في كل الاحوال لا يصح للفلسطينيين ان يعولوا على التغييرات – حصلت أم لم تحصل- في دولة الاحتلال؛ بل على انفسهم وطاقاتهم الخلاقة، ولنا في لجنة التواصل مثال واضح، ففوز "نتنياهو" شكل ضربة قاصمة لها، ولكل من راهن ان يجنح الاحتلال نحو السلام، فهو جنح جنوحا متطرفا نحو اليمين المتطرف بعد اعلان صفقة القرن بالانتخابات الثالثة.
التوقعات كانت تشير نحو الذهاب لانتخابات رابعة في دولة الاحتلال، لكن قد ينجح "نتنياهو" في تشكيل حكومة بعد فوزه ب 37 مقعدا مقابل 33 ل"غانتس"، وهو ما يعني مواصلة سياسية "نتنياهو" اتجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية تحديدا وعلى رأسها مواصلة التوسع الاستيطاني وضم الاغوار ومناطق "ج" والمستوطنات.
من ناحية غزة فان "نتنياهو" سيواصل نفس السياسة، دون الذهاب لحرب عداونية رابعة، مجرد جولات متتالية، وتهديدات بتصفية حماس والمقاومة، دون القدرة على التنفيذ، للثمن الباهظ المتوقع لمثل هذه خطوة، وهو ما يعني تزايد متواصل في قوة المقاومة.
من عول على الآخرين في تغيير وضعه وظروفه كان يخسر دوما، ومن عول من الفلسطينيين على الانتخابات في كيان الاحتلال باء بالندم والحسرة والخذلان.
لكن من يعول على تغيير ذاته وتعلم من اخطائه وخطط واستثمر قدراته فانه ينجح، ولذلك رأينا ان حملة الاحتلال الدعائية للانتخابات، خلت من ذكر الفلسطينيين سوى بضم الضفة الغربية كمزاد انتخابي، وحرب على غزة لانهاء المقاومة، فالاولى مقدور عليها بنظرهم، والظروف مواتية لذلك، والثانية، جربوها ثلاث مرات ولم ينجحوا.
حصل "نتنياهو" على مقاعد اوفر من منافسه "غانتس"، وصائب عريقات اعتبر ان الجمهور من الاحتلال صوتوا على مواصلة الاحتلال والاستيطان وعدم اعطاء الحرية للشعب الفلسطيني، مع ان الحرية لا توهب، بل تنتزع انتزاعا من حلوق الاعداء.
ما سيقوم بفعله "نتنياهو" ليس بحاجة لطول شرح وعمق تفكير وتحليل، وهو معروف وذاق الويلات منه الفلسطينيون من قمع وقتل وتهجير، والشعب الفلسطيني له خبرة طويلة مع مكر وخبث "نتنياهو"، وخبر كل طرقه واساليبه الماكرة.
سيعمل "نتنياهو" على جعل استمرارية القدس عاصمة موحدة ل"إسرائيل" وسيواصل هدم المنازل والطرد والتهجير، وعدم عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم، فبنظره لا متسع لهم بعودتهم، ومع شرعية الاستيطان وضم الكتل الاستيطانية الكبيرة، ومع الرواية الصهيونية للتاريخ، وتغذية الانقسام الفلسطيني بكل قوة، والاعتماد على القوة والعدوان والسيادة الأمنية، وضم الضفة بدون سكان ونهب خيراتها ومقدراتها، واعتقال الشبان وقتلهم على الحواجز وخلال الاقتحامات لمدن الضفة.
سيضغط "نتنياهو" اكثر لجعل القضية الفلسطينية مجرد قضية إنسانية، تحل اقتصاديا، ولذلك سيواصل زيادة تصاريح العمل، واللعب على وتر الحياة والمعيشة، وان الحياة ستتضرر في حالة وجود اي عمل مقاوم في الضفة
سيواصل"نتنياهو" التهام اكثر من 82% من مساحة فلسطين التاريخية، والتي هي الان بيده، وسيعمل على تفريغ مناطق (ج) من السكان، فهذا هو عنوان ضم الضفة الغربية في سياسة "نتنياهو" الماكرة وبعيدة المدى.
ما المطلوب بعد فوز "نتنياهو"، المطلوب فلسطينيا هو مواجهة التحديات والامواج العاتية القادمة، بسرعة ترتيب البيت الفلسطيني، والغاء "اوسلو" وما ترتب عليه خاصة التنسيق الامني، وسرعة الاتفاق على برنامج وطني موحد فالزمن يجري سريعا ولا يلتفت للخلف ولا لمن عقبوا وتراخوا في استثمار اللحظة التاريخية المفصلية.
د. خالد معالي
--
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت