يجب التدبر في كيفية استخدام مصطلحات مثل الأنوثة والهوية والشرف والرجولة...الخ. فالقمع الأقصى الحقيقي، هو ما يعاني منه المجتمع الذكوري، فاقد القوة الروحية ذات المغزى، والتي يتسنى للرجال من خلالها (قبل المرأة)، التحليق في فضاء الحرية، وبالتالي التوقف عن تحديد ما هو خير للمرأة وما ينبغي عليها فعله.
ووفقاً لذلك، إذا كان هنالك من رغبة جدية وصادقة في المجتمعات، للاعتراف للمرأة بحقوقها، بوصفها من الحقوق الأساسية للإنسان، هذا يعني إنه يتوجب علينا إعادة النظر، بكل ما له علاقة بثقافة المؤسسات المجتمعية، من أجل محاولة التفكير في تلك الحقوق، بشكل أخلاقي جدير بالاحترام، يختلف تمام الاختلاف عما كان يتم فهمه سابقاً. حيث لا يمكن الاعتراف بالعديد، من هذه الحقوق، من دون مواجهة بعض التحديات على مستوى مفهوم الحقوق بحد ذاته، أو الانتهاكات التي يكمن مجالها الحيوي في الحياة الأسرية. وهذا يتطلب بشكل حازم، أخضاع كلاً من الفكر الأسري والثقافي المتضمن البعد الديني للفحص النقدي الصريح. وانطلاقاً من ذلك يمكن لنا مقاربة هذا الواقع على هذا النحو:
1- هل من المنطق تبرير الانتهاكات بحق المرأة من خلال معايير ثقافية ودينية؟
2- إلى متى سوف يتم أتخاذ النساء كدليل على التكامل الثقافي والأخلاقي للمجتمع؟
3- ما هو المجال الحيوي الذي يُمكن المرأة من تجاوز منظومة التسلط والتهميش؟
يبدو أن المرأة قد وضعت في رحم دوامة تعريف الثقافات المغلقة، بوصفها ثقافات تحتفظ بالأشكال التقليدية للأنوثة، واعتبار انتهاك حقوقها أمراً مألوفاً ونمطاً شائعاً. فليس هناك من جديد، في حال رغبنا تقديم بعض المعطيات عن الواقع المرير للنساء، إذ تتزايد النزعة العسكرية إذا جاز التعبير، أو ما يسمى العنف ضد المرأة ( الأغتصاب المنزلي)، ناهيك عن ممارسات الختان في بعض المجتمعات، بالإضافة إلى الوهن الاقتصادي وعدم الاستقلالية المادية إلى حد ما.
ولكن من المتسغرب والمستهجن تقبل بعض النساء لتلك المظاهر، بحجة أنهن اعتدنا على تلك الممارسات، ومن المؤسف أيضاً أن الكثير منهنّ لا تعرف شيئاً عن مجرد استغلالها. وبالتالي، بكل تأكيد عند محاولة تقييم تلك الإشكالية الهجينة والجدلية المركبة، سوف يتم الاصتطدم بقساوة ووطأة التساؤلات التالية:
- لماذا لا ترتبط وتكتمل رجولتنا إلا فقط، بقمع نسائنا؟
- هل يجب أن يرتكز المجال الحيوي الضامن لحقوق المرأة على منظومة قانونية شاملة بدلاً من الارتكاز على ثقافة المجتمع الذكورية؟
- هل يحق للمرأة انطلاقاً من مبادئ حقوق الإنسان قبول انتهاك إنسانيتها؟
سلام الربضي: مؤلف وباحث في العلاقات الدولية \ اسبانيا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت