لقد لعب الاتحاد الأوروبي دورا مهما في تعزيز العلاقات الفلسطينية وبناء المؤسسات الفلسطينية وساهم بشكل مباشر في دعم السلطة والدولة الفلسطينية وتقوية مؤسساتها على مدار السنوات الماضية منذ نشأة السلطة الوطنية الفلسطينية وساهم الاتحاد الاوروبي في تمويل المشاريع ودفع فاتورة الرواتب لموظفين السلطة الوطنية وتغطية العديد من القضايا الهامة التي ساهمت بشكل مباشر في دعم الصمود الفلسطيني ومواجهة متطلبات المرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني ولم يتدخل الاتحاد الاوروبي بشكل مباشر ولم يتبنى موقفا على صعيد الصراع القائم واكتفى في اصدار البيانات التي تدين السياسة الاسرائيلية والاعتداءات اليومية لممارسات جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين بحق ابناء الشعب الفلسطيني .
لقد بات الامر اليوم مختلفا تماما بعد ان تم طرح ما يسمى صفقة القرن الامريكية التي تم الاعلان عنها من قبل رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي ترامب حيث عبرت الصفقة وتبنت مواقف الاحتلال وما يضمن دعم سيطرة المستوطنين ونهب الاراضي الفلسطينية مما يعرض القانون والشرعية الدولية ومواقف الاتحاد الاوروبي الداعمة للحقوق الفلسطينية للخطر وهذا يدفعنا الى ضرورة ان يتم اتخاذ موقف واضح من قبل الاتحاد الاوروبي ودعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وتعزيز دعم حل الدولتين وفقا لقرارات الشرعية الدولية والأسس التي انطلقت عليها عملية السلام وخاصة اتفاقيات اوسلو وما ترتب عليها من نتائج والتي شاركت العديد من الدول الاوروبية في ادارتها خلال العقود الماضية واليوم باتت هذه المعاهدات تتعرض للخطر الشديد والتدمير القاتل مما يعني انفجار الاوضاع في المنطقة وتأثيراتها علي المستوى الدولي بشكل عام .
لقد بات من الضروري ان تتخذ دول الاتحاد الأوروبي خطوات عملية لدعم الاقتصاد الفلسطيني ومحاربة الاستيطان في الاراضي المحتلة والعمل على إلزام الشركات الدولية التي تعمل في المستوطنات بإنهاء عملها فيها على ضوء ما تم نشره من قبل مجلس حقوق الإنسان والسجل بأسماء الشراكات العاملة بالمستوطنات بالإضافة إلى عدم التعامل مع الجامعات العاملة فيها وعدم الاعتراف بشهاداتها والانتقال من وسم منتجات الاستيطان إلى ضرورة اتخاذ قرار بمقاطعتها.
ان ما شكلته صفقة القرن الأميركية ونتائجها تشكل كارثة حقيقية لأنها تلغي حل الدولتين ولا تنسجم مع القرارات الدولية والأمم المتحدة ولا بد من دول الاتحاد الاوروبي اتخاذ مبادرة استراتيجية جدية لحل الصراع وإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية كون ان صفقة ترامب لا يوجد لها شريك أوروبي أو عربي أو فلسطيني ولا تعني للشعب الفلسطيني أي شيء ولا تقدم خطوات جدية لإنهاء الصراع ويجب على الاتحاد الأوروبي كسر الأمر الواقع والاعتراف بالدولة الفلسطينية على والقدس عاصمتها وتجسيد للمواقف البرلمانية في اغلب الدول الاوروبية الداعية الى ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية .
ان الشعب الفلسطيني الذي يواجه النظام الدولي الامريكي بوصفة دولة عظمة داعم للاحتلال يتطلع الى الحرية والعدالة والاستقرار وتقرير المصير والي ضرورة التدخل الدولي لإنصافه ولا بد من ايجاد حلول عادلة للقضية الفلسطينية بعيدا عن ممارسة الارهاب الفكري والتطرف العنصري الاسرائيلي والعمل على مواجهه وإسقاطه كما تم اسقاط نظام الفصل العنصري الأبارتهايد في جنوب إفريقيا عندما تحالف العالم ضده لذلك يجب ان يتحمل الاتحاد الاوروبي المسؤولية في دعم الحقوق الفلسطينية وبلورة تحالف دولي يعمل على انهاء اطول احتلال همجي اسرائيلي عرفه العالم.
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت