أرسل أحد الفلسطينيين رسالة عبر البريد الإلكتروني , الى أحد الإعلاميين والمحللين السياسيين المشهورين على مستوى فلسطين والوطن العربي (...) , وقال له في الرسالة "يا ريت غزة مفتوحة على العالم , ويا ريتنا عايشين متل العالم , ومش مهم لو أصابتنا الكورونا" , وجاءت هذه الرسالة بعد أن قال الإعلامي عبر الصحف "إن حصار غزة قد يساعد في عدم إنتشار الكورونا , فرب ضارة نافعة" , وهذا الرأي والرأي الآخر بين المواطن التعبان , والإعلامي المرتاح , هو جانب بسيط مما سمعناه عن الكورونا , فالعالم قام ولم يقعد بسبب هذا الفايروس , وهذا وسط حالة طوارئ عالمية لم نشهدها من قبل , ووسط الإنشغال على مدار الساعة في وكالات الأنباء والصحف والفضائيات والإذاعات , وهذا كله يدل على إجتهاد الإنسان كي يدفع الموت والخطر عن نفسه كما أمره الله , ولكنه يدل أيضاً على قضاء الله وقدره , والذي لا حول ولا قوة للإنسان فيه , فقال تعالى : "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة" صدق الله العظيم .
إن مسألة القدر ليس بالإختيار , فقال تعالى : "إذا قضي أمراً فإنما يقول له كن فيكون" صدق الله العظيم , ومن هنا فنحن نكتب وننشر ما نقرأ في حياة الناس وسلوكهم , وبناء على ذلك نعقب ونقيم ونفسر , وفي النهاية الأمر كلة متروك لقضاء الله وقدرة , وأيضاً لسلوك الإنسان في الإختيار , فكل إنسان له إختياره الخاص , وهذا الإختيار بالطبع يترتب عليه ثواب وعقاب , فقال تعالى : "كل نفس بما كسبت رهينة" صدق الله العظيم.. ويبقى السؤال في عقول الناس نظرياً , ومرهوناً في مزاجهم والذي يتغير في كل ساعة , والسؤال هو : أيهما افضل لنا , موت كورونا أم موت الإنقسام؟ , فغالب الناس يجيبون بالقول : إن الموت الأبدي أرحم لنا من حياة الإنقسام القاسية والتي نموت فيها كل يوم , وربما يقولون العكس في أقل من ساعة بحسب مزاجهم المتقلب , فقال تعالى : "فأعلم أنما يتبعون أهواءهم" صدق الله العظيم , ولكن هناك في غزة والموبوءة بالإنقسام , أشخاص يتبعون أهواءهم بالفعل وليس بالقول , فأختاروا الموت بأبشع صوره من أجل التخلص من موت الإنقسام , فقاموا بحرق أنفسهم في شوارع غزة , وهذا إذا دل فهو يدل على أن كثير من الناس يموتون في اليوم ألف مرة في غزة , ويرون أن الراحة في الموت مرة واحدة والى الأبد..
رغم أن هناك أشخاص في غزة يختارون طريقة للموت أفظع وأبشع من فايروس كورونا , وهي طريقة الموت حرقاً , وذلك لأنهم يموتون ألف مرة في اليوم بسبب الجوع والفقر والقهر والظلم , إلا أن هذا القهر والجوع والظلم ليس مبرراً أن الإنسان لا يصبر , فقال تعالى : "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" صدق الله العظيم , وليس مبرراً أيضاً أن يتقل الشخص نفسه , فقال تعالى : "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" صدق الله العظيم , ففي هذه الأيام العصيبة والتي نعاني فيها كفلسطينيين من فايروس الإنقسام وفايروس كورونا يجب أن نستعين بالله , فقال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين" صدق الله العظيم , ويجب أن نتوحد ضد هذه الفايروسات وكما أمرنا الله , فقال تعالى : "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" صدق الله العظيم . ويجب أن نغير من سلوكنا ونحسن من آداءنا ونكون فعالين وأصحاب رأي وقرار , فقال تعالى : "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم .
اشرف صالح
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت