كورونا وصناعة الخوف

بقلم: عماد عفانة

كتب: عماد عفانة

لماذا يثير فيروس كورونا الجديد كل هذا الذعر في العالم، الأمر الذي لم يصنعه أي وباء آخر في السابق.

ففي حين تبلغ نسبة الوفاة في فايروس كورونا الـ 2% فقط، فقد وصلت نسبة الوفاة في أوبئة سابقة أخرى الى 8 و10 %، رغم ذلك لم تغلق الدول حدودها ولم تمنع رحلات الطيران ولم تغلق المدارس والجامعات، ولم تمنع مناسك العمرة ولم تمنع الصلوات الجماعية.

كورونا ليس كائن حي ينتقل من جسم إلى آخر، لكنه عبارة عن حمض نووي لا يصبح كائن حي الا في أجساد ضعيفي المناعة من كبار السن أو المرضى أو الأطفال الذين لم يمت منهم أحد بسبب كورونا.

فهل ساعدت منصات التواصل الاجتماعي على نشر الرعب والفوبيا من الفيروس الجديد مختلفة عن تعاطي الجمهور مع فيروسات سابقة كانت أخطر منه، ونسبة الوفيات نتيجة الإصابة بها كانت أعلى بكثير من فيروس كورونا مثل سارس وإنفلونزا الطيور. !!

ففي الفترة من 2010 ولغاية العام 2020، انتشرت العديد من الأوبئة، كان أبرزها أنواع جديدة من الإنفلونزا، مثل كورونا الشرق الأوسط وإنفلونزا الخنازير، وسبقهما في العقد السابق إنفلونزا الطيور، كما تفشت أوبئة أخرى، لعل أكثرها خطورة كان فيروس إيبولا، الذي انتشر في عدد من الدول الأفريقية، وفيروس زيكا الذي انتشر في أميركا الجنوبية.

لماذا إذاً يثير فيروس كورونا مخاوف كبيرة حول العالم، فيما تتسع رقعته الجغرافية بشكل متواصل ليشمل اليوم عددا من الدول العربية والإسلامية منها إيران والجزائر وعمان والسعودية والكويت، حيث بلغت حصيلة الوفيات الناجمة عن هذا الفيروس لغاية اليوم حوالي 2700 فقط في الصين ذات المليار و400 مليون نسمة، فيما تم تشخيص أكثر من 80 ألف مصاب فقط في العالم من أصل سبع مليارات ونصف المليار نسمة.

فمنذ الإعلان الأول عن اكتشاف الإصابة بفيروس كورونا الذي يصيب الإنسان بنوع حاد من الإنفلونزا منذ أسابيع، ومنصات التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية المختلفة مقلوبة رأسا على عقب، المثير في الأمر إن فيروسات مشابهة للزائر الجديد قد اكتشفت، وأصابت، وقتلت، ومرت ثم تكاد تكون اليوم طي النسيان مثل فيروس سارس، وإنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير. إذا، لماذا أثيرت كل هذه الضجة وحملات الرعب مع اكتشاف الفيروس الجديد؟ لماذا أطلقت العديد من نظريات المؤامرة بشأنه؟ هل هناك تعاطيا منحازا طائفيا أو عرقيا مع المرض الجديد؟ هل كان عصر انتشار التقنيات الحديثة وبالا على مجتمعاتنا نتيجة تعاملها مع الضخ الإعلامي الهائل المصاحب لأزمة فيروس كورونا؟

صاحب ظهور الفيروس الجديد عدد من نظريات المؤامرة، أول نظريات المؤامرة وأكثرها انتشارا كانت تشير إلى إن كورونا من الفيروسات المصنعة في المختبرات لغرض الاستعمال كسلاح بيولوجي، وكانت هذه النظرية تتعاطى مع الأمر وفق مسارين، الأول يشير إلى إن الفيروس تسرب من أحد المختبرات الصينية في مدينة ووهان، أما المسار الثاني فيشير إلى اتهام الولايات المتحدة بالوقوف خلف تصنيع الفيروس ونشره في الصين على خلفية جولات الصراع والتنافس الاقتصادي والسياسي بين البلدين.

وضمن التعاطي العاطفي مع الكوارث البيئية ما شهدناه في تعامل منصات التواصل الاجتماعي في العالم العربي مع فيروس كورونا، إذ ظهرت معلومات تشير إلى أن هذا الفيروس انتقام إلهي من الصين نتيجة اضطهادهم للأقلية المسلمة المعروفة بالإيغور، لكن سرعان ما انتشر المرض في عدد من الدول حتى غدت بعض الدول المسلمة بؤرا للإصابة بالمرض مثل إيران.

لكن في المقابل هل يمكن الإشارة بأصبع الاتهام الى جهات قد تكون مستفيدة من انتشار هذه الأوبئة كشركات الأدوية والكمامات الطبية، أو كبرى الشركات التجارية العابرة للقارات المعنية بالحد من قدرة الصين على تحويل العالم الى سوق خاص لمنتجاتها الرخيصة، أو إلى دول أخرى معنية بتحجيم الصين وفرملة صعودها نحو مقعد القوة الأولى في العالم!!.

كتب: عماد عفانة

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت