الوباء كورونا لم يختص بلداً دون آخر، أو شخصاً دون غيره، كورونا وباء لا داعي للخجل من اعلان اعداد المصابين به.
كما ان مكافحته ينبغي أن تكون مسؤولية الجميع وليس مسؤولية الحكومات فقط.
فللمجتمعات أدوار حاسمة في التغلب على الوباء، ليس من خلال الاستجابة لتوجيهات المختصين في سبل الوقاية من العدوى فقط، بل ومن خلال تجنيد مزيد من الامكانات والقدرات التي قد تفتقر لها الحكومة في غزة، في ظل تخلي السلطة في رام الله عن مسؤولياتها حيال محاربة الوباء في غزة، رغم تلقيها 10 ملايين دولار لهذا الشأن من قطر، و5 ملايين دولار آخرى من الكويت، إلا أن غزة لم تتلقى من هذه الاموال شيئا.
ما يفرض على غزة ان تستنفر قدراتها وامكانات شعبها المنهك في مواجهة الوباء الذي بات يجتاح العالم.
والنجاح في التصدي للوباء ليس نجاح للحكومة بل هو نجاة للجميع، فلنفكر في النجاة وليس في المناكفات والقاء المسؤوليات على الاخرين.
مخطئ من يظن ان المسؤولية تنحصر في وزارة الصحة أو الداخلية، فليس مطلوبا في هذه الظروف الحرجة علاج القوة، بل قوة العلاج.
وقوة العلاج لا تتحقق إلا بتكامل الأدوار، فللتوعية والتثقيف دور كبير، كما أن للاعلام نصيب حاسم ايضا، إعلام مبادر ذو خطط استباقية وليس اعلام ردود أفعال.
الوسطية نابعة من ديننا، والمبالغة والحرص الشديد قد يأتي بنتائج عكسية وغير مرغوب فيها لصالح اثارة الهلع المفضي إلى المعاندة في اتباع التعليمات اللازمة للوقاية.
غزة الفقيرة بامكاناتها نظرا لتخلي السلطة في رام الله عن مسؤولياتها
تعيش أزمة عميقة قبل وباء كورونا وبعده، والحصار الذي فرض على غزة منذ 14 سنة وضعها في شبه حجر صحي طبيعي جنبها بفضل الله تعالى وجود اية إصابة بالوباء حتى الآن حسب وزارة الصحة.
غزة التي تحكم منذ 14 سنة من حكومة تشبه خلية أزمة، بدى على تعاملها مع الأزمة ارتباك غير مبرر مع كل هذه الخبرة الطويلة.
غزة التي تعيش أزمات لا تنتهي بحاجة إلى خطة موضوعية مكتملة الاركان تمثل خطة إنقاذ سريعة تضمن مشاركة الجميع مجتمع مدني وحكومة، خطة تعيد الثقة للشعب، وتقنع الجمهور.
صور وإفادات المحجورين في مدرسة مرمرة في مدينة رفح مهينة وغير لائقة، أهانت كرامتهم وفضحت خصوصيتهم، ولا تتوفر فيه شروط الاحتجاز الصحي بما يلبي شروط الإقامة الصحية الملائمة والاحتياجات الأساسية، ما اثار اللغط وأعاد أجواء النقد والمناكفة في وقت أحوج ما نكون فيه لاشاعة قيم التضامن والتعاون، واستنهاض قوى المجتمع المدني فكرا وعملا لمواجهة خطر تفشي وباء كورونا.
المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق المجتمع ومؤسساته الخاصة كالبنوك والشركات المالية والتجارية الكبرى، بحاجة إلى استنهاض عميق كي لا تبدوا وكأنها تخلت عن مسؤوليتها الاجتماعية.
فالوباء لم يأتي للفقراء واستثنى الأغنياء، والوباء لم يأتي للشعب واستثنى أرباب الشركات والمؤسسات، لذا بات على هذه المؤسسات والشركات أن تأخذ زمام المبادرة، لأخذ دورها كاملا في تجنيد الدعم والمشاركة في مواجهة وباء كورونا بكافة الوسائل والسبل المتاحة.
المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية لا تتجلى في أوقات الرخاء بل في أوقات الشدة، وهنا يأتي دور المؤسسات العريقة في المجتمع لقيادة هذه المبادرات كجمعيات رجال الأعمال واساتذة الجامعات وغيرها.
كتب: عماد عفانة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت