وباء الفيسبوك..

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح

إن كل ما نقرأ أو نشاهد على صفحات الفيسبوك هو بالحقيقة يتم نشره بهدف لفت الأنظار ونيل إعجاب الآخرين , وبغض النظر عن قيمة المحتوى "المنشور" والتي أصبحت تعتبر مادة ثانوية بالنسبة  للناس , فكل ما يهم الناس اليوم على الفيسبوك هو لفت الأنظار إليهم والحصول على إعجاب أو تعليق , وطالما أن الناس حددوا هدفهم الأساسي وهو لفت الأنظار , فهذا يتطلب منهم أن لايضعوا معايير خاصة للمحتوى المراد نشره , فكلما كان المحتوى  ملفت للنظر , كلما نال إعجاب الآخرين من باب الإندهاش والمجاملات , بالإضافة الى أن هناك أشخاص لا يجاملون ويعلقون على المنشور بالتهجم والشتيمة , وفي المقابل يتم الرد على الشتيمة بالشتيمة , وعندما تجتمع  الشتائم والمجاملات والإعجابات والمشاركات سوياً وعلى منشور واحد , يكون الناس الذين يبحثون عن الشهرة قد حققوا هدفهم وإستطاعوا أن يلفتوا الأنظار إليهم , حتى ولو كان هذا على حساب مبادئهم وقناعاتهم الشخصية .

تنقسم أساليب الناس في النشر على الفيسبوك الى أربعة أساليب رئيسية , وقد يتفرع منها أساليب كثيرة ومشابهة ,  وهي كالتالي .

  • نشر الصور بكثافة سواء كانت خاصة أو عامة , أو صور مناسبات سعيدة أو تعيسة , أو صور شخصية أو عائلية , وبالإضافة الى الصور مع القيادات والمسؤولين ونجوم ومشاهير المجتمع .
  • نشر المنشورات المثيرة للجدل من خلال مخالفة الرأي للآخرين والإعتراض على كل شيئ حتى ولو كان هذا الشيئ إيجابي , وسواء كان الرأي خطأ أو صواب فهذا لا يهم الناشر بقدر ما يهمه لفت الأنظار إليه .
  • نشر منشورات التسحيج والتطبيل والترويج لشخصية ما , أولمسؤول ما , أولحزب ما .
  • نشر الأخبار الكاذبة , وهذه تعد من أخطر الظواهر على الفيسبوك , لأنها لا تتعلق بحرية الناشر فحسب , إنما تتعلق بحرية الآخرين , وتشكل عبئاً كبيراً على المجتمع , لأن الخبر الكاذب قد ينشر الفوضى في المجتمع , ويهدم المصداقية بين الناس , بالإضافة الى أنه يكلف وسائل الإعلام الرسمية بالبحث عن الخبر وإثبات صدقه من عدم صدقه ,  وهذا يتطلب تشغيل طواقم إعلامية خاصة للبحث والتغطية والتصوير والنشر...إلخ , وكل هذا بسبب شخص فاضي  يبحث عن الشهرة .

 

إن وباء الكورونا والذي جاء مؤخراً كان محفزاً رئيسياً لوباء الفيسبوك , فأصبح الناس ينشرون على  مدار الساعة بما يتعلق بوباء الكورونا , وذلك بإستخدام الأساليب الأربعة المذكورة أعلاه , وضف على ذلك إسلوب التناقض في الحديث عن هذا الوباء المستجد , فأحيانأ نقرأ المدح ونقرأ الذم على نفس الموضوع وفي نفس الصفحة , ونقرأ أيضاً لشخص ينصح الناس بالإلتزام في بيوتهم ونجده لا يغادر الشارع , ونقرأ أيضاً لشخص يطالب بفرض منع التجوال وهو في الحقيقة سيكون أول معترض على هذا المنع , وهناك كثير ما نقرأ قد يخالف ما نرى..

 

ختاماً أريد أن أؤكد أن ما كتبته عن وباء الفيسبوك والذي تمثل في البحث عن الشهرة , قد يجمع غالب الناس في حب الشهرة , ولكن لا يجمع بينهم في الإسلوب , فهناك أناس يكتبون على الفيسبوك بطريقة راقية ومفيدة , وأتمنى على الجميع أن يتبع هذه الطريقة وخاصة في هذه الأيام , ففي ظل إنتشار وباء الكورونا نحن بحاجة لضبط النفس وعدم الكتابة بهدف لفت الأنظار والبحث عن الشهرة , وإنما تكون الكتابة بهدف نشر الوعي بين الناس وطرق الوقاية والحماية , ويجب القضاء على وباء الفيسبوك ومن ثم القضاء على وباء الكورونا .

 

اشرف صالح

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت