مجدداً .. غزة في مرمى العدوان والمقاومة تتصدى

بقلم: تامر عوض الله

كتب: تامر عوض الله

 

استفاق الفلسطينيون صباح (23/2)، على وقع جريمة إسرائيلية جديدة تعبر عن وحشية الاحتلال الاسرائيلي، وتضاف إلى سجله الارهابي الحافل بالجرائم المتواصلة، تمثلت في تنكيل  قوات الاحتلال بجثمان الشاب الشهيد محمد الناعم، بعد أن أصابته بنيرانها شرق محافظة خانيونس جنوبي قطاع غزة.

وفي مشهد تقشعر له الأبدان، تداول نشطاء فلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لشبان يتصدون بأجسادهم لجرافة عسكرية اسرائيلية سحلت جثمان الشهيد الملقى على الأرض إلى داخل أراضي الـ48، بعد تقطيع أجزاءه السفلية ورفعه إلى الأعلى، وسط إطلاق نار مكثف من دبابة إسرائيلية كانت ترافقها في المكان، ما أدى إلى إصابة خمسة شبان بجروح مختلفة.

المقاومة بالمرصاد

أثار المشهد حالة من الغضب والاستنكار الشديدين في الشارع الفلسطيني، واحتشد عدد من المواطنين في الشوارع والمفترقات الرئيسية  في عدد من مخيمات القطاع المحاصر، مشعلين الإطارات المطاطية «الكاوتشوك»، وسط دعوات وصيحات بالثأر والانتقام، ومطالبين الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة بالرد الفوري على الجريمة الإسرائيلية.

لم تقف المقاومة مكتوفة الأيدي على هذه الجريمة النكراء، فكان لزاماً عليها الرد والدفاع عن شعبها الذي يتعرض للعدوان الهمجي، وأطلقت المقاومة الفلسطينية  وفي مقدمتها كتائب المقاومة الوطنية الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، رشقات صاروخية وقذائف الهاون على مواقع الاحتلال ومستوطناته وبلداته المحاذية للقطاع، وحولتها إلى مناطق شبه خالية، واحداث شلل في الحركة الداخلية، واجبار سكانها على النزوح للملاجئ لساعات طويلة، وأصابت عدد من الاسرائيليين بجراح مختلفة وحالات هلع ورعب شديدين. ملحقة أضراراً في عدد من المنازل والمصانع والمركبات، مكبدة إياهم خسائر اقتصادية كبيرة قدرت بعشرات ملايين الدولارات، وفق تقديرات إسرائيلية، حيث واصلت المقاومة (24/2) تصديها للاحتلال الذي واصل قصفه لأراضي المواطنين وممتلكاتهم، ومواقع المقاومة ومن بينها الموقع العسكري لكتائب المقاومة الوطنية في رفح جنوبي القطاع، ما أدى إلى تضرره بشكل كبير، ومواقع أخرى تتبع لسرايا القدس.

اشتباك مسلح

وفي إطار التصدي للعدوان، خاض مقاتلو كتائب المقاومة الوطنية اشتباكاً مسلحاً مع جنود الاحتلال المتواجدين قرب موقع بيت حانون «إيرز» العسكري شمالي القطاع، مستخدمين الأسلحة الرشاشة وقذائف «آر.بي جي»، كما دك مقاتلوها الموقع ذاته بقذائف الهاون للتغطية على انسحاب المقاتلين، فيما أصيب أحدهم خلال انسحابه من الموقع العسكري بجراح متوسطة، كما أطلقوا قذيفة «آر. بي. جي»، وقذائف الهاون على موقع عسكري لجيش لاحتلال شرقي دير البلح وسط القطاع.

وأرسلت المقاومة الفلسطينية خلال جولة التصعيد الأخيرة، رسالة عبر الوسطاء بأن الاحتلال يتحمل تبعات جريمته، وانها لن تسمح بتغير قواعد الاشتباك، والاحتلال يعي جيداً أن المقاومة قادرة على ردعه في حال تمادى في عدوانه، والتعامل مع كافة السيناريوهات المختلفة.

وقف إطلاق النار

بدوره، أعلن مسؤول المكتب الصحفي في الجبهة الديمقراطية بقطاع غزة وسام زغبر، في تصريح صحفي مقتضب،عن وقف الجناح المسلح للجبهة إطلاق القذائف والصواريخ على مواقع ومستوطنات الاحتلال، لإعطاء الوسطاء المجال لوقف العدوان الاسرائيلي، ولكن اذا تمادى الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه، سنرد بقوة وسندافع عن أبناء شعبنا.

فيما أعلن عن اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال برعاية أممية ومصرية، دخل حيز التنفيذ قبل منتصف ليلة (25/2) بنصف ساعة.

ورأى مراقبون فلسطينيون، أن رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، أراد من خلال جريمة التنكيل البشعة بجثمان الشهيد الناعم في جنوبي القطاع، واغتيال اثنين من عناصر الجهاد الإسلامي في العاصمة السورية دمشق، الخروج إلى الجمهور الإسرائيلي بمظهر القوي الرادع، وأن يده تطال المقاومة الفلسطينية في أي مكان وزمان، لكسب المزيد من الأصوات في صناديق الاقتراع في الانتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها في 2 آذار (مارس) القادم، لكن المقاومة نجحت في سلب هذا الإنجاز الذي يطمح إليه كما في كل مرة، وأفشلته في تحقيق أهدافه ومكاسبه الشخصية.

تكتيك نوعي

وأعتبر المراقبون، أن المقاومة استفادت من تجاربها السابقة في مواجهة الاحتلال، واتبعت تكتيكاً جديداً قلل من خسائرها البشرية، وقادت هذه الجولة بحنكة ومناورة عالية، حيث قصفت بعشرات الصواريخ مواقع ومستوطنات الاحتلال، دون أن يفلح الاحتلال باستهداف مطلقيها أو اقتناص هدف ثمين، بالرغم من التحليق المكثف للطائرات الاسرائيلية في أجواء القطاع، لذلك لم يحالف الحظ نتنياهو في هذه الجولة، ما دفعه لإنهائها سريعاً، والعودة إلى مربع الهدوء.

واوضح المراقبون، أن المقاومة عملت على تثبيت قواعد الاشتباك مع الاحتلال في الميدان، وأمام هذه المناورة تجد اسرائيل نفسها أمام خيار الاستنزاف إلى ما لا نهاية، أو خوض معركة شرسة وطاحنة لن تحقق الأمن لما يسمى بـ«غلاف غزة»، ولن ينعم بالهدوء.

انتهت جولة التصعيد العسكري الأخيرة في قطاع غزة، كما سابقاتها بنجاح الوسطاء في تثبيت وقف إطلاق النار بين المقاومة واسرائيل، «الهدوء  مقابل الهدوء»،  لكن المؤشرات توحي أن جولات قتالية لاحقة سيشهدها قطاع غزة، لاسيما بعد إجراء الانتخابات الاسرائيلية.

تامر عوض الله

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت