نسمع هذا الكلام وليس جديدا على أمتنا العربية، تحدث معي قبل يومين صاحب الجلالة الملك سلمان وأكد لي نحن معكم منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز وما تريدونه نحن معكم، وذلك أيضا ما أكده الملك عبد الله الثاني.

أبلغنا الإسرائيليين والأميركان بعد الذي سمعناه برسالتين: الأولى وصلت لبنتيامين نتنياهو، والثانية سلمت إلى رئيس الـCIA، ومن المفترض أنها وصلت الآن إلى ترمب، هذا نصهما: "لقد ألغت إسرائيل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ونقضت الشريعة الدولية التي قامت عليها هذه الاتفاقات، والتي قامت عليها دولة إسرائيل أيضا، يجري أيضا نقض هذه الخطة من قبلكم ومن قبل الولايات المتحدة، ولذلك نبلغكم أنه لن يكون هناك أي علاقة معكم ومع الولايات المتحدة بما في ذلك العلاقات الأمنية، في ضوء تنكركم للاتفاقات الموقعة والشرعيات الدولية، وعليكم أيضا أيها الإسرائيليون تحمل المسؤولية كقوة احتلال، واستلام ما تسلمناه في أوسلو مسؤولية الأكل والشرب والأمن وغيرها، ونعلمكم أن ما يسمى بخطة القرن ستكون لها تداعيات علينا وعليكم وعلى الإقليم، أنتم نقضتم هذه الاتفاقيات، ومن حقنا ان نواصل نضالنا المشروع بالوسائل السلمية والعمل الشعبي السلمي، طبقا للقانون والأعراف الدولية، من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق حلم شعبنا في الدولة والاستقلال بناء على الشرعية الدولية"، هذا ما بُلغ فيه الطرفان.

وأخيرا، فإن الصفقة مرفوضة جملة وتفصيلا منذ أن أعلنوا عن ضم القدس وتوحيدها عاصمة لإسرائيل، لكننا ما زلنا نؤمن بالسلام وبثقافة السلام على أن يتم إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف منبثقة عن مؤتمر دولي أو غير ذلك، ولا مانع من إضافة دول في الاتفاق، وستكون المرجعية تنفيذ الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ولا مكان على الطاولة للصفقة بكل بنودها، نحن لا نعترف بها، ولا نقبل إحضار الصفقة على أساس أنها أصبحت جزءا من الشرعية الدولية، نقبل بقرارات حقوق الانسان أو أي قرار دولي، أما أميركا لم نعد نستطيع أن نقبلها.

التقينا مع الرئيس السيسي وسمعنا منه نفس الكلام، نحن معكم ونحن نعرف أنكم لن تطلبوا المستحيل وإنما الحد الأدنى من حقوقكم.

لقد أكرمنا الله ورسوله بآية كريمة وبحديث شريف؛ أمام الحديث فيقول "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". صدق رسول الله.

وتقول الآية: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" صدق الله العظيم.

السلام عليكم ورحمة الله

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القاهرة