رغم قصف الطائرات الإسرائيلية، منزل الشاب محمد زعرب (27عامًا)، قبل نحو 3 شهور، إلا أنه أصر على مواصلة استعداداته للزواج.
ومساء الأحد، نظّم "زعرب"، زفافه، على أنقاض منزله المدمر، الواقع في منطقة المواصي الساحلية، جنوبي قطاع غزة.
وعلّق الشاب الفلسطيني، زينة الفرح، فوق ركام المنزل، حيث اجتمعت أسرته وأقربائه وجيرانه، وحملوه على الأكتاف، يصفقون، فيما تعالت زغاريد النساء، ونثرت الورود على الحضور.
لكن مظاهر البهجة هذه، لم تنجح في تجميل مشهد المنزل المُدّمر، أو تُخفي حجم الألم الذي عاشته أسرة العريس المكلومة، منذ أن دُمر منزلها.
وتعرض منزل أسرة "زعرب" المكون من طابقين للتدمير الكامل، في نوفمبر/تشرين ثان 2019، بعد قصفه من قبل المقاتلات الإسرائيلية، إبّان جولة تصعيد بدأت باغتيال إسرائيل للقيادي بحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا.
ووفق وزارة الأشغال الفلسطينية في قطاع غزة، فإنّ نحو 30 وحدة سكنية تعرضت للتدمير بشكل كلي وبليغ، وقرابة 500 منزل بشكل جزئي، فيما بلغت قيمة الخسائر الإجمالية التي لحقت بالمساكن والمنشآت نحو 2 مليون دولار أميركي، خلال جولة التصعيد تلك.
وتقول العائلة، إن بناء المنزل، المكون من طابقين، ويتكون كل طابق من شقة واحدة، استغرق نحو 10 أعوام، وكان من المقرر أن يسكن "العريس" محمد في إحداها.
ويضيف "زعرب" لوكالة الأناضول "10 سنوات كاملة، وأنا أبنى في شقتي، مع والدي، وحينما شارفت الشقة على الانتهاء، دّمرت الطائرات الإسرائيلية المنزل، بإلقاء المتفجرات عليه.
واستأجر "محمد"، منزلاً صغيرًا، مسقوف بالصفيح، مُطِل على ركام منزله المدمر، ليعيش به، بعدما سئِم انتظار إعادة بناء المنزل.
وتقول الأسرة، إن إصرارها على "الفرح فوق الأنقاض"، يهدف إلى "إيصال رسالة للعالم، أن القصف والقتل والحصار والدمار، لن يوقف عجلة الحياة، ويحرمهم فرحتهم".
ويضيف الشاب "محمد"، خلال مراسم الزفاف وهو يُشير بيده "هذا هو منزلي المدّمر، أَحتفل بزفافي على أنقاضه، بعدما حاولت الطائرات، خطف حُلمي وأسرتي، وسرقة فرحتنا".
ويكمل "ها نحن اليوم، نتحدى الدمار، والقصف، والحصار، والألم، والمعاناة، وبرد الشتاء، ونفرح سويًة، مع الأهل والجيران والأقارب، كأي شاب، هذا حقي أن أفرح وأعيش بسعادة؛ نحن لا نستسلم للواقع رغم قسوته".
وتابع "الطائرات الإسرائيلية أسقطت أكثر من طن من المتفجرات على منزلنا، وبقى منه الركام فقط ...زيّنته لإقامة حفل الزفاف بجواره، كي أُسعد عائلتي، التي تعيش حزن وقهر ومعاناة كبيرة، منذ القصف".
وواصل حديثه "الأشهر الماضية التي تلت القصف، عائلتي لم تهنأ يومًا، ونحن مشردون بلا مأوى، في انتظار بناء منزلنا مُجددًا؛ كل يوم نأمل أن يُعاد الإعمار، لكنه لا يبدو قريبًا، فأردت أن أجبر كسر قلب أمي وأبي، وأعيد البسمة لأسرتي، خاصة الصغار منهم، بالمضي في مشوار الزواج، وإقامة الزفاف على الأنقاض".
وأضاف زعرب "مهما حاول الاحتلال الإسرائيلي تدمير أحلام الشعب الفلسطيني، سيبقى صامدا، يتحدى مُر الحياة، المفروضة عليه".
وعبرت مها زعرب (44عامًا)، والدة العريس، التي وضعت حناء الزفاف في يديها، وقبلت نجلها من وجنتيه وجبينه، عن سعادتها مع أفراد أسرتها، لزفاف بِكرها؛ قائلة "هذه الفرحة التي كنت أتمناها وانتظرتها طويلاً؛ لا يهمني الأن متى سيُعاد بناء المنزل، المهم أنني فرحت بنجلي".
وأضافت الأم "هذه الفرحة تدخُل منزلنا للمرة الأولى منذ قصف المنزل؛ أتمنى أن تعيشها كل أمة فلسطينية؛ نحن شعبٌ صبر وصمد وضحى وتعِب كثيرًا، لا بد من الوقوف مع شعبنا، ولا بد أن يفرح ويعيش بأمن وسلام وسعادة، دون حروب".