" صفقة القرن " ، وإن في ظاهرها مشروعاً عملَ عليها الفريق المحيط بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، غير أن مضامين هذه الصفقة ليست جديدة ، وهي أفكار لمجموعة من المشاريع والرؤى لقيادات صهيونية تاريخية . وهي صيغت بما يتوافق وتنفيذ مشروع حلم الحركة الصهيونية في تفريغ فلسطين من أبنائها وسكانها الأصليين . حيث تعبر الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب وبوضوح ، أنها قد انتقلت من لعب دور الدولة الداعمة والحليفة لكيان الاحتلال ، إلى دور الدولة التي أخذت على عاتقها تحقيق هذا الحلم .
أولاً ، خطاب حاييم وايزمان في أيلول 1919 ، وقال فيه : " وعد بلفور المفتاح الذهبي الذي يفتح أبواب فلسطين ، ونريد خلق أوضاع في فلسطين من شأنها أن تسمح لنا أن نصب فيه عدداً ضخماً من المهاجرين ، إلى أن ننشئ آخر الأمر مجتمعاً في فلسطين يجعل فلسطين يهودية بمقدار ما انكلترا إنكليزية وأمريكا أمريكية " .
ثانياً ، ما جاء في كتاب بن غوريون " بعث إسرائيل ومصيره "، وفيه يضع تصوره للدولة اليهودية ، قائلاً : " كل دولة تتكون من أرض وشعب ، وإسرائيل لا تشكل استثناء لهذه القاعدة ، ولكنها دولة ليست مطابقة لأرضها أو لشعبها . وليفهم الجميع أن " إسرائيل" قامت بالحرب وأنها لم تقتنع بما بلغته حدودها حتى الآن " .
ثاثاً ، خطاب حاييم وايزمان رداً على مؤتمر أريحا ( ضم وجهاء فلسطينيين عام 1949 ، حيث طالبوا بوحدة الضفة الغربية مع الأردن . وتمت بموجبه الوحدة عام 1950 ، وأجريت انتخابات مناصفة بين الضفة الغربية والضفة الشرقية . وأصبح مواطنو الضفة الغربية مواطنين أردنيين واندمجوا في مؤسسات الدولة ) .
ومما جاء في خطابه : " الآن وبعد أن قامت دولة إسرائيل أليس من الأمور المؤسفة أن تكون القدس خارجة عن دولة إسرائيل . ولا يمكن لأحد أن يصدق أو يعترف أنه في الوقت الذي يعيد اليهود فيه بناء دولتهم يقتطع منها القلب النابض والعاصمة التاريخية " .
رابعاً ... مشروع يغئال آلون ، ( شغل وزير العمل في الكيان ، ومن ثم وزيراً للخارجية عام 1967 ) . ويمثل مشروع آلون إن لم يكن الوحيد ، فهو من أهم المشاريع الذي ما زالت تستند إليه كل المشاريع التي تطرحها جهات سواء في الكيان أو في الولايات المتحدة الأمريكية . وتكوّن المشروع من النقاط التالية :-
1 - التأكيد على وحدة القدس عاصمة أبدية ل" إسرائيل "
2 - تكون حدود الكيان الشرقية على نهر الاردن بامتداد خط يقطع البحر الميت من منتصفه وعلى طول امتداده . وتعُتمد حدود الانتداب مع الأردن على طول وادي عربة . وبذلك يجب ان يضم الكيان المناطق التالية :-
أ - شريطاً يتراوح عرضه ما بين 10 و 15 كم على امتداد غور الأردن ، من غور بيسان وحتى شمال البحر الميت ، على ان يبقى فيه الحد الأدنى من السكان العرب
ب - شريطاً عرضه بضعة كيلومترات من شمال القدس حتى البحر الميت ، بحيث يتصل في مكان ما مع طريق عطاروت
ت - صحراء يهودا من مشارف الخليل الشرقية وحتى البحر الميت
3 - يجب ان تقُام في تلك المناطق مستعمرات ريفية ومدينية ، وقواعد عسكرية وفق متطلبات الامن
4 - يجب ان تقام شرقي القدس ضواح بلدية مأهولة بالسكان اليهود ، بالاضافة إلى الإسراع في تعمير الحي اليهودي في البلدة القديمة وتأهيله . وإقامة مجالس لهذه الاحياء ضمن بلدية مركزية
5 - توطين سكان غزة وخاصة اللاجئين في المناطق العربية في الضفة تمهيداً لضم المنطقة الممتدة من جنوب غزة حتى التلال الرملية على المداخل الشرقية لمدينة العريش في المستقبل
6 - تبادر " إسرائيل " الى إقامة روابط مع زعماء وشخصيات من سكان الضفة الغربية للاطلاع على مدى استعدادهم لإقامة حكم ذاتي في اطار اقتصادي مشترك سواء مع اسرائيل او الاردن ، وتعاون تقني وعلمي
7 - تبادر اسرائيل لوضع خطة لحل مشكلة اللاجئين على أساس تعاون اقليمي يحظى بمساعدة دولية
8 - يكون ممر بين غزة والضفة الغربية ، وكذلك بين رام الله واريحا لا سلطة للعرب . وإعطاء ممر من منخفض الأردن إلى المملكة الأردنية بحيث يضمن للأهالي العرب أن يكونوا مرتبطين بالمملكة الأردنية وبحيث يسنح ل" إسرائيل " بالسيطرة على هذا الاتصال في حالة تعرضها للخطر
9 - تكون حدود " إسرائيل " من نواحي رام الله متجهة إلى الغرب بصورة تضمن أن يقع طريق اللطرون بين حورون – القدس تحت سيطرة " إسرائيل " خامساً ... مشروع جولدا مائير ( رئيسة وزراء الكيان في1971 ) . وركز المشروع :-
1 - انسحابات من سيناء بشرط أن تكون منـزوعة السلاح
2 - انسحابات من أجزاء من الضفة الغربية 3 - بقاء القدس الموحدة عاصمة للكيان
4 - رفض إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية سادساً ...
مشروع أبا إيبان 1968 أمام الجمعية العامة ، والذي خصصه لحل مشكلة اللاجئين ، حيث رأى أن حل المشكلة في مؤتمر لدول الشرق الأوسط على أن يضع هذا المؤتمر خطة تنفذ خلال خمس سنوات لحل مشاكل اللاجئين وانشاء لجان لتوطين اللاجئين وادماجهم . وكان قد صرح في أيار عام 1951 لجريدة الجيروزاليم بوست بالقول : " لسنا من المهتمين بالنيل أو الفرات ولكننا نولي الأردن ومنابعه كل اهتمام " .
" صفقة القرن " وإن كانت تمثل قمة الهرم في جبل تصفية القضية الفلسطينية ، حيث قاعدته اتفاقية " سايكس بيكو " عام 1916 ، و" وعد بلفور " عام 1917 ، إلاّ أنّ اتفاقات " أوسلو " عام 1993 جاءت لتشكل المنعطف الأخطر في تعريض العناوين الوطنية لقضيتنا إلى التصفية النهائية ، انطلاقاً من ملفي اللاجئين والقدس وصولاً إلى بقية عناوين ما سمي ب" الحل النهائي " الحدود والمياه والاستيطان وحتى حلم الدولة الفلسطينية الذي لن يتحقق لا بالإنشائيات أو الاستجداء .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت