لقد أصدرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، "قائمة سوداء "للشركات العاملة في المستوطنات الصهيونية غير الشرعية في أرض دولة فلسطين المحتلة، تنفيذا للولاية التي أنيطت بها، وتنفيذا لقرار مجلس حقوق الإنسان ذات الصلة.
وتشمل القائمة 94 شركة إسرائيلية و 18 شركة دولية تعمل في المستوطنات الصهيونية غير قانونية بموجب القانون الدولي، بينها شركات إير بي إن بي" و"إكسبيديا" و"تريب آدفايزور" و"بوكينغ".
واننا كخبراء فى القانون الدولى، نرحب بإصدار هذه القائمة، خاصة فى الوقت الذى تذهب فيه الادارة الامريكية وعلى رأسها ترامب و وزير خارجيته محاولين الالتفاف على قرارات الشرعية الدولية، والخاصة بتجريم الاستيطان فى الارضى الفلسطينية المحتلة.
أن تنفيذ المفوضة السامية لولايتها يشكل تعزيزا للمنظومة الدولية المتعددة الأطراف، والقائمة على القانون الدولي في مواجهة محاولات تقويض هذه المنظومة الدولية ،وأن نشر هذه القائمة للشركات ،والجهات العاملة في المستوطنات يعتبر انتصار حقيقآ الى القانون الدولي وللجهد الذى يبذل من أجل القضاء على الاستيطان، والذى يعتبر غير شرعي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
أن من واجب المجتمع الدولى اليوم تعزيز العدالة الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني التى اقرتها الشرعية الدولية، وتساهم في ثباته على أرضه وحماية مقدراته وموارده الطبيعية التي يستغلها الكيان الصهيونى الغير شرعي.
وأننا نطالب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان تحمل المسؤولية الدولية والانسانية، بأتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحق هذه الشركات، لكى تنهي عملها فورا مع جميع القائمين على الاستيطان، باعتبار ذلك انتهاكا خطيرآ للقانون الدولي، وأسسه ومبادئه.
ان التقرير الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الخاص بالانشطة التجارية المتعلقة بالمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والصادر من جنيف يوم 12 فبراير 2020 عن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن الشركات والكيانات التجارية التي تقوم بأنشطة محددة فى المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بناء على طلب من مجلس حقوق الإنسان في قراره الصادر بمارس عام 2016، والذي كلف المكتب بإصدار قاعدة بيانات للشركات التجارية التي لها انشطة تجارية حددها هذا القرار في تقرير سابق (A/HRC/37/39) ،والذى قدم لمجلس حقوق الإنسان في مارس 2018 من قبل المفوض السابق لحقوق الإنسان، حيث أشار مكتب حقوق الإنسان في حينها، بأنه تم مراجعة معلومات كانت متاحة للعموم، أو تم تلقيها من عدد من المصادر بشأن "307" كيانا تجاريا بعد استكمال البحث، حيث وصل عدد الكيانات التي تم مراجعتها إلى "321" من مجمل هذا العدد تم تضمين "206" كيانا إضافيا للتقييم، وعرض التقرير الحالي عدد من الإستنتاجات بناء على اتصالات مع تلك الكيانات التجارية التي تم تضمينها في ولاية القرار ،ومراجعة شاملة وتقييم للمعلومات المتوفرة، وقد تمكن التقرير من التعرف على "112" كيانا تجاريا، ويعتقد مكتب حقوق الإنسان بأن لديه أسباب معقولة لاستنتاج بأن لدى تلك الكيانات نشاط، او عدة انشطة متعلقة بالمستوطنات الصهيونية حسب ما تم تعريفها في قرار مجلس حقوق الإنسان (31/36) ، وقد استخدم مكتب حقوق الإنسان منهجية معقدة وصارمة لتحديد لائحة الكيانات التجارية، ولتطبيق الولاية المنوطة به من مجلس حقوق الانسان ،وقد أجرى المكتب مشاورات مع الفريق العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث أجرى مناقشات مستفيضة مع الدول المعنية، والمجتمع المدني ومراكز الفكر والأكاديميين وغيرهم ،بالاضافة لاستشارات مستفيضة مع الشركات المعنية ذاتها ،مع الاخذ بعين الاعتبار بان المستوطنات تعتبر غير قانونية في إطار القانون الدولي.
إن اتخاذ أي خطوات إضافية بهذا الصدد سيعتمد على أعضاء الدول لمجلس حقوق الإنسان الذين سيقيمون هذا التقرير في الدورة المقبلة للمجلس الذي سيفتتح أعماله في 24 فبراير.
وقد صرحت المفوضة الحالية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه "ولكن بعد عملية مراجعة دقيقة أنا راضية بأن التقرير يعكس الاعتبارات الجدية المتعلقة بهذه الولاية المعقدة والغير مسبوقة، وأنا واثقة بأن التقرير سيستجيب و بالشكل المناسب لطلب مجلس حقوق الإنسان والمتضمن في قرار (31/36).
واضافت "لذلك نأمل أن هذا التقرير المبني على الحقائق سيتم فهمه في هذا الإطار وأن لا يتم تحريف أوتشويه مضمونه لخدمة اهداف سياسية أو أيديولوجية" ان خلفية طلب قرار مجلس حقوق الإنسان (31/36 )، الذي تم تبنيه في 24 مارس 2016 ، من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إعداد تقرير لمتابعة تقرير 2013 الصادر عن البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في الآثار المترتبة على المستوطنات الصهيونية في مجال الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية (A / HRC / 22/63). لقد حدد القرار معالم التقرير الحالي بالإشارة إلى عشرة أنشطة محددة مدرجة في الفقرة "96" من تقرير بعثة تقصي الحقائق ،وقد اعتمد قرار مجلس حقوق الإنسان (31/36) مع 32 دولة مؤيدة ،ولم يعارضه أحد وامتنغ 15 عن التصويت.
يذكر قرار مجلس حقوق الانسان (36/31) تقارير الامين العام للامم المتحدة، قرارات الامانة العامة للامم المتحدة ومجلس الامن ،و رأي محكمة العدل الدولية، والتي تؤكد جميعها على عدم قانونية المستوطنات الصهيونية في الاراضي المحتلة بما فيها القدس .
ان هذا التقرير يشكل وثيقة تاريخية وقانونية، وبينة قوية ضد جريمة الاستيطان، التى اكد عليها قرار مجلس الامن تحت رقم 2334 ،والذى صدر قبل ثلاث سنوات ،وكذلك قرار المحكمة الاوربية الذى منع دول الاتحاد الاوربى التعامل مع الشركات التى تعمل بالتجارة فى منتوجات المستوطنات الصهيونية ،وهذا يوكد لكل دول العالم بأن المجتمع الدولى مازال يعتبر الشرعية الدولية هى المرجعية الحقيقة ،وهى التى تحدد مسؤولية الكيان الصهيونى عن احتلال الاراضى الفلسطينة، وعن انتهاك حقوق الشعب الفلسطينى فى الاراضى المحتلة، وهذا التقرير يمكن ان يكون داعمآ لدولة فلسطين بالتوجه ضد هذه الشركات والمستوطنين وقادة الكيان الصهيونى.
بقلم د.عبدالكريم شبير الخبير في القانون الدولي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت