أخيرا صدق "نتنياهو"

بقلم: خالد معالي

خالد معالي

برغم ان "نتنياهو" معروف بالكذب وتفننه فيه، ويتقن كل أساليب المكر والدهاء وقلب الحقائق، حتى انه راح يتعلم من الرؤساء العرب، في كيفية تدجين شعوبهم والكذب عليهم وتضليلهم، واصابته عدوى عشق الكراسي، الا انه صدق في جملة قالها خلال الاعلان عن صفقة القرن دون أن يدري او يعلم ما قاله من ناحية ارتداداته وانعكاساته.

"ترمب " الرئيس الامريكي، دعا الفلسطينيين الى عدم تفويت الفرصة بما اسماه ب(الفرصة التاريخية ) لكي يحصلوا على دولة مستقلة، فيما تبعه "نتنياهو" وقال انه الان يصنع تاريخا ويغيره بالاعلان عن صفقة القرن،  وإن  كيانه الغاصب  أمام فرصة تاريخية لن تتكرر، ولن تحصل إلا مرة واحدة في التاريخ.

سواء صدقت التنبؤات بزوال "اسرائيل" بعد سنتين ام لم يحصل الزوال، فان "نتنياهو" صدق عندما قال بان التاريخ سيتغير ولحظة تاريخية، ولكن ليس كما حسب ويحسب هو والادارة الامريكية، فالصدق هنا والذي لم يقصده بان التاريخ سيتغير بتغير موازين القوى، وزوال دولته المزعومة بعدما استنفذت  مقومات وجودها رغم كل هذا الظاهر من الكم الكبير الخادع بقوة دولة الاحتلال وعدم قدرة العرب والمسملين على ازالتها.

ان تختلف الاحزاب في دولة الاحتلال ولا تتفق على تشكيل حكومة، هذا يكون انهيار  من الداخل، واصلا الامبراطوريات العظيمة لم تزول ولم تندثر الا بعد ان انهارت  من الداخل وليس بفعل قوة خارجية.

 كما انه لا يغيب عنا ان تعجل "نتنياهو"  والادارة الامريكية وهو تعجل اغراهم به ضعف واقتتال العرب قيما بينهم وعدم "فضاوتهم" للقضية الفلسطينية، واذا بالجماهير العربية تخرج عن بكرة ابيها وتتوحد ضد صفقة القرن بمسيرات غاضبة.

 ما لم يفهمه ولم يدركه جيدا "نتنياهو" ان موضوع القدس وفلسطين المحتلة ليس صراع على الكراسي بين العرب او محاولة تغيير حكام عرب فاسدين يحتاج لسنين طويلة، بل انه موضوع مجمع عليه بين الشعوب العربية والاسلامية وحتى الضمير العالمي، فكل حر وشريف لا يمكن له ان يؤيد احتلالا لارض وقتل وتهجير اهلها.

ولا يغيب عنا ان موضوع القدس هو موضوع ديني وعقائدي يتلى فيها آيات من القرآن الكريم حتى يوم الدين، تتفق فيه جميع الجماعات الاسلامية وحتى غير الاسلامية ولا تختلف فيه، وان موضوع القدس جعل تركيا التي بسطت العدل يوما ما على اكثر بقاع الارض، تقول بان اليد التي ستمتد للقدس ستكسر.

صدق"نتنياهو" من حيث لا يدري، وتعجل زوال دولته بالاعلان المتعجل والمتسرع عن صفقة القرن، ظنا منه انه قد يحقق مزيدا من الاصوات الانتخابية ويخرج من ازمته، بعد شهر من الان تقريبا.

صدق" نتنياهو" من حيث لا يدري فقد جعل الاعلان المبكر عن صفقة القرن فقد وحد القوى الفلسطينية والشعوب العربية والاسلامية واحرج الحكام العرب، واصلا التاريخ لا يتغير الا باتخاذ خطوات مصيرية واستراتيجية، وهنا التاريخ حقيقة بدا يتغير، والتفاؤل هو برؤية هذه المسيرات المليونية الغاضبة والتي ستترجم لاحقا وتراكم الوعي واضطرار الحكام لمجاراة شعوبهم تحت هذا الكم الهائل من الضغط.

في المحصلة "نتنياهو" ظالم، وكيانه أنشئ بالقوة والارهاب، وسنة الله في الارض قضت بزوال الظالم الطارئ، و"ترمب" ومعه" نتنياهو" ظنا انهم بالاعلان المتعجل عن صفقة القرن يغيرون بذلك التاريخ بقوة الارهاب والسلاح، وما علموا ان من يتحدى الله في سننه الكونية يبوء بالخسران والذل والزوال "ويسألونك متى هو قل عسى ان يكون قريبا".

د. خالد معالي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت