ربما تكون تغريدة أبو عبيدة بالأمس , بما يخص الجنود الإسرائيليين المأسورين في غزة مبررة كما يراها البعض أنها تهدف لتهييج الرأي العام الإسرائيلي وتحديداً عائلات الجنود المأسورين ضد نتنياهو , بهدف إظهار أنانيته وضعفه وربما تؤثر عليه في الإنتخابات القادمة , وأيضاً بهدف تحريك المياه الراكضة بما يخص صفقة التبادل المرتقبة , ولكن هذه التغريدة كانت غلطة أمنية كبيرة بحسب تقديري , لأنها حرصت على الحرب النفسية أكثر من حرصها على السرية وأمن المعلومات!!
قال الناطق بإسم القسام أبو عبيدة , أن عدداً من الجنود المأسورين أصيبوا خلال قصف في عدوان إسرائيلي على غزة في مايو 2019م , وحدد أبو عبيدة الأماكن المقصوفة عندما قال أنها مباني وعمارات مدنية وأمنية , بما يعني أن الجنود المأسورين مخبئون فوق الأرض وليس تحت الأرض , وبكل بساطة كشف أبو عبيدة أن معظم الجنود المأسورين هم أحياء , إن لم يكن كلهم , بالإضافة الى تحديد مكانهم في زمن معين , وهو عدوان مايو 2019 م , وهكذا يكون أبو عبيدة "وبدون قصد" أجاب على الكثير من التساؤلات التي تدور في عقل إسرائيل منذ أسر الجنود في عدوان 2014م!! وكان من الممكن أن تدفع إسرائيل ثمن الإجابة عن أي سؤال يخص الجنود .
إسرائيل تعلم عدد الجنود المأسورين , لأنه وبكل بساطة فالجنود المنقودين إذ لم يكونوا أموات في القبور أو أحياء داخل إسرائيل أو خارجها , فهذا يعني أنهم في غزة , وإسرائيل تعلم أنه وفي كل حرب أو تصعيد وبين فترة أو أخرى , يتم نقل الجنود المأسورين في غزة من مكان الى مكان آخر , وهذا من البديهيات , ولكن إسرائيل لم تكن تعلم بدقة ما إذا كانوا الجنود الأحياء أكثر أم الأموات , ولم تكن تعلم طبيعة المخابئ , هل هي تحت الأرض أم فوقها , وهل هي في مدينة أم قرية أم مخيم , وهل هي داخل غزة أو خارجها , لولا تغريدة أبو عبيدة .
بمجرد ما حدد أبو عبيدة في تغريدته الزمان الذي تم به القصف وأدى الى إصابة الجنود مباشر , فهذا يعني أنه من الممكن أن تذهب إسرائيل الى أرشيف بنك الأهداف في تلك الفترة , وتحدد من خلال متابعة ومعرفة الأهداف , أماكن مخبأ الجنود ونوعيتها بدقة , وحتى لو تم نقل الجنود الى مكان آخر , فإسرائيل على الأقل تعرفت على جغرافية وسمات الأماكن المجهزة لتخبئة جنود مأسورين , وهذا قد يفيدها أمنياً على المدى البعيد .
اشرف صالح
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت